الجديد واللافت للانتباه في هذه الطبعة 24 من الصالون الدولي للكتاب هي الكتب التي تتحدث عن الحراك الشعبي، وهو مازال يشهد سيرورته، فهل ألهم هذا الأخير بما يحمله من مادة دسمة الكتُاب فأسال الكثير من الحبر سريعا أم أنه هو ركوب موجة لتحقيق مبيعات أكثر واستقطاب الجمهور في أهم حدث أدبي في الجزائر. عبد العالي رزاقي: كتابي مخضرم والكثير من المفاجآت في انتظار القرّاء أوضح الأستاذ عبد العالي رزاقي أن كتابه عن الحراك والموسوم ب «الهبّة الشعبية 22 فيفري ..سقوط حزب فرنسا» لدار النشر «الأمة»، ليس ركوبا لموجة وليس عملا سابقا لأوانه، بل هو كتاب مخضرم استغرق فترتين من الزمن لإصداره، حيث كانت الفترة الأولى سنة 1984 حين أجرى فيها لقاءات متعددة مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة بغرض كتابة مذكراته ليكتمل هذا العمل «بالهبّة الشعبية»، كما وصفها الكاتب التي ألهمته لإنهاء الكتاب. أضاف رزاقي أن كتابه يحمل زخما من المعلومات والمفاجآت للقارئ بداية بالمعلومات التي قدمها له الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في ذلك الوقت ونهاية بالأحداث التي شارك فيها وعاينها عن قرب في فترة الحراك. جمع الكاتب في مؤلفه بين الدراسة التاريخية والتحليل السياسي، كما اعتمد على الإثارة الجذابة من خلال كشف بعض الحقائق مستهلا أول الفصول بالحديث عن تاريخ الدساتير الجزائرية في الفترة ما بين 1962 إلى غاية يومنا هذا حيث توصل من خلال بحثه إلى أن أول دستور جزائري سنة 1963 كتب على يد مؤسس الحركة الإخوانية في المغرب العربي. كما رصد رزاقي في فصل أخر النكتة السياسية في الجزائر بين 1962- 2019 خاصة منها المتعلقة بالرؤساء، مصنفا كل رئيس والنكت التي ظهرت في عهده، بعدها انتقل الكاتب إلى رصد الجمعات وتحديدا إلى غاية الجمعة 33 من الحراك مقدما كل الخصائص التي ميزتها والتطورات التي شهدتها بالإضافة لدراسة عدد المشاركين في كل جمعة مع التغير الثقافي لهم ليتناول بالتوثيق والتحليل الشعارات التي تغنى بها المشاركون سواء كانت الأغان والأهازيج الرياضية أو الشعارات الأخرى التي كان أخرها هو «لا تبون لا بن فليس الشعب هو الرئيس» متوقفا عند البعد التاريخي لهذه الشعارات. أما أهم ما جاء في الكتاب يقول عبد العالي رزاقي هو ما قدمه من حقائق وفكه لبعض خيوط المؤامرة وبداية التحضير للدفع بالجزائر تحت الوصاية الفرنسية حيث تحدث في الكتاب عن اتفاق «فال دغراس» هو اتفاق سري لتمديد اتفاقية إفيان هذه الأخيرة التي ظهرت في بعض المناشير، لكنها لم تنشر كوثيقة رسمية بحسب الكاتب، كما تعرض بالحديث عن اللقاء الذي تلى اتفاق «فال ديغراس» وهو أول اجتماع جمع بين مستشار الرئيس السابق السعيد بوتفليقة والرئيس السابق للمخابرات الجزائرية محمد مدين ،المدعو الجنرال توفيق والفرنسيين في السفارة الجزائرية في فرنسا قبيل انطلاق المسيرات بشهر حيث اجتمعوا للتحضير للفترة ما بعد عبد العزيز بوتفليقة هذا الاجتماع الذي أعقبه اجتماع أخر لرجال أعمال ونخب السياسة وشخصيات وطنية مع الفرنسيين، لكن الكاتب تحفظ أخلاقيا، يقول في نشر الأسماء. قدم الكاتب شرحا مفصلا في كتابه حول محاولة الإنقلاب على المؤسسة العسكرية من خلال تقديم اليامين زروال لقيادة مرحلة انتقالية، موضحا انه كان أحد الذين نادوا بذلك وعمل عليه مع مجموعة من الأشخاص قبل ان يكتشف انها محاولة انقلاب حيث بدأ البحث وقام بنشر الأمر ومن كان وراءه. الكتاب تطرق أيضا إلى المبادرات السياسية لإيجاد حل للوضع التي تعيشه الجزائر، لكن أسهب في الحديث عن مبادرة «بينام» وهو مشروع شارك فيه، انطلق يومين قبل الحراك أي يوم 20 فيفري، أين كانت البداية بالاجتماع لدى رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله لينتهي بحضور حوالي 900 شخص، ويقول الكاتب انه تم التحضير لوثيقة ختامية، لكنهم تفاجأوا من أن بعض الجهات من المشاركين معهم حاولوا تشويه الوثيقة وإفشالها، كاشفا من خلال كتابه تلك الجهات وأغراضها ومن كان وراءها. كما تضمن المؤلف مقاربات وقراءات في بعض القوانين، خاصة منها المتعلقة بتوزيع المهام مسلطا الضوء على كم التعيينات في مرحلة رئيس الدولة عبد القادر بن صالح والتي تعتبر سابقة في تاريخ الجزائر، كما قدم 130 كشف بحساب بالبنوك السويسرية ل 129 شخصية وطنية - لويزة حنون تملك حسابين- وأهم أسماء الضباط الجزائريين الذين عملوا بالمؤسسة الفرنسية. واختتم عبد العالي رزاقي كتابه بالحديث عن المحاكمات وكل ما جرى فيها مصنفا المساجين الذين حمل غلاف الطبعة صورهم إلى نوعين من المساجين بالسجن العسكري ومساجين الحراش، معتبرا إياهم أهم وجوه حزب فرنسا الذي سقط.