منذ بداية الحمى، اتخذت الجزائر كامل احتياطات الوقاية لمواجهة فيروس "كورونا" الفتاك، الذي أودى بحياة أزيد من 3 آلاف شخص ضمن قائمة تضم أكثر من 89 ألف حالة مؤكدة عبر العالم والأرقام مرشحة للزيادة. حرصت السلطات العمومية التي وضعت نظاما لليقظة والتأهب، جندت فرقا طبية، جهّزت مصالح استشفائية للتكفل بالمصابين صحيا ونصّبت كاميرات حرارية بالموانئ والمطارات للوقاية من خطر الوباء المعدي، كل ذلك لمواجهة أي طارئ باعتبار الصحة في هذا المقام لها علاقة مباشرة بالأمن الوطني واستقرار النسيج الاجتماعي وتماسك الجبهة الداخلية. انطلاقا من هذا المعطى، كانت السلطات حريصة على إطلاع المواطن بأدق المعطيات وإحاطته بتفاصيل وقاية تطمئنه وتحصّنه من الأخبار المفبركة (كورونا الإعلام)، التي تتداول عبر مواقع تواصل اجتماعي تحمل أجندات وتروج للتهويل بلا وازع ضمير وأخلاقيات مهنة. وسط هذا التدفق الإعلامي غير المسبوق الذي زادته قوة انتشار تكنولوجيات الاتصال الحديثة، فرض قطاع الصحة نفسه في التعاطي مع الظاهرة بطريقة شدت إليها الاهتمام وأعادت إلى الواجهة جدوى الاتصال المؤسساتي، أحد مقومات الدولة الوطنية الحديثة المعتمدة على القاعدة المألوفة « تسيير واتصال». يظهر الاتصال في هذه الحالة من خلال التقارير المنجزة عقب المتابعة اليومية لفيروس كورونا « كوفيد-19» والتي تعطي أدق التفاصيل عن آخر مستجدات الوباء المعدي من أرقام عن حالات إصابة والتحقيق المرافق أمام كل حالة مشبوهة والنتائج المحصلة، يضاف إلى هذا التأكيد على فعالية نظام اليقظة والتأهب. طريقة الاتصال مع المواطنين، أثبتت نجاعة وأعادت إلينا صور تجارب مهمة في فترات سابقة من انتشار عدوى الكوليرا، رسّخت ثقة لدى عامة الناس بحيث يتابع الجميع تطورات فيروس كورونا وتدابير الوقاية منه بتمعن بعيدا عن التهويل والمضاربة الكلامية. أظهر اتصال القطاع الصحي قوة وتأثيرا، لأنه لم يتوقف عند نقل المعلومة بطريقة جافة واعتبارها غاية في حد ذاتها، لكنه ذهب إلى الأبعد في عرض شروح مستفيضة حول أسباب الفيروس، كيفية تكاثره وانتشاره ونقل عدواه والوقاية منه. وهي شروح تمكن المواطن من الوقاية قبل أي طارئ محتمل. وترافق هذا العمل وسائل الإعلام الوطنية بمختلف تشعّباتها وانتماءاتها بلعب دور الشريك الكامل من خلال الالتزام بتسويق معلومة دقيقة عن الوباء مستندة إلى بيانات موثقة ترسخ صورة تمكن من فهم فيروس كورونا جيدا والوقاية منه تلقائيا بعيدا عن الإشاعة التي تشكل مصدر خطر على التماسك الاجتماعي.