أحبَّ الكتابة مبكرا، منذ المرحلتين المتوسطة والثانوية، وازداد شغفا بها لمّا التحق بالحرم الجامعي بوهران. أول رواية نشرها بعد رحلة البحث عن الذات والغوص في بحر الكتابة ومعانقة قوارب الحروف، هي «الينابيع الزرق»، لتطفو أربعة أعمال على شاطئ الابداع ومازالت مسيرته الثقافية والأدبية متواصلة لحد الآن... في هذا الحوار يتحدث الأديب عن تأثره بالجاحظ وأبي العلاء المعري والطاهر وطار وابن هدوقة وغيرهم.. الشعب: من يكون علي فضيل العربي الكاتب والإنسان؟ علي فضيل العربي: علي فضيل العربي، قاص وروائي جزائري عصاميّ من مواليد بلدية سيدي عكاشة بولاية الشلف، خريج المدرسة العليا للأساتذة، فرع جامعة وهران، وأستاذ التعليم الثانوي. ما هي أولى أعمالك الأدبية؟ لعل أهم عمل أدبي ساهم في إبراز اسمي في سماء الأعمال الأدبية، هي روايتي الأولى «الينابيع الزرق» وكان لي الشرف أن تُنشر وتُدرج في قائمة الأعمال الروائية والأدبية للجزائر عاصمة الثقافة العربية سنة 2007، دون أن أنسى فضل جريدة «الشعب» في منتصف الثمانينيات في تشجيعي من خلال صفحتها الأدبية الأسبوعية «منتدى المواهب»، وكان يعدّها أسبوعيا الأديب الفقيد عياش يحياوي. لقد نشرت في صفحتها الثقافية أغلب قصصي القصيرة، التي جمعتها، وطبعتها ونشرتها تحت عنوان «الإبحار نحو دائرة الشمس». لكل مبدع شخصية أدبية مؤثرة فيه وفي مشواره... في البداية لم تتوضخ لي شخصية معيّنة، غير أنّني لما التقيت بالشاعر المصري حسن فتح الباب بأروقة الجامعة وشجعني، أحببت الكتابة أكثر، كما أنّني كنت قارئا شغوفا للأدب العربي، قديمه وحديثه، بحكم تخصصي الدراسي. لا أخفي عليكم مدى تأثري بالجاحظ وأبي العلاء المعري والطاهر وطار وابن هدوقة وغيرهم... إضافة إلى مطالعاتي للرواية الروسية، ما قبل الثورة البلشفية، ورواية أمريكا اللاتينية، وعلى رأسها روايات الأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز. ما هي معوقات المبدع؟ إنّ طريق النجاح في أي مسار ثقافيّ أو علميّ صعب، بل هو في غاية الصعوبة، خاصة في إذا كانت الأمية ضاربة أطنابها في المجتمع. إنّ الكاتب عندنا يعاني من غياب النقد الموضوعي البناء ومحدودية القراءة، فالمتأمل للساحة الأدبية يلاحظ أنّ المحاباة والمجاملة والأحكام الارتجالية والمنافسة غير الشريفة ومحاولة الجيل القديم الهيمنة على الساحة الأدبية، وتغييب الجيل الجديد، كلّها عوامل تعرقل النهضة الأدبية المنشودة. لكن، بفضل التحدي والمثابرة، سيكون للجيل الجديد مكانة مرموقة في عالم الإبداع مستقبلا، بشرط التركيز على الجودة وعدم الاستعجال لبلوغ المرام. ما رأيك في تدوين الأعمال الأدبية بصفحات التواصل الاجتماعي؟ صار العالم الأزرق نافذة مشرَعة لكل كاتب ومبدع يرغب في نشر أعماله، وتحقيق قدر من الشهرة. فصفحات التواصل الاجتماعي، تمنح الكاتب المبدع والمتميّز والجاد فرصا ذهبية للتعريف بأعماله الأدبية. هي مقدمة لركوب موجة التدوين والنشر والتوزيع، كما تفضلت، فالفضاء الأزرق منصة واسعة وجب استغلالها في تطوير نهضة ثقافية جادة. ولتكن النوعية عنوانها، وليتنافس المتنافسون بشرف وصدق. وعندئذ لن يبقى في الوادي غير حجارته. ماذا تمثل لك رواية «الينابيع الزرق»، وهل هناك أعمال أخرى؟ رواية «الينابيع الزرق» هي أول وأهم عمل بالنسبة لي، وكان ذلك في إطار تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية، وقد أهديتها إلى روح الصديق الفقيد الأديب بختي بن عودة. وزعت كل نسخها «3000 نسخة» هدية على مكتبات الوطن، ثم نشرت لي وزارة الثقافة مجموعتي القصصية «الإبحار نحو دائرة الشمس»، لدار الهدى. ونشرت بعد ذلك رواية «جوهرة والبيت الكبير» ومجموعتين قصصيتين «الطريق إلى حلب» و»الفجر يولد ضاحكا»، ولي أعمال أخرى في طريقها إلى النشر قريبا. كلمة أخيرة...؟ إنّ العمل الإبداعي، يشبه عمل الصائغ، ولهذا على المبدعين والكتاب الذين مازالوا يخوضون غمار الكتابة والإبداع، أن يتزودوا بالمطالعة وألاّ يستعجلوