يستعد الروس في الرابع مارس القادم لاختيار رئيس جديد لبلادهم للسنوات الست المقبلة، ويُشارك في السباق الرئاسي نحو الكرملين عدة مرشحين يتقدمهم رئيس الوزراء الحالي، “فلاديمير بوتين” وزعيم الحزب الشيوعي “غينادي زيوغانوف”، ورئيس حزب روسيا العادلة “سيرغي ميرونوف”، بالاضافة إلى رئيس الحزب الليبيرالي الديمقراطي “فلاديمير جيريتوفسكي” وأغنى رجل في روسيا الملياردير “ميخائيل بروخورف”. ويبدو جليا حسب مختلف استقراءات الرأي أن “بوتين” هو الأوفر حظا للفوز بهذا الاستحقاق وبأغلبية قد تكون مطلقة من الجولة الأولى، ليستمر بذلك في السلطة التي وصل إليها قبل 12 عاما أي عام 2000 ، وأمضى منها ثمانية أعوام رئيسا أي لولايتين متتاليتين وأربعة أعوام رئيسا للوزراء لعدم تمكنه دستوريا من الترشح لولاية رئاسية ثالثة على التوالي. وعن أسباب ارتفاع حظوظ “بوتين” في العودة إلى الكرملين، لا يتردد جل المراقبين في ربطها بعاملين أساسيين، أما الأول فمرتبط بضعف المعارضة، التي تتكون من مجموعات ليست محل ثقة كبيرة ولا ذات شعبية واسعة رغم أن من بينها أغنى أغنياء روسيا، وأما الثاني فمرتبط ب«بوتين” نفسه، الذي استطاع طول السنوات الماضية أن يشكل قاعدة شعبية كبيرة تؤيد سياسته، وتؤمن بوعوده حتى يواصل عملية إعمار الاقتصاد الوطني، الذي شهد دمارا كبيرا في تسعينيات القرن الماضي. وفعلا لقد استطاع “بوتين” الحاصل على الدكتوراه في الاقتصاد والذي ورث اقتصادا يحتضره أن يؤدي دور الطبيب الماهر، ويعيد لهذا القطاع الاستراتيجي عافيته، حيث بنى مصانع جديدة مكان المصانع المفلسة والمنهارة، وحرّك عجلة الصناعة، ومن خلالها قلّص نسبة البطالة، وهذا كله انعكس إيجابا على الوضع الاجتماعي والمستوى المعيشي للشعب الروسي، الذي يرغب في عمومه بقاء الرجل ليكمّل إنجاز المشاريع المبرمجة والورشات المفتوحة. ومن الدوافع الأخرى التي تعزّز حظوط “بوتين” في الفوز برئاسيات الأحد القادم، هو ثراء برنامجه الانتخابي، الذي يعد فيه بمزيد من الإنماء للاقتصاد وبتحفيز قطاع الأعمال وتشجيع المشاريع الفردية ودعم المزارعين إضافة إلى وعده بتطوير القوات المسلحة وتحديث صناعة الدفاع، لتصبح قادرة على إنتاج أسلحة تستجيب لمتطلبات العصر الحديث، وفي مجال السياسة الداخلية وعد “بوتين” بآليات تمكن المجتمع من مراقبة أداء السلطات وبإنشاء محاكم إدارية تسمح للمواطنين بمحاسبة الموظفين الفاسدين، وبمباشرة الدولة في تحقيق الحداثة في كافة المجالات التي تهم المواطن، وعلى الأخص حقوق الإنسان والقانون. واجتماعيا وعد برفع أجور العمال والمعاشات وتطوير قطاع الصحة، ووصل إلى درجة الوعد بحظر التدخين في الأماكن العامة. بوتين الذي اختاره الرئيس “الراحل” بوريس يلتسن عام 1999 ليتولى اختصاصاته بالوكالة بعد مرضه وتراجع شعبيته، وليتولى الرئاسة رسميا في 26 مارس 2000، يحظى بكل الفرص ليعود إلى الكرملين، وقد يبقى فيه إلى غاية سنة 2020 في حالة ما إذا انتزع ولاية رئاسية جديدة.