عبّر عدد من المختصين والمهتمين بالآثار وحماية المواقع الكثيرة، المهددة بالاندثار، بولاية بومرداس عن مخاوفهم من أن تتعثر عملية البحث والتنقيب التي انطلقت فيها بعثة متخصصة من معهد علم الآثار، بجامعة الجزائر. البعثة تعمل في موقع «مرسى الدجاج»، وهي التسمية القديمة لزموري، التي انطلقت شهر سبتمبر 2017 بالتنسيق مع مديرية الثقافة، وهناك معالم هامة لم تكتمل فيها المهمة على غرار قصبة دلس.. تحوي الخارطة الجغرافية والأثرية لولاية بومرداس على مواقع ومعالم أثرية هامة، تروي تعاقب عدد كبير من الحضارات التاريخية وشاهدة على عبقرية الإنسان وإسهاماته المادية والفكرية من أبرزها الميناء القديم وقصبة دلس وعدد من المواقع والأضرحة الرومانية في بلدية لقاطة، تاورقة، الثنية وغيرها دفعت بالقائمين على القطاع إلى جرد خمسة معالم جديدة بمناسبة شهر التراث، أفريل الماضي، تحضيرا لعملية التصنيف الوطني ومباشرة أشغال التهيئة والترميم، إلى جانب الموقع الأثري الهام، الذي تم اكتشاف أغواره مؤخرا بزموري البحري، بفضل الأبحاث العلمية التي باشرتها فرقة متخصصة تتكون من 35 أستاذا وباحثا وطالب دكتوراه بمعهد علم الآثار بجامعة الجزائر2. جريدة الشعب، كانت حاضرة مع انطلاق أول عملية بحث بالموقع شهر سبتمبر من سنة 2017، في حملة أخذت شعار»ريادة واستكشاف أثري بموقع زموري البحري»، وهي عبارة عن أشغال للتنقيب ومحاولة اكتشاف أغوار المعلم الأثري «مرسى الدجاج» الممتد على مساحة 6 هكتار، ويعود للحقبة الحمادية والزيرية وحتى الفاطمية، خلال القرن الرابع هجري العاشر ميلادي، بحسب الدلائل المكتشفة لبعض الأواني والفخار، وأكدت رئيسة فرقة البحث عائشة حنفي «أن الموقع هام جدا ويحمل في باطنه كنوز تاريخية تعود لحقب تاريخية وحضارات مختلفة، بما فيها الفينيقية والرومانية». معلم تاريخي شاهد على تعاقب الحضارات في حين ذهب الدكتور محمد مصطفى فلاح، مدير مخبر علم الآثار، التراث وعلم القياس بجامعة الجزائر، أبعد من ذلك في شهاداته على أهمية الموقع وثقله التاريخي وحتى السياحي مستقبلا حينما اعتبر موقع مرسى الدجاج ذو أهمية كبيرة للبلاد بالنظر إلى مكانته التاريخية والحضارية. وتوقع أن تساهم الدراسات التقنية والمخبرية لبعض المواد المستخرجة خاصة الفخاريات وكذا عملية إعادة بناء المعالم الموجودة في شكل مجسمات بواسطة الإعلام الآلي في تحديد تاريخ الموقع وحضاراته المتعاقبة»، مشيرا أن الموقع ممتد على مساحة 6 هكتار ظاهرة، لكنه اكبر من ذلك بكثير ويمتد سطحيا حتى الميناء. وكشف حينذاك «أن فرقة البحث لا تملك سوى بعض التحف الأثرية القليلة المتمثلة في أحجار وفخاريات تعود تاريخيا إلى فترة المرابطين والموحدين وبالضبط بنو غنية الذين ورثوا المرابطين قبل انهزامهم أمام الموحدين ولجوئهم إلى جزيرة مايوركا باسبانيا في القرن الرابع هجري العاشر، وحتى الثاني عشر ميلادي، وبالتالي هي آثار تختزن عمر المدينة في هذه الحقبة التي تتراوح ما بين 150 إلى 170 سنة تقريبا، ومنه نحاول الآن القيام بأعمال سطحية مسحية استعجاليه منها تسييج الموقع وتحديد مواقع المعالم في انتظار الانتقال إلى مرحلة الحفريات مستقبلا مثلما قدم في ملاحظاته. هي شهادات نقلتها «الشعب» على أفواه أكاديميين مختصين همهم الوحيد اكتشاف أغوار معلم ظل لعقود مهمل ومعرض للنهب والاستغلال من قبل ناهبي العقار، ما أدى إلى تقليص مساحته إلى حدود 6 هكتار، لولا نداءات واستغاثة عدد من الأشخاص المهتمين بالآثار والجمعيات الناشطة في المجال، منها: «جمعية السواقي الثقافية» لبلدية زموري التي قامت بمجهودات كبيرة للتعريف بالموقع ورفع تقارير إلى مديرية الثقافة والسلطات الولائية والوزارة الوصية للتدخل وإنقاذ الموقع قبل اندثاره والاستحواذ عليه إلى غاية تصنيفه وطنيا سنة 2016، وهي خطوة مهّدت لانطلاق عملية البحث والاستكشاف المتوقفة حاليا. العبرة اليوم -بحسب المختصين- ليس في الشعارات والتصريحات الإعلامية، بل في الخواتم وما وصلت إليه نتائج الدراسات وعملية التنقيب المتوقفة، مع التخوّف من أن يلقى نفس مصير باقي المعالم الرئيسية بولاية بومرداس، من أبرزها قصبة دلس التي أسالت الكثير من الحبر وتأسست من أجلها وكالة محلية للقطاعات المحفوظة تابعة للوكالة الوطنية بالعاصمة تعنى بإحصاء القاطنين بالموقع والملاك ومساعدتهم في تكوين ملفات للحصول على إعانات مخصصة للترميم يمنحها الصندوق الوطني للتراث الثقافي، إلى جانب المصادقة على المخطط الدائم لحفظ واستصلاح القطاع المحفوظ بقرار وزاري مشترك صادر بالجريدة الرسمية لشهر جويلية من سنة 2016. لكن الخطوة توقفت في هذه المرحلة الثالثة، بحسب القائمين على الوكالة، نتيجة صعوبة فرز ملاك البنايات 250 المشكلة للقصبة الموزعة بين الورثة، ليبقى المعلم العريق يصارع الزمن وأثار زلزال 2003 وأخرى مقدرة ب 41 موقعا أثريا من أصل 55 موقعا في حالة كارثية، وفق تقرير لجنة الثقافة للمجلس الشعبي الولائي.