سلط، أمس، مؤرخون ومجاهدون الضوء على الهيئة التنفيذية المؤقتة التي أطلق عليها البعض حكومة /روشي نوار/ بقيادة عبد الرحمان فارس احتفاء بالذكرى ال 50 لعيد النصر التي تتزامن مع 19 مارس1962، وقدموا شهادات تاريخية حية بالغة الأهمية تعري التجاوزات الفرنسية الخطيرة التي طالت الجزائريين خاصة تلك التي اقترفتها المنظمة السرية المسلحة الإرهابية (OAS)، وتطرقوا إلى المشاكل والتحديات التي واجهت هذه الهيئة التي أشرف من خلالها على تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي صوت فيه 6 ملايين جزائري ب /نعم / لاستقلال الجزائر . ووقف المؤرخ محمد عباس عند العوامل التي شكلت على إثرها الهيئة التنفيذية المؤقتة والتي كان يطلق عليها ب /حكومة بومرداس/ أو /روشي نوار/، وقال ان ظروف الحرب التي عاشتها الجزائر خلقت شكوكا بالنظر الى سياسة الخداع التي كانت تتبناها فرنسا على غرار خدعة اختطاف الطائرة وتنظيمها لانتخابات مزورة، لذا كان يجب أن ينظم استفتاء تقرير المصير طرف مشترك وتم التوصل إلى تشكيل هيئة انتقالية مؤقتة لتشرف على العملية عقب إيقاف إطلاق النار وتنظيم الاستفتاء الشعبي، لذا تشكلت هذه الهيئة أوالحكومة المؤقتة بتاريخ ال 19 مارس 1962 وبمرسوم من الحكومة الفرنسية وضمت 12 عضوا ممثلين عن جيش التحرير الوطني وممثلين عن الحكومة الفرنسية يترأسها الموثق والسياسي عبد الرحمان فارس، وذكر أنه لم يكن منخرطا في الأحزاب الجزائرية لكن نشط في الحزب الاشتراكي الفرنسي وساعد الثورة وسجن من أجل الجزائر، وقال المؤرخ عباس أن فرنسا فكرت في سنة 1956 في قوة ثالثة لخدمتها في سبتمبر 1956 من الجزائريين لكن عبد الرحمان فارس آنذاك رفض أن يتعاون مع فرنسا ضد الجزائر قائلا / لا يمكنني أن العب دور بن عرفة في الجزائر/ ولأن بن عرفة عميل معروف في المغرب وقتله المغاربة بسبب خيانته، وحسبه على هذا الأساس قبله الجزائريون، حيث كان يمول الثورة بالمال وكانت فوق هذا وذاك تربطه علاقات طيبة بالفرنسيين، وضمت ذات الهيئة أوالحكومة كذلك / روجي روت/ الفرنسي المتعاطف مع الثورة الجزائرية و5 من المجاهدين الجزائريين في جيش التحرير الجزائري من بينهم شوقي مصطفى وعبد السلام بلعيد والمحامي عبد الرزاق شنتوف والدكتور بومدين ومحمد بن تفيتفة ومحمد الشيخ من سعيدة . وأكد المؤرخ محمد عباس أن هذه الهيئة المؤقتة انبثقت عنها ثلاث هيئات على غرار المحافظ السامي الذي يمثل السيادة الفرنسية ومحكمة لتنظيم وحفظ النظام العام، وعين المحافظ كرستيان فوني من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير حتى يعبر الشعب الجزائري عن حقه وحدد تاريخ الفاتح جويلية 1962 موعد الاستفتاء وتم الاتفاق على طرح سؤال /هل تقبلوا بجزائر مستقلة في ظل التعاون مع فرنسا؟