ألقى الحراك العربي الذي تعرفه بعض البلدان العربية، في محاولات شعبية لإحداث تغيير في الأنظمة الحاكمة، بضلاله على أشغال الملتقى الدولي مالك بن نبي واستشراف المستقبل من شروط النهضة إلى الميلاد الجديد المنظم في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث أجمع المشاركون على ضرورة النهل من أفكار مالك بن نبي لاسيما في الشق المتعلق بقابلية الاستعمار، للتصدي لمحاولات الدول الغربية الرامية إلى دفع العالم العربي والإسلامي إلى مزيد من التخلف والتقهقر تحت عنوان المساعدة على دمقرطة الأنظمة. وقال وزير الشؤون الدينية والأوقاف بو عبد الله غلام الله، في كلمة ألقاها أمس خلال افتتاح أشغال الملتقى بكلية الطب بجامعة تلمسان، إن »مسائلتنا اليوم لفكر مالك بن نبي تنطلق من واقع حضاري بهدف استخلاص الاقتراحات والحلول للإشكاليات التي نعاني منها نحن المسلمين، والخروج برؤية واضحة لمفهوم النهضة«. وأردف قائلا: »أمالنا المعلقة اليوم على هذا الملتقى هي بحجم المشكلات الحضارية التي نعيشها« مشيرا إلى أن ما نعيشه اليوم من ضعف وتأخر، ناتج عن اعتمادنا عن حضارة ليست من صنع أيدينا، فقد بات العالم العربي والإسلامي يبني فلسفته في المجالات المالية، والاقتصادية ونظم الحكم على الفكر الغربي، في حين باستطاعته صناعة مفاتيح كل مشاكله بالفكر الحر والأصيل. وأضاف الوزير، أن الخطأ الأكبر هو أن يستقر في ذهن العرب والمسلمين أن التحضر هو باستهلاك منتجات حضارية ما، مؤكدا أن الحضارة هي ما ذهب إليه مالك بن نبي في كتابه شروط النهضة. وأعتبر غلام الله، أنه بالإمكان الاستفادة من أفكار مالك بن نبي لإحداث نهضة وتغيير في الدينامكية الاجتماعية مستدلا، ذلك بنجاح التجربة الماليزية، والتركية والاندونيسية، داعيا المشاركين في الملتقى من مختصين وباحثين إلى بلورة الأفكار في مقترحات يمكن تعميمها في المقررات المدرسية والجامعية لتنشئة الجيل الجديد عليها. بدوره أكد علي بوغازي مستشار رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها بالمناسبة أننا بحاجة ماسة إلى أفكار مالك بن نبي التي شخص فيها بعبقرية الطبيب أمراض هذه الأمة ووصف لها الدواء المناسب مضيفا أن هذه الأفكار من شأنها أن تضع الأمة على طريق النهضة الحقيقية. وقال بوغازي أن الملتقى جاء في وقته حيث يدار لقاء حول مدى قدرة الأنظمة العالمية في معالجة ما تعرفه البشرية لازمات مست المال والأعمال وعلاقات الأمم بعضها بعض. من جهته والي ولاية تلمسان، عبد الوهاب نوري أكد أن ما يهمنا في فكر مالك بن نبي التعرض إلى الأفكار العميقة التي خلص إليها في دراساتها العديدة، لاسيما تلك التي وضع فيها منهج لبناء حضاري جديد وشخصت أسباب الداء ومواقع الضعف في الدول العربية والإسلامية. ولفت الانتباه إلى أن مالك بن نبي كان من بين الذين امنوا بحدوث التغيير في المجتمعات الإسلامية، ولكن التغيير التي تقف وراءه الإمكانيات والإرادة في التغيير. وتعجب في هذا الصدد من الطريقة التي يتم بها تغيير أنظمة الحكم في البلدان العربية، حيث قال »من العجب والمؤسف والحيرة أن نرى شعوب تطالب بالتدخل الأجنبي لإحداث تغيير في نظام الحكم أو إرساء الديمقراطية« وهو ما يؤكد نظرية قابلية الاستعمار التي تحدث عنها مالك بن نبي في مؤلفاته. وأضاف متسائلا أيعقل أن تنادي بعض الشعوب بالتدخل الأجنبي من أجل دمقرطة الحكم؟ وهل فعلا تريد هذه القوى الصلاح؟ قبل أن يضيف أن إرادة التغيير لا ينكرها أي احد، غير أن تحقيقها ينبغي أن يكون بالاعتماد على الوسائل الذاتية وليس على وسائل الغير. أما الشيخ بوعمران رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، فقد دعا إلى إعادة تنظيم مثل هذه الملتقيات عبر كامل ولايات الوطن، لأن شباب اليوم بحاجة ماسة إلى هذا النوع من المفكرين والمجددين.