يشكل عدم توازن الميزان التجاري إحدى الاشكاليات الاقتصادية التي يتعين مواجهتها من خلال النظر بعمق في الأسباب المؤدية لذلك لمعالجتها بمنظور اقتصادي ويختلف الحل من دولة لأخرى، حسب إمكانياتها وطبيعة اقتصادها وبالنظر للوضعية في بلادنا، أشارت إحصائيات المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات للجمارك إلى أن الميزان التجاري للجزائر حقق فائضا ب 80،3 مليار دولار في شهر فيفري الماضي مقابل 63،2 مليار دولار في نفس الشهر من سنة 2011 ، أي بتسجيل ارتفاع بنسبة 2 ، 44 بالمائة. وارتفعت المحروقات التي تمثل 62 ، 98 بالمائة من الحجم الإجمالي للصادرات الجزائرية من 80 ، 5 مليار دولار في فبراير 2011 إلى 66 ، 6 مليار دولار في نفس الشهر من سنة 2012، أي بارتفاع يقدر ب 76 ، 14 بالمائة. كما أن ارتفاع الميزان التجاري يرجع إلى انخفاض الواردات الجزائرية خلال شهر فبراير 2012 بنسبة 7 ، 10 بالمائة أي ما يعادل 95 ، 2 مليار دولار مقابل 31 ،3 مليار دولار في فبراير 2011. ويرجع هذا الانخفاض أيضا إلى تراجع الواردات من سلع التجهيز والمواد الاستهلاكية الغذائية أي بنسبتي 8 ، 30 بالمائة و 26 ، 16 بالمائة على التوالي مقارنة بنفس الفترة من سنة 2011. وبلغت قيمة سلع التجهيز التي تمثل 2 ،31 بالمائة من الحجم الإجمالي للواردات 924 مليون دولار في فبراير 2012 مقابل 33 ، 1 مليار دولار في نفس الفترة من سنة 2011، أي بانخفاض بنسبة 79 ، 30 بالمائة. وجاء في إحصائيات هذه المؤسسة أن المواد الغذائية تراجعت بنسبة 26 ، 16 بالمائة أي من 658 مليون دولار إلى 551 مليون دولار. وسجلت الصادرات خارج المحروقات التي تبقى ضعيفة 38 ، 1 بالمائة ) من الحجم الإجمالي بقيمة 93 مليون دولار انخفاضا بأكثر من 34 بالمائة مقارنة بنفس الفترة المرجعية. وكان أهم خمسة زبائن للجزائر في شهر فبراير الولاياتالمتحدة 11 ، 22 بالمائة و49 ، 1 مليار دولار و ايطاليا 59 ، 14 بالمائة 986 مليون دولار وفرنسا 8 ، 10 بالمائة 730 مليون دولار وإسبانيا 43 ، 7 بالمائة 502 مليون دولار و أخيرا كندا 9 ، 6 بالمائة 466 مليون دولار). كما كشفت أرقام صادرة جهاز الجمارك الجزائرية شهر جويلية الماضي أن الفائض التجاري بلغ 1.58مليار دولار مقابل 1.54 أي ارتفاع بنسبة 41 ، 2 بالمائة، حيث بلغت الصادرات 36 ، 5 مليار دولار مقابل 65 ، 4 مليار دولار في نفس السنة التي سبقتها، أي بارتفاع 25 ، 15 بالمائة، بينما بلغت الواردات مليار دولارمقابل 12 ، 3 مليار دولار في نفس الفترة من السنة السابقة أي بارتفاع 58 ،21 بالمائة وتبين هذه الأرقام ارتفاعا في الصادرات في مواجهة الواردات ولتحليل هذه الأرقام التي أخذت على سبيل المثال اتصلنا بالخبير المالي نصر الدين شلال 62 سنة خبير ومدير مالي سابق للمجمع الصناعي الوطني للبلاستيك والمطاط، فأكد لنا أن الارتفاع المسجل في الصادرات والذي قدر العام الماضي بحوالي 70 مليار دولار مقابل 50 مليار دولار للواردات، يعود للاعتماد أساسا في التصدير على المحروقات نفط وغاز بالإضافة الى الارتفاع في الأسعار العالمية لهذه المواد بحيث أن التصدير خارج المحروقات لم يصل حسبه 2 مليار دولار، كما نبه لما اسماه لعبة انتحارية من خلال التصدير بعملة الدولار والاستيراد بعملة الاورو فالدولار ما فتئ تنخفض قيمته في حين عملة الآورو ما فتئت ترتفع، وأن الولاياتالمتحدةالأمريكية تمارس الضغوط للإبقاء على التعامل بعملتها العالمية بشتى الوسائل السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية أحيانا، ودعا الى اعتماد النمودج الاقتصادي الآسيوي الذي يرتكز حسبه على تصنيع المنتوجات المستوردة داخل بلدانهم حتى يصبحون شيئا فشيئا منافسين لتلك الدول التي استوردوا منها ويتحولون إلى مصدرين لها مع مرور الوقت وقد نجحوا في ذلك، وعبر عن رفضه دخول الجزائر في المنظمة العالمية للتجارة أو شراكة مع الإتحاد الأوروبي لأن الجزائر غير قادرة حاليا على المنافسة لتفادي انهيار إنتاجها المحلي الضعيف والهش من خلال إلغاء التعريفات الجمركية ولهذا وجب الحفاظ على الإنتاج المحلي وتطويره ليصبح ذا تنافسية تمكن البلاد من إيجاد مصدر دخل هام بالعملة الصعبة للتخفيف من أية أزمات تمس السوق العالمي للنفط في ظل الوضعية المالية والاقتصادية العالمية الهشة وذكر بما قامت به السعودية في1986 عن طريق زكي يماني الذي أعلن الحرب على أسعار البترول للمحافظة على الاحتكار السعودي بإيعاز من أمريكا فأدى ذلك الى انهيار الأسعار الذي تضررت منه الجزائر كثيرا ولجأت لحل أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الى صندوق النقد الدولي خاصة وأنها عوض التقشف انتهجت سياسة القرض من أجل الاستهلاك، وعن الوضعية الحالية لبلادنا أفاد أن احتياطات الصرف التي تقارب 200 مليار دولار هشة ويمكن نضوبها في حالة انخفاض حاد في أسعار المحروقات أو ارتفاع في السلع المستوردة خاصة التجهيزات والتغذية والأدوية المرشحة للزيادة في أسعارها بفعل الأزمة الاقتصادية وعوامل طبيعية، ودعا الى عدم رفع قيمة الدينار حتى لا يزيد الاستيراد، وكحل لتصحيح الميزان التجاري يرى الخبير أن الوضعية الحالية هشة باعتبار ان المداخيل من الواردات ترتكز أساسا على المحروقات التي هي ثروة زائلة وأسعارها غير مستقرة ولهذا وجب تنويع الصادرات وتطوير الفلاحة لتحقيق اكتفاء ذاتي غذائي، علما أن الجزائر استوردت ما قيمته 9 ملايير دولار غذاء العام الماضي والاهتمام أكثر بالصناعة والسياحة خاصة لتنويع المداخيل بالعملة الصعبة. سطيف: نورالدين بوطغان