أنا دوحة للعشق مغنى ومربع وريشة رسّام تقول، فيُسْمَع أنا لغة الضادْ أنا عنوانُ العِزِّ والأمجادْ بي كَلَّمَ الرحمنُ وبي أُنزِل القرآنْ بي جاءت الشريعةُ السمحاءْ بي ظهرت المحجةُ البيضاءْ بي كلَّم الرسولُ بجوامع الكلمْ بي نوَّرَ الدنيا بنور الحق ...أنا ضمير رفع منفصل للمتكلم . أنا الاستهلال والمبتدأ وبها استهل الشاعر للتعبير عن الذات في ضخامة الحدث وعظمة الصورة للمعنى كالشجرة العظيمة المتشبعة ذات الفروع الممتدة من الشجر أو كدوحة من شجرة نسب لها كرم وحسب.. فيقول جبران خليل جبران، إن المحبة متى اتسعت صعب التعبير عنها بالكلام، والذاكرة إذا كثرت أحمالها سارت تفتش عن الأعماق الصامتة، لكن الشاعر رفعت شميس استخدم لفظة الدوحة للتعبير عن الصبابة والانجذاب والتفرد في الحب كبيت أنيق من الشعر العظيم أو قطعة شعر لها مقاطع أربعة كي يستطيع التعبير عن الجمال الأعظم في أسرار الذات. ويسخرها في بوتقة الرسام كريشة خرجت عن الصمت لتتحدث بالألوان... لكم غنت الأطيار لحن مودتي وكم راح قلبي في المحبة يرتع فلا تعذليني لو جعلت قصائدي جداول عشق من ربوعك تنبع تحبني كل نساء المدينة يا....... .. و تهتم فتياتها بأمري فمن منهن سيطاوعها قلبها على سرقة قلبك مني؟؟ أعلم أن المساء بلا صوتي يرعبك .. و أن الشتاء بلا يدي يرعبك و أن الظلام بلا يدي قلبي يرعبك .. و أن الزحام بلا ذراعي يرعبك.. فأنا وأنت عاشقين. فلما نكابر وقد أصرت الكلمات أن تعبر المعابر وتدون بالمحابر، كيف يكون الهوى؟ يخرج علينا الشاعر. في حالة من التعجب السماعي والاستثناء الخارج من ثوب الأطيار كغلاف لمعنى يستره ثم ينشق عنه ويعلن الغناء مع ألحان المودة والحب والوفاء ثم يعاود ويخرج بالكم الثانية ليميز القلب في المحبة أنه الراع الذي يرعى في مراعي خصيب واسعة، فما أظلم الإنسان، إذ أنه يجد دائما كل هذا الحب المتبادل الذي يذكرني بقول أمير الشعراء لماذا الخوف إذاً وقد ابتلعنا الحنين كل ليلة والفراق في غياب أحدنا ليلة لا تجيد الهمس ولا العشق ولا الطيران فلا تلوميني لو جعلت كل حروفي وقصائدي هي الحقيقة المجسّدة فيك وبك فأنت المدينة والطريق بلا جنوني يرفض جداول عشقي فسامحني لو جهرت بأبيات شعر تشهد إنك الوحيدة التي كتبتك، لونتك، وسألت عنك في دمي أنا عاشق .. جنّ الغرام بقلبه فليس كمثلي عاشق يتلّوع أنا شاعر يسمو البيان بشعره وأدعو القوافي للقريض فتخضع وحين لعينيك البيان أصيغه فيعاودني شوقي مرة أخرى جاذبتني ثوبي العصي وقالت ... أنتم الناس أيها الشعراء فاتقوا الله في قلوب العذارى ... فالعذارى قلوبهن هواء وإن عجبت لشيء فعجبي لرجال أحبوا حتى الأعماق وأعادوا كتابة التاريخ ورثيت كثير الراحلين أحياءهم وأمواتهم قد شاءت المنافسة في الحب أن يتأبط الشاعر سلال من المعاني وحروفها. التي لم تجد مسرحا خيرا من أمواج البحر لكن عندما نتوقف أمام من أصاب جنون غرام قلبه فانفلق قلبان في عاصفة اللوعة التو خيرا ًمن أمواج البحر وما يحرك الأشجان ويغذي الوجدان، أروع من عاصفة من عواصفه حين يسمو بخطاب الشعر ويدعو كل قوافي الشعر قاطبة وأشار إلى ذراعه المعلقة على الأوراق كي تصوغ كل آيات البيان في بيت من شعر أراني بعجزي لا أجيد وأبدع فيا شام إني قد كتبت قصيدتي صدى جِرْسها في مهجتي يترجع أحبك ما عشت الحياة فإن أمت فحسبي بأني في ترابك أهجع إننا اليوم نعرف أكثر مما نعرفه قبلا فقد كنا نحسب أننا ندرك غايتنا لكنه الارتياب فينا لقد استنزفت المنازعات دمها في نفس الشاعر حتى وقعت تحت نير الأنا والخضوع للعجز وأن في ذلك وحده ضمانا كافيا حتى لو نسى إنه يحب ويعشق من قمة رأسه إلى أخمص قدميه وإنه لا يستهدف سوى التعبير عن الجمال والهوى في الحب فلقد خطر ببالي هذا الاحتمال وأردت أن اعترض لكن أسكتني أن في هذا التفسير مسلكه (فيا شام) كي يصل بالخطاب في الشطر الثاني من البيت لتبدأ حالة من التغير الجذري فيا لحالة النفسية والعاطفية والشعورية كرجل حافي القدمين يردد بصره بين الحاضرين كأن الشام لا تحيد أنظارها في صواب الافتراض عن مهجة الشاعر وأنها لا تغيب حتى تعود إليه فيتذكرها. وما أروع الدلالة هنا في بلاغة الوصف التعبير أحبك ما عشت الحياة فإن أمت وما كان أشد هولاً وأعصى على الحب سوى الخلود إن أمرته لا يطيع ولا تحسبن أني أرضى لنفسي أن أكون حيث أنا لولا القضية التي أخدمها قضية بلادي فحسبي بين الخلائق أني في ترابك أهجع ولست أرتاب في إخلاص الشاعر مطلقا ولكني أرتاب في بيان كلماتي فمن ذا الذي يصدق ذلك.