إعتبر أمس الدكتور عامر رخيلة باحث في تاريخ الثورة التحريرية أن تجريم الاستعمار مسؤولية جميع الجزائريين، ودعا الجزائريين إلى التعجيل بذلك ونحن نحتفي بخمسينية عيد النصر والاستقلال على اعتبار أن القانون الدولي يساعد على ذلك إلى جانب أن اتجاه المنظمات الدولية في الوقت الراهن تدعم تبنينا فعل تجريم الاستعمار الذي عانت منه الشعوب في العالم وتسبب في تخلفنا واستلابنا، مشددا على ضرورة تكريس قراءة جديدة لتاريخنا الذي لم نكتب منه سوى نسبة ضئيلة لا تتعدى حدود ال5 بالمائة، والاستماع إلى إفادة مجاهدينا لأننا ضحية وفاعل ويجب أن نستغل هذه المادة الخام كونها مفخرة للأحرار في العالم . قال الدكتور عامر رخيلة في ندوة تاريخية نظمها مركز «الشعب» للدراسات الإستراتجية حول الذكرى ال50 لعيد النصر أن هذه الذكرى تعد انتصار حقيقي وكبير لإرادة شعب ناضل أزيد من 130 سنة لرفع الظلم والإنعتاق من براثين الاستعمار واسترجاع سيادته، ونجح في مواجهة الإرادة الاستعمارية، ووقف مخطط إلغاء الذاتية الجزائرية . ووقف الدكتور على سلسلة من الحقائق في صدارتها إلحاق الجزائربفرنسا واعتباره جزء لا يتجزأ من فرنسا عن طريق السلطة الملكية ثم كاتب الدستور وبعده بواسطة السلطة التشريعية الفرنسية التي أصدرت سنة 1865 قانون ينص على أن الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، وانتقد بشدة أن بلد يتشدق بأنه من رعاة الحضارة وحماية حقوق الإنسان لكنه يعتبر الجزائريين منذ 1830 مجرد أغراض ليست لديهم أي حقوق أو واجبات، وخلص إلى القول في هذا المقام أن عيد النصر الذي يتزامن مع ال19 مارس 1962 يعد محطة فاصلة في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية، وهنا اغتنم الفرصة ليطرح سلسلة من الإستفهامات على غرار لماذا لم يتبنى تاريخ ال19 مارس عيدا للنصر والاستقلال، وأرجع ذلك لما أسماه بالتيه التاريخي الذي ترسب وقال مازلنا نعيشه إلى يومنا هذا . وفند الدكتور رخيلة ما يروج من أن بعض القوى رفضت نتائج اتفاقيات إيفيان، وأوضح يقول أنه كان لديها تحفظات سياسوية تندرج ضمن التنافس والتنازع على السلطة . ويعتقد رخيلة في رؤيته النقدية وجود من خلال قراءتنا للتاريخ قطيعة مع الحركة الوطنية وثورة التحرير لكنه أكد أن ثورة التحرير المجيدة الحاسمة قدمت على أنها معزولة ومعجزة لكن في الحقيقة أضاف يقول أنها كانت محطة تاريخية عظيمة وحدث كبير في العلاقات الدولية يهدف للقضاء على الظاهرة الاستعمارية، واعترف في سياق متصل أن الثورة كانت خطوة جوهرية نحو زوال الإمبراطورية الاستعمارية، رغم أن اليسار واليمين الفرنسي كانوا رغم اختلافهم يتفقون على الجزائر وضرورة إبقائها تحت مظلتهم . ومن بين الرؤى التي طرحها الدكتور رخيلة عدم إبراز البعد الروحي لثورة التحرير لأنه جوهري ورئيس ولأن الطبقة الشعبية كان دافعها روحي إلى جانب ما أرسته الثورة من نخوة وأخلاق . وتأسف الدكتور عمار رخيلة والجزائر تحتفل بخمسينية عيد النصر أنه لا يوجد لدينا مجتمع مدني بل حركة جمعوية، وقال أن تجريم الاستعمار ليس ثنائية بين الجزائروفرنسا بل مسؤولية الجزائريين إزاء العالم والأحرار من شعوب العالم الذين ينتظرون أن يكون للجزائر رائدة التحرر الدولي أن تلعب دورا مماثلا في تجريم الاستعمار، وتأسف عدم استغلال الفرصة كون القانون الدولي الحالي يساعد على تبنينا التجريم إلى جانب المنظمات الدولية . ولم يخف أن قضية تبني التجريم مرتبطة بالأجندة السياسية، ولأننا لم نلعب دور الفاعل وهذا حسبه يتنافى مع مسؤوليتنا السياسية لأننا نحتفل بخمسينية الاستقلال ولأن فترة نصف قرن كافية لتعميق قيم نوفمبر حتى نخرج من حالة رد الفعل في التعامل مع المعطى التاريخي ولأننا على حد تقديره لسنا مؤهلين في مجال الإعلام كون توجه الإعلام الراهن لدينا وكأنه مطلوب منه أن يتجنب التاريخ، وبدا مستاء كون ما كتب من التاريخ الثوري لدينا لا يتعدى حدود ال5 بالمائة أما ما كتبه الأمريكان عن ثورة الجزائر يفوق كثيرا ما دوناه وحفظناه. وحاول تشريح حقيقة أن اتفاقيات إيفيان معاهدة بين دولتين ولا ترقى أن تكون فوق القانون الدولي وليست أسمى منه ولأن القانون الدولي ينص على عدم تقادم القضايا التي تمس تاريخ البشرية . وتساءل عن ما يردد من أن المجلس الشعبي الوطني المقبل يراهن عليه في المصادقة على قانون تجريم الاستعمار كون المجلس الحالي كان مؤهلا لذلك.. وقال لماذا لم يصادق على هذا المشروع المهم؟ وأثار مسألة خوف بعض المجاهدين من الإدلاء بشهاداتهم على اعتبار أن تصريحاتهم قدمت وكأنهم متهمين، مشددا على أهمية الاستفادة من شهادات المجاهدين واستغلالها في كتابة المادة التاريخية، في غياب ما وصفه بالقراءة الجزائرية للتاريخ الثوري المجيد.