نثمّن دسترة الحراك ونبذ الكراهية والثوابت مسألة محسومة منصب نائب الرئيس يتعارض والنظام شبه الرئاسي جزم البروفيسور عميرش نذير، أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة الأخوة منتوري قسنطينة 1 ومحامي معتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، في حوار خص به «الشعب» بأن التعديل الدستوري يعتبر السبيل الوحيد الى تجسيد التزامات رئيس الجمهورية، ويكتسي بالغ الأهمية في الظرف الراهن قياسا الى التحديات الوطنية والدولية، وأن اقتراح منصب نائب الرئيس يتعارض مع النظام شبه الرئاسي، كونه لا يمكن استكمال العهدة الرئاسية لأنه غير منتخب. «الشعب»:تباينت الاراء والمواقف من مسودة تعديل الدستور المعروضة للنقاش والإثراء، كأستاذ في القانون الدستوري ما تعليقكم؟ الأستاذ نذير عميرش: في الحقيقة وثيقة المسودة مشروع تمهيدي لتعديل الدستور، سلّمت لنا كأكاديميين من خلال الاتحاد الوطني للدكاترة والباحثين الجزائريين، والاتحادية الوطنية التعليم العالي والبحث العلمي، وأنا معني باعتباري أكاديمي استاذ باحث بكلية الأخوة منتوري جامعة قسنطينة، ولا يمكن فصلها عن الرسالة المرفقة وقعها رئيس الديوان، وأكد من خلالها على لسان رئيس الجمهورية، أنها ارضية للنقاش ليس الا، قابلة للتعديل والحذف او الإضافة، الا ما تعلق بالهوية والثوابت الوطنية التي لا نقاش فيها، لانها لم ترد ضمن رسالة التكليف لرئيس الجمهورية. وأتفهم ذلك كأستاذ قانون دستوري لان له سند دستوري في ذلك هو المادة 212 من الدستور الحالي، وتقع ضمن المواد الصماء التي لا يمكن أن يمسها اي تعديل دستوري، والتي تخص الطابع الجمهوري، والنظام الديمقراطي القائم على التعددية، والإسلام دين الدولة، والعربية لغة وطنية رسمية، والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن، وسلامة التراب الوطني ووحدته العلم الوطني، والنشيد الوطني ضمن رموز الثورة، وإعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة، والنقاش حول المبادئ العامة، التي تحكم المجتمع لا يكون إلا في دستور تأسيسي، يعني إعادة النظر في كل شيء وهو ليس النهج الذي سلكه رئيس الجمهورية، الذي صرح بأنه سيعمل تعديل عميق وليس دستور جديد. نحن أمامنا مشروع تمهيدي لتعديل عميق للدستور، وليس دستور تأسيسي، وبالتالي فان النقاش حول الثوابت والهوية نقاش دون موضوع، وهو ما أكده الناطق الرسمي للرئاسة، كل شيء في المشروع يمكن مناقشته ودراسته وتعديله، الا المبادىء العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، ويقتصر النقاش بذلك على الديباجة ومؤسسات الرقابة الاستشارية والتعديل الدستوري والأحكام الانتقالية والفصل بين السلطات، وهذا هو الإطار الدستوري الذي يجب أن نحترمه. - ما مدى أهمية التعديل الدستوري وما مدى مساهمته في إرساء مسار التغيير؟ اهمية التعديل الدستوري تكمن في الظرف الراهن، لأنه يأتي عقب انتخاب رئيس جديد قدم 54 التزاما في الحملة الانتخابية، من بينها بناء جمهورية جديدة التي لابد أن تنطلق من وثيقة ممثلة في أسمى المواثيق وهو الدستور، هو أولوية الأولويات، وثيقة تجسد مطالب الشعب المعبر عنها في الحراك، استقلالية العدالة محاسبة المفسدين، وتكريس المادتين 7 و8 التي تكرسا السيادة للشعب. ولاحظنا ان الدستور كان أشبه، بكراس محاولة والمطالب كلها انتقدت الدستور الساري الذي تسبب في حالة انسداد، النظام السياسي تعزيز الحريات والحقوق وضمان ممارستها بالدستور، وطالب بالفصل بين السلطات وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، والمحكمة الدستورية، وانتخابات نزيهة اي لا بد من دستور سلطة، كل هذا لا يمكن تحقيقه، إلا بتعديل عميق للقانون الأساسي للبلاد وأنا اتفق مع رئيس الجمهورية في ذلك. وقد جاء في الوقت المناسب، ليكلل حراك مبارك توج بانتخاب رئيس الجمهورية، تزامنا وتحديات وطنية وخارجية تستلزم تعديل الدستور، ولا يمكن للرئيس تجسيد التزاماته، الا بعد التوصل إلى دستور توافقي، أي محل قبول غالبية الشعب الجزائري، ولأنه عميق لابد من الذهاب إلى استفتاء ليجد الشعب ضالته، المرتبطة بالتوافق وليس بالإجماع لأن الأخير غير موجود، ومن أجل ذلك لا بد من نقاش واسع لكل الأطراف طبقة سياسية، تنظيمات، شخصيات.... - ما هي ابرز الإيجابيات التي تسجلها في المسودة، وما هي النقائص التي تستوجب الاستدراك؟ يجب أن نعرف أن لجنة الخبراء قامت ب3 نقاط، إذ أبقت على بعض أحكام الدستور الحالي كما هي سواء في فقرات في الديباجة أو المواد، كما أضافت مواد جديدة، وقامت بتحيين البعض منها أي مواد معدلة، وأنا كباحث في القانون الدستوري، اسمن بعض المواد التي تم الابقاء ابعليها، لكن تساءلت لماذا لم تحذف البعض. فعلى سبيل المثال تنص المادة 134 على أن الحصانة البرلمانية ترتبط بممارسة البرلماني لمهامه، لكن المادة التي تليها 135 تنص على أن الأخير محل متابعة قضائية في الأعمال غير المرتبطة بمهامه البرلمانية، بعد تنازل صريح عنها، أو رفعها بقرار وفق الشروط التي يحددها القانون، وهو تحصيل حاصل فلماذا تضاف المادة وما جدواها؟ النقطة الايجابية التي وردت وأثمّنها استحداث منصب رئيس الحكومة، الذي يتحمل مسؤولية سياسية أمام البرلمان عن تنفيذ برنامجها، ما يكرس تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، مقترحا اطلاق تسمية مجلس الحكومة على اجتماعاتها، اقتداء بتسمية مجلس الوزراء، لاسيما وأنها تجسد برنامجها، وكذا تعزيز صلاحيته، من خلال تفويض المزيد من صلاحيات الرئيس له. بالمقابل أرفض نقطتين في المسودة، اولها استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية، لماذا؟ لان اللجنة تبنت نظام شبه رئاسي، الأنسب للمجتمع الجزائري، لابد أن نجد ملامحه، وهذا المنصب ينحصر في النظام الرئاسي، وقد يترتب عنه بذلك عدم الانسجام في السلطة التنفيذية، لاسيما وأن المساعد القوي لرئيس الجمهورية، هو رئيس الحكومة الذي يجسد برنامج، على أن يعني الرئيس بتسيير الأزمات الرئيس. والأشكال المطروح في المبرر، اذ يكمل نائب الرئيس العهدة في حالة شغور المنصب، فماذا لو استقال الرئيس في السنة الأولى من العهدة، لا يمكن الذهاب إلى انتخابات، وسيحل محله وهو غير غير منتخب ولم يؤد اليمين الدستورية، ما يتعارض مع المادتين 7و8 التي تنص على أن الشعب مالك السيادة، ويتعارض مع نظام الحكم الجمهوري، وأعارضه إلا إذا تم حصره في مساعدة رئيس الجمهورية في أداء مهامه، وليس في استكمال عهدته، إلا إذا كان منتخبا، لأنه أمر غير مقبول إطلاقا. دسترة بيان أول نوفمبر وسلطة الانتخابات بقانون خاص - ماذا تقترحون في إطار إثراء الوثيقة؟ يتعين إعادة النظر في التسميات التبويب الإبقاء على السلطات بمسمياتها، ينسجم مع الباب الثالث والنظام الشعب الرئاسي والفصل بين السلطات والأنظمة الدستورية المقارنة، والأسماء الجديدة مؤسسات وليست سلطات. ونقترح استحداث آليات وضمانات دستورية اكبر لتجسيد أحكامه كلها ليس الحقوق والواجبات فقط، الجميع ينبغي أن يخضع للدستور، مثلا تجريم المساس لأحكام الدستور بأحكام مشددة، بتصنيفها جنحة لأن الأمر يتعلق بدستور البلاد، ومن المهم جدا صدور قوانين الإحالة في نفس السنة. وأطالب بإدراج بين أول نوفمبر في ديباجة الدستور، لأنه مطلب شعبي، ولأنها وثيقة هامة وحاسمة في تاريخ الجزائر ولها قيمة معنوية والكل يقدسها، مثلما تمت دسترة الحراك، علما أنه تم تناولها كمحطة وليس كبيان، والى ذلك دسترة المقاومات الشعبية منذ 1830 الى غاية اندلاع الثورة التحريرية. ونثمّن أيضا دسترة الحراك ونبذ خطاب الكراهية، ونقترح بالنسبة للسلطة القضائية إشراك المساهمين وشركاء القطاع على غرار المحامين، في المجلس الاعلى للقضاء، لاسيما وأنه ليس مجلس أعلى للقضاة. وفيما يخص سلطة الانتخابات، لم تعط قيمتها الحقيقية رغم أنه تمت دسترتها، وهو أمر مهم ووسعت صلاحياتها ممثلة في تحضير وتنظيم وتسيير والإشراف على الانتخابات وهو مهم جدا أيضا، ، لكن لابد من تنظيمها بقانون عضوي خاص بها، وليس بإحالة على القانون العضوي لقانون الانتخابات، ونقترح ايضا ميزانية مالية خاصة بها مثل باقي السلطات، لأن مهامها ليست مؤقتة. ويعتبر الذهاب الى محكمة دستورية، تمارس الرقابة على قرارات رئيس الجمهورية في الحالة الاستثائية، الحكم في الخلافات بين السلطات، أمر اخر لا يقل أهمية، لكن استغربت من اقتراح تعيين رئيس البرلمان عضوين من خارج الغرفتين، والأجدر أن يتم انتخاب رئيسها وليس تعيينه. كما لدي اقتراح مهم، ويتعلق الأمر بتوسيع تحديد الممثل البرلماني بعهدتين، الى المجالس المحلية المنتخبة، لأن الأمر كفيل بتشجيع الشباب على الاقبال على العمل السياسي.