/، وعقب ذلك نظمت لجنة الانتخابات التي ترأسها المحامي قدور ساطور وقاد الاستفتاء حيث صوت 6 ملايين جزائري لاستقلال الجزائر وما لا يزيد عن 16 الف ب /لا/ وكانت تمثل نسبة قليلة من غلاة فرنساوالجزائريين الذين تعذر واستحال استعادتهم . ولم يخف محمد عباس أن هذه الحكومة واجهتها العديد من المشاكل، خاصة ما كانت تقترفه المنظمة السرية الإرهابية المسلحة حيث اتبعت في الجزائر سياسة الأرض المحروقة، وتحدث عن تسليم العملاء أنفسهم بتاريخ ال 17 جوان 1957 ويتعلق الأمر بكل من عبد الله سالمي وشريف بن سعيدي وأفاد أن مهمة هذه الهيئة انتهت مهمتها بتاريخ 26 سبتمبر 1962، وواصل يقول أنه تم تسليم المهام إلى الرئيس بن بلة يوم 27 سبتمبر1962، وكل وزير سلم مهامه لوزير جديد، أما حكومة بن خدة سلمت الحكومة إلى مجلس تأسيسي وانتخب عبد الرحمان فارس في المجلس التأسيسي وترأس لجنة المالية، وفاوض فرنسا في مجال التعاون طبقا لاتفاقيات إيفيان . من جهته، الرائد محمد بوسماحة عضو المجلس التأسيسي قدم شهادة قيمة حية عن هذه الهيئة ولقاءاته ب /عبد الرحمان فارس/، واعترف بأنه سمع بخبر إطلاق النار من الإذاعة ببوزريعة في بيوت أحد المناضلين حيث أعلنه بن خدة رئيس الحكومة المؤقتة في خطابه وأضاف بوسماحة يقول /وبما أنني عضو في مجلس الولاية وجدنا صعوبة في إقناع حماس المناضلين في إطلاق النار في 19 مارس وكنت أتنقل بالسيارة وأتصل برؤساء الفدائيين/، لكن تزامنت هذه الفترة مع نشاط المنظمة الإرهابية السرية المسلحة والتي كانت تبطش بالأبرياء من الجزائريين وعندما احتج البعض قال بوسماحة يجب أن تنفذوا أوامر الحكومة المؤقتة، واعترف الرائد بوسماحة أنه منذ سنة 1958 لم يكن لديهم أي اتصال بالحكومة المؤقتة أو جيش الحدود . وأوضح في نفس السياق يقول أنه تم تشكيل لجنة للمحافظة على وقف القتال مثلها عن الجزائر علاهم ومن فرنسا جنرال وذهب إلى التأكيد في نفس المقام أن الضرورة كان تقتضي تنصيب لجنة في كل ولاية من أجل وقف القتال، وعاد المجاهد بوسماحة ليحدثنا عن تكليفهم بمهمة الاتصال بعبد الرحمان فارس لتحديد مهمتهم والإمكانيات التي سيستعملونها في المعونة والشؤون الاجتماعية حيث أشار إلى استقبال عبد الرحمان فارس لهم وشهد بأنه كان سياسيا محنكا ومتمرسا، حيث لم يخف انه تمت إثارة ملفين الأول يتعلق بلجنة وقف القتال والثاني بعملاء الاستعمار، حيث نبه بخطورة الحركى وضرورة النظر في أمرهم، وواصل شهادته ليؤكد أنهم اشترطوا أن يبقى الجيش في الثكنات لا يخرج كما تم الإلحاح على ضرورة تشكيل وتكوين شرطة جزائرية. قتل الحركى.. أكاذيب وافتراءات وأسهب في الحديث عن حادثة تسليم كل من عبد الله سالمي وشريف بن سعيدي لأنفسهم وتم تسليمهم إلى شعباني. وفند المجاهد بوسماحة كل ما روج من أكاذيب تدعي قتل الحركى، حيث اقر بان النظام الجزائري لم يقتل أي حركي أما عدد الحركى الذين قتلهم الشعب بدافع التعبير عن بشاعة ما اقترفوه كان محدودا ولا يتعدى في كل ولاية ال100 حركي وذهب إلى التوضيح ان النظام الجزائري آنذاك كان يوقف كل محاولة قتل، وصرح أن ما تدعيه بعض الأطراف عبر اشرطة تلفزيونية من قتل الآلاف من الحركى لا أساس له من الصحة وكل من يكذب ردنا عليه بإحضار أسماء هؤلاء الحركى المقتولين وشدد بضرورة الرد على الأكاذيب التي دائما نقابلها بالصمت لأنه بحوزتنا حقائق حية . وأما المجاهدة زهرة ظريف بطاط لم تخف أنها في تلك الفترة كانت مسجونة بفرنسا وعاشت أحداث ال 19 مارس من بعيد منذ أن حكم عليه في سنة 1957، وأبدت رفضها الشديد لمزدوجي الجنسية وبعثت بسلسلة من الرسائل التي تنبض بنضال وشموخ بطولات الجزائر على الجيل الحالي من الشباب.