عرض، أمس، وزير المالية محمد لوكال، خلال اجتماع للحكومة برئاسة الوزير الأول نورالدين بدوي، النسخة الأولية لمشروع قانون المالية 2020، الذي يتميز بالعودة التدريجية للمنحى الميزاني وفقا لمنهج الصرامة والعقلانية وتطهير المالية العمومية، مع وضع أهداف للعودة إلى التوازنات الاقتصادية الكبرى والحفاظ على الدعم الاجتماعي للدولة للفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، وحماية القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين إطار معيشتهم. وبحسب بيان لمصالح الوزير الأول، فإن مشروع القانون يهدف إلى تنفيذ المحاور الكبرى المتمثلة في ترشيد نفقات سير المصالح والإدارات العمومية وعقلنة النفقات العمومية والواردات من الخدمات والسلع وتعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الأعمال وتنويع وتوسيع مصادر تمويل الاقتصاد الوطني وتحسين مداخيل الإيرادات العادية لميزانية الدولة عبر الرفع من آداء عمليات التحصيل الجبائي، وتبسيط الإجراءات الجبائية والجمركية، ومكافحة التهرب الضريبي. ومعتمدا على توقعات حذرة لعائدات الجباية البترولية، في ظل ظرف خاص يميزه عدم استقرار سوق المحروقات، يتوقع مشروع النص، مع الحفاظ الكلي على السياسة الاجتماعية للدولة، نموا اقتصادي مضطردا نسبيا، وعقلنة كبيرة للواردات من السلع والخدمات مع نسبة تضخم متحكم فيها، يضيف نفس البيان. فالنفقات العمومية في هذا المشروع ستعرف انخفاضا بنسبة 9,2%، وهذا الانخفاض يترجم انخفاض نفقات التسيير بحوالي 1,2% ونفقات التجهيز ب20,1%، بعد عمليات إعادة ضبط وتأطير نفقات الدولة. أما الإيرادات العمومية، وبالرغم من تسجيلها لارتفاع بنسبة 5,3% بالنسبة للجباية العادية، إلا أنها بصورة عامة ستشهد انخفاضا ب8,3%بسبب الجباية البترولية التي ستبلغ 2.200،3 مليار دينار سنة 2020. أما في مجال الأحكام التشريعية والجبائية المقترحة، فهي تندرج، بحسب البيان، في إطار تحقيق نجاعة النظام الجبائي عبر تحسين مستوى التحصيل الجبائي ورفع واردات ميزانية الدولة، لاسيما عن طريق الجباية العادية والتوسيع التدريجي لقاعدة الوعاء الضريبي. كما تهدف إلى تعزيز جاذبية الاقتصاد الوطني، ب «رفع القيود المقررة في إطار قاعدة 51 / 49٪ المطبقة على الاستثمارات الخارجية في الجزائر، والتي تمس القطاعات غير الاستراتيجية». ويقترح مشروع القانون إمكانية اللجوء، بطريقة انتقائية، إلى التمويل الخارجي لدى المؤسسات المالية العالمية للتنمية، لتمويل المشاريع الاقتصادية الهيكلية وذات المردودية، بمبالغ وآجال تتوافق مع مردودية هاته المشاريع وقدرتها على التسديد. كما يقترح إمكانية لجوء المواطنين المقيمين، إلى استيراد المركبات السياحية المستعملة، بمواردهم الخاصة مع تسديد الحقوق والرسوم المتعلقة بذلك إلى جانب تدعيم فرض ضرائب ورسوم على الثروة والممتلكات بناء على مؤشرات الثراء العقارية وغير العقارية، من أجل ضمان التقسيم الأمثل للأعباء الضريبية بين كل المواطنين. الحفاظ على التوازن المالي أمر حتمي وفي تدخله، ثمّن الوزير الأول المقترحات الواردة في مشروع قانون المالية، والتي «تترجم صراحة القرارات التي اتخذتها الحكومة في مجالات ترشيد النفقات العمومية والحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، خاصة ما تعلق منها بتقليص عجز ميزان المدفوعات». في هذا الشأن، حدّد الوزير الأول الإطار العام الذي يجب أن يعتمده هذا المشروع، الذي أكد أنه يجب أن يحافظ على الطابع الاجتماعي للدولة، دونما المساس بالمكتسبات المحققة لفائدة المواطنين. في هذا السياق، أسدى السيد بدوي توجيهات بأن يتم إعداد مشروع قانون المالية 2020 في ظل اللجوء إلى التمويل العادي والاعتماد على الإيرادات العادية للميزانية بصورة أساسية. كما طالب بمواصلة قرارات الحكومة الهادفة لتقليص عجز ميزان المدفوعات والحفاظ على احتياطات الصرف. وتم في هذا الإطار دعوة الفوج الوزاري لبذل مجهودات أكثر من أجل تخفيض مبلغ الواردات إلى أقصى حد. وبهدف استقطاب رؤوس الأموال الخارجية لفائدة الاقتصاد الوطني وخلق الثروة ومناصب الشغل وترقية النشاطات الاقتصادية في عديد القطاعات، التي تعاني قيوداً وعوائقَ تكبح الفعل الاستثماري، دعا الوزير الأول لوضع كل الآليات العملية الكفيلة بتحسين مناخ الأعمال وتوفير كل الشروط المحفزة لذلك. كما دعا إلى تجسيد قرار السماح للمواطنين باستيراد السيارات المستعملة لأقل من 3 سنوات والذي يكون على حسابهم الخاص ووفق المعايير والمواصفات الدولية، لاسيما حماية البيئة وإعفاء المؤسسات الشبانية (start-up) واستثمارات الشباب الحامل للمشاريع من الضرائب والرسوم المختلفة وإقرار تحفيزات لهم وتسهيل وصولهم إلى العقار لتوسعة مشاريعهم. وأمر بتكليف لجنة تتكون من وزارات المالية والصناعة والبيئة والعمل والتجارة والفلاحة، باقتراح حزمة الإجراءات والتسهيلات اللازمة ضمن مشروع هذا القانون من أجل الدفع بهذه الفئة من المؤسسات لتجسّد مشاريعها. وقصد الرفع من تحصيل إيرادات وحقوق الدولة والجماعات المحلية، طالب بتحديد الأهداف المقرر وصولها ضمن قانون المالية 2020 بصورة واضحة وفقا لنظرة جديدة تعتمد على الالتزام بتحقيق النتائج المسطرة مع وضع كل الإمكانات والتحفيزات لفائدة الأعوان المشرفين على عمليات التحصيل لبلوغ هذه الأهداف التي تكون محل تقييم دوري. كما طالب بدوي بترشيد نفقات تسيير الإدارات العمومية، وتفعيل العمل بالأحكام الجديدة لتفويضات المرفق العام بمنح تسيير المرافق العمومية الجوارية لفائدة الشباب الحامل للأفكار أو مجموعة من الشباب خريجي الجامعات والمعاهد، كدور الحضانة والمكتبات البلدية والمسابح الجوارية والأسواق الجوارية البلدية وغيرها من المرافق الجوارية. ودعا كل القطاعات لأن «تكون في مستوى الصرامة المالية والميزانياتية التي تفرضها المرحلة والتحلي بالحس العالي للمسؤولية تجاه التحديات الكبرى التي تنتظر بلادنا، وكذا تسيير الشأن العام وهي مسؤولية وواجب وطنيان على الجميع تحملها، بترشيد استهلاكنا ونبذ كل مظاهر الإفراط والتبذير»، يضيف البيان.