يشكل إرساء صناعة وطنية بالحجم والجودة اللازمة احد تحديات المرحلة الراهنة في ظل عوامل فيها ما هو مريح ويشجع على الانطلاق في تجسيد برامج استثمارية تعطي دفعا لوتيرة النمو مثل الوفرة المالية المعززة بالاستقرار العام وتأكيد الثقة في مناخ الاستثمار، وفيها ما هو محبط ومثير لتردد ما يفرض مراجعة لا تتوقف للحسابات والتقديرات مثل إفرازات الأزمة المالية العالمية على المديين المتوسط والبعيد وانغلاق القطاع الخاص الوطني على الذات بما يفسر تخوفه من ركوب المخاطرة الاستثمارية واتساع دائرة النشاطات الاقتصادية الموازية تتقدمها المعاملات المالية غير الرسمية في الشارع ما يعطي الانطباع بان هناك ازدواجية في سوق واحدة تدعمها منظومة قانونية تستجيب للمعايير بما فيها الضمانات. في ظل واقع مزدوج بين ما هو رسمي مقنن وما هو موازي ينشط في وضح النهار على غرار سوق العملة بالعاصمة حيث تلعب أموال لا يمكن تقديرها بساحة بورسيد ما يعطي تأويلات مختلفة تثير أكثر من سؤال عن المستفيدين منه ، ما يضع الاستثمار بالمفهوم الاقتصادي السليم على المحك في وقت توفر فيه الساحة تشكيلة واسعة من الضمانات والتحفيزات التي يفترض أنها تنتج ثمارا تعود على المجموعة الوطنية بأشكال مختلفة من إنتاج للقيمة المضافة والتشغيل والاهم القدرة على التصدير خارج المحروقات مما يعطي مناعة لقيمة العملة الوطنية التي يحاول البعض ممارسة مزيد من الضغط عليها بعد أن أصابتهم التخمة النقدية عوض أن يبادروا بتوظيف تلك الموارد من السيولة في مشاريع كبرى باستثمار فردي أو بالشراكة مع القطاع العام. مع إعادة انتخاب رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الذي أعلن لدى ولادته قبل سنوات انه إطار لقوة اقتراح وليس منظمة مطلبية ساد الأمل في أن يبادر المنتدى بطرح مشاريع اقتصادية يدمج فيها عناصر قوته المالية وخبراته التسييرية فيكون جزءا من قاطرة التنمية في شتى القطاعات خاصة العذراء منها وبالذات على مستوى الهضاب العليا والصحراء حيث عناصر النجاح متوفرة خاصة في الفلاحة والسياحة والصناعة التحويلية، ولكن لا يبدو أن شيئا من هذا في الأفق ذلك أن المؤشرات تفيد بخلاف ذلك وان المسالة كلها لا تخرج عن إطار استمرار نفس النهج الذي يصب في انتزاع مزيد من المكاسب بدل طرح مزيد من المشاريع الملموسة برؤية وطنية مندمجة تستقطب المحيط بكامل أطرافه وأولها المنظومة البنكية. إن المرحلة تحتاج إلى مبادرات فعلية أكثر من إثارة قراءات لا تسمن ولا تغني من جوع وان الولاء للمجموعة الوطنية يفرض على القطاع الخاص الوطني إخراج قليل من الجيب وإقحام موارد من السيولة في عمليات استثمارية متكاملة ليس من اجل جمع كمية من الفلوس وإنما لتأسيس صناعة قوية تبدأ بخطوة صادقة تصغي للمحيط وتتفهم انشغالاته وتساهم في حل وتجاوز معوقاته بما في ذلك الانتقال إلى درجة متقدمة باتجاه التعامل مع البورصة لكونها الإطار الشفاف للمعاملات الاستثمارية الاقتصادية والمالية منها أساسا.