ثمن عبد الله جاب الله، رئيس »جبهة العدالة والتنمية« (قيد التأسيس)، الضمانات التي قدمها رئيس الجمهورية لضمان نزاهة الاستحقاقات المقبلة، لكنه لم يبدد مخاوف تكرر نفس الممارسات التي شهدتها الانتخابات السابقة في ظل ما أسماه بغياب الثقافة الديمقراطية، وعدم استقلال القضاء. اعتبر جاب الله أن الإدارة عامل أساسي في حدوث التزوير، لأنها نفذت إرادة متعارضة مع الدستور، وبالتالي كان لها دور في إفشال التحولات الديمقراطية في الجزائر، مؤكدا بأن »هناك إرادة لا بأس بها من قبل رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والجماعات المحلية ولد قابلية في تحقيق الشفافية اللازمة وبلوغ النزاهة في الانتخابات التشريعية القادمة والتي تعد حاسمة بالنسبة للمسار الديمقراطي الذي دخلته الجزائر«. انتقد رئيس »جبهة العدالة والتنمية« أمس من خلال إجابته على أسئلة الصحافة في حصة »أكثر من مجهر« للقناة الاذاعية الأولى القائمة الانتخابية التي يرى أنها مضخمة لأنها تمثل 60 بالمائة من عدد السكان في حين أن هذه النسبة لا ينبغي أن تتجاوز 43 بالمائة. وأكد في سياق الحديث، عن نزاهة العملية الانتخابية على الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه القضاء الذي يساهم في ضمان العملية الانتخابية، لكنه ما يزال يفتقد إلى الاستقلالية، كما أن ليس لديه سلطة في الواقع، على حد قوله. ودعا في هذا الصدد، إلى ضرورة تكوين نخبة ذات ثقافة ديمقراطية تؤمن بالتحول الديمقراطي التعددي، يكون لها معرفة وإطلاعا بهذا الأخير. ويعد النظام البرلماني الأقرب إلى جاب الله، لأنه يعطي حسبه قوة تشريعية اكبر للمنتخبين البرلمانيين وتسمح لهم بأداء وظيفتهم بدون اللجوء إلى السلطة التنفيذية، ويعمل على الاستجابة لمطالب المواطنين الذين صوتوا لصالحهم. وتحدث جاب الله الذي عاد إلى الساحة السياسية بعد غياب دام قرابة 7 سنوات عن الجديد الذي تحمله »جبهة العدالة والتنمية« مقارنة بالحركتين اللتان أسسهما سابقا (النهضة والإصلاح) في المشروع ومنهج تطبيقه، وان حزبه يحبذ كل ما هو مبني على ثقافة التسامح وتجاوز حب الانتقام، فهي تسوق للمنظور السياسي الذي يجعل الغاية شريفة ولا تبرر بالوسيلة، كما أنها تربط المواقف بتوازن بين الحق والعدل. وبالنسبة لتأجيل انعقاد المؤتمر التأسيسي ل »جبهة العدالة والتنمية« المزمع الأحد المقبل، قال جاب الله أن ذلك بسبب عدم تحصله على ترخيص لغاية البارحة، واغتنم الفرصة لدعوة كل الأطياف السياسية سواء التي تقترب من »فلسفته السياسية« أو التي تتعارض معه في الأفكار والطروحات بدليل كما قال توجيه دعوة لحزب العمال الذي يحترم تصوره ونظرته للأمور للحضور إلى هذا المؤتمر. وذكر في هذا الإطار، بأن الجبهة تعمل على تحقيق الانتشار الجغرافي على مستوى مختلف البلديات والانتشار الاجتماعي، وأن حزبه سيدخل الاستحقاقات بقوة، مجددا تأكيده على إيمانه الراسخ بإحداث التغيير بالطريقة السلمية دون اللجوء إلى أساليب أخرى تدفع بالوضع إلى النفق المظلم، ورفضه للتدخل الأجنبي لمعالجة المسائل الداخلية، في إشارة إلى التداعيات الخطيرة التي تعرفها ليبيا بعد الاستعانة بالغرب لإسقاط النظام الليبي. وفي نفس السياق، وحول لقاء جاب الله بالسفيرين الفرنسي والأمريكي، استغرب رئيس »جبهة العدالة والتنمية« ما أحدثه الموضوع من زوبعة قائلا »التواصل مع البعثات الدبلوماسية والأحزاب أمر طبيعي وقد حدث مرات ومرات«، وأضاف أن »لقاءه مع السفيرين جاء بطلب منهما، حيث قدما إلى مقر الحزب وكان الحديث عن الثورات العربية وخلفياتها، وأبعادها، وكيف جعلتهم يؤمنون بان الديمقراطية هي وحدها الكفيلة بحماية مصالح الغرب والاستقرار«. وعن تعليمات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الخاصة بإبعاد المساجد عن السياسة، أوضح جاب الله أن هذا الموضوع حظي بنقاش موسع في الحوارات الوطنية في سنة 1996 ونال حقه اللازم. وبالنسبة للجبهة، فإنها ضد تحزيب المساجد وليس تسييسها لوجود فرق بين التحزيب والتسييس، موضحا، بأن السياسة كممارسة ترتبط بالأحزاب، فهي مرفوضة حسبه، لكن السياسة إذا كانت تهتم بشؤون الناس فهي مطلوبة، ومعناه لا يمكن لأي حزب كان توظيف المسجد لأغراضه.