وضعت الانتخابات التشريعية المقررة في ال10 من ماي القادم كأول بند في مرحلة الاصلاحات التي أطلقها الرئيس بوتفليقة في افريل الماضي، ولهذا فانها تكتسي أهمية خاصة، كما أن مصداقيتها ومدى تمثيلها لشرائح المجتمع بكافة أطيافه، تكتسي أيضا أهمية بالغة، ولايمكن التلاعب بها. وفي هذا السياق جاء تأكيد رئيس الجمهورية في خطابه الأخير، مساء أول أمس، على أهميته وضرورة شفافية الانتخابات القادمة، مشيرا الى أن كل الترتيبات قد تم اتخاذها لجعلها أكثر نزاهة، بما أن «عملية الاقتراع والفرز تحت المراقبة المباشرة لممثلي المرشحين في جميع مكاتب التصويت سيتم ضمانها» على حد ماورد في نفس الخطاب. ومن جهة أخرى، فان الهيئات الوطنية للمراقبة والمتابعة المتعلقة بمدى إحترام قانون الانتخابات وضرورة تواجد الأحزاب السياسية في كل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية، من شأنها ضمان سير شفاف للمسار الانتخابي، خاصة وأن تواجدها سيكون حاضرا في تشكيلها للجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات. وللتأكيد على حسن نية الجهات الرسمية ضمان الشفافية المطلوبة في الاقتراع، شدد بوتفليقة على أهمية حضور قضاه للاشراف عليه من خلال الجلنة المزمع تنصيبها في هذا الشأن والتي لا تضم الا هذه الفئة اي القضاة، التي ستتولى الاشراف على العملية الانتخابية من بدايتها أي من ايداع الترشيحات الى غاية اعلان النتائج، كما جدد التأكيد على دعوة ملاحظين دوليين لمتابعة الانتخابات المقبلة، وهي الخطوة التي بدأ العمل بها من خلال تواجد وفد أوروبي في الجزائر منذ أيام لمباشرة وضع ترتيبات الرقابة حتى قبل موعد الاقتراع بثلاثة أشهر. أما فيما يتعلق بالهيئات الادارية ودورها في انجاح الانتخابات من خلال التزامها بالحيادية المطلوبة وعدم استخدامها لخدمة أحزاب سياسية بعينها مثلما اتهمت في العديد من المرات، فان الرئيس بوتفليقة حملها مسؤولية ضمان حياد أعوانها حيادا تاما لا لبس فيه ويشمل هذا الحياد كل مراحل العملية الانتخابية، بما فيها التعاون المنتظر منها مع كل الهيئات المعنية بالمراقبة بما فيها الملاحظين الدوليين، ولكن في اطار ما تسمح به قوانين الجمهورية. ولعل حياد الادارة باتت المسألة التي تزعج الكثير من الأحزاب السياسية، التي رفعت صوتها عاليا مؤخرا محذرة من أي استغلال حزبي للادارة عموما والتي تشرف مباشرة على التشريعيات على المستوى المحلي على وجه التحديد، بل وذهبت ذات الأحزاب الى أبعد من ذلك عندما طالبت بتعيين حكومة حيادية وليست متحزبة على غرار الموجودة حاليا، اعتقادا منها أنها ستجنب الكثير من محاولات الاستغلال الحزبي في العملية الانتخابية. ومن جهة أخرى، فان العديد من الأحزاب لاتزال تنتظر اجراءات أخرى تصب في نفس الاتجاه، وتخص بالدرجة الأولي كل ماتعلق بالهيئة الناخبة وأعدادها بالتفصيل، وتطهير القوائم الانتخابية تجنبا لأي استغلال لها لصالح أحزاب أخرى، تتواجد بقوة على مستوى الهيئة التنفيذية، كما لاتزال نفس الأحزاب، تصر على وجوب الاطلاع على النتائج منذ بداية عملية الفرز الى مرحلة جمعها والاعلان عليها مبدئيا، والتي عادة ما تتكفل بها وزارة الداخلية. رئيس الجمهورية ، شددّ بالحاح على أن كل مسؤول او عضو في الحكومة او موظف سام ينوي الترشح للانتخابات، وهذامن حقه، لكن ليس من حقه أن يجند وسائل الدولة خلال حملته الانتخابية، وهو ذات المطلب الذي طالبت به أحزاب سياسية تخشى التزوير ولكن بطريقة أخرى، والمتمثلة في إستقالة الوزراء بالدرجة الأولى، لتجنب استغلال الزيارات الميدانية في الحملة الانتخابية، غير أن الرئيس فضل إبقاء هؤلاء وكل الاطارات السامية الراغبة في الترشح للانتخابات، مع ابعاد نشاطاتهم الميدانية عن الولايات التي يترشحون فيها. الرئيس بوتفليقة، وفي الخطاب الذي ألقاه بمناسبة استدعاء الهيئة الناخبة لتشريعيات 2012، قبل ثلاثة أشهر عن موعدها، وفق ما ينص عليه القانون رمى الكرة في مرمى كل الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمواطنين عموما، من أجل انجاح الموعد الانتخابي ومن أجل ان يكون اختيار المرشحين مبني على البرامج التي تجدي نفعا وتتماشى والانشغالات الملحة للمواطنين.