تعكس لقاءات رؤساء الأحزاب السياسية مع منتدى رؤساء المؤسسات، التقارب الكبير بين الساسة ورجال المال والأعمال من أجل تقريب الرؤى وتذليل العقبات من أجل بناء اقتصاد وطني خارج المحروقات وجعل القرارات السياسية مرنة بالنسبة للاقتصاد الوطني، الذي مازال يبحث عن نفسه في زمن التكتلات والمنظمة العالمية للتجارة. دخل المتعاملون الاقتصاديون من أصحاب المؤسسات الخاصة جبهة الانتخابات التشريعية من خلال جسّ نبض الأحزاب السياسية حول محاور برامجها في الشق الاقتصادي لمعرفة التوجهات المستقبلية للهيئة التشريعية، ومنه ضمان أروقة لتمرير انشغالاتها وتحقيق مكاسب جديدة لتطوير نشاطهم ومساعدة الاقتصاد الوطني خارج المحروقات. قدمّ منتدى رؤساء المؤسسات 50 مطلبا لتحسن أداء المؤسسات وتهيئة الظروف الاقتصادية المواتية لتحقيق آمال وتطلعات السلطات التي بات أمر تبعيتها للمحروقات يحرجها أكثر، مما يخدمها خاصة في ظل ارتفاع ميزانيات التسيير، وتخصيص مبالغ ضخمة للزيادات في الأجور دون أن يتبعها تطورات على مستويات النمو والإنتاج. وتعكس فضاءات الحوار والنقاش التي ينظمها المنتدى رغبة المتعاملين الاقتصاديين في استمالة رؤساء الأحزاب ولما لا التفاوض على تمويل الحملات الانتخابية، مقابل وعود والتزامات بالدفاع عن رؤساء المؤسسات في المجلس الشعبي الوطني. وكشف رضا حمياني رئيس المنتدى في الجلسة التي جمعتهم بالأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي السيد أحمد أويحيي، بأنهم يفضلون الحوار وعقد شراكة مع المجلس الشعبي الوطني من أجل إنجاح الاصلاحات الاقتصادية ورفع مستوى التنافسية وتدارك التأخر الاقتصادي، بالمقارنة مع الدول السائرة في طريق النمو. ولم يخف المتحدث اهتمام المنتدى بكل تفاصيل التحضير للانتخابات التشريعية لمعرفة ميولات وأفكار ومقترحات الأحزاب. ودعا المنتدى السلطات إلى إبرام عقد للنمو من أجل إنجاح تطوير الصادرات خارج قطاع المحروقات، كما أبدى المنتدى كذلك اهتماما بتطوير قطاع الخدمات التي تعتبر أساس تقدم الاقتصاد. وأبدت نفس الهيئة نيتها في الانخراط في برنامج السلطات بالشق المتعلق بخلق مناصب العمل ومحاربة البطالة. ويسعى المنتدى إلى تركيز استثماراته المستقبلية على صناعات الأدوية والصناعات الغذائية وإنتاج الحليب وزراعة الحبوب، وهي القطاعات التي تكلّف الدولة سنويا أكثر من 10 ملايير دولار استيراد. وبدخول منتدى رؤساء المؤسسات حلبة التشريعيات ولو بطريقة غير مباشرة، تأكّد الجميع من مكانة المتعامليين الاقتصاديين في صنع السياسة والتأثير على القرارات، كما أنهم يستطيعون قلب موازين الانتخابات في عديد المناطق المنتشرين بها من خلال تجنيد العمال وتوجيههم لاختيار التيارات التي تلتزم بالدفاع عنهم. ويظهر أن المنتدى قد فصل في اختيار الأحزاب الديمقراطية والوطنية لعقد شراكة معها، بالنظر لمكانة تلك الأحزاب وتموقعها في الساحة السياسية ومنه تحديد مسار الخارطة السياسية في الجزائر. وعليه، فالانتخابات التشريعية القادمة ستكون مفتوحة على كل الاحتمالات من خلال استقطابها لكل الفعاليات السياسية والاقتصادية، ما سيجعل المنافسة شديدة وهناك عديد الأوراق المنتظرة لتغليب كفة عن أخرى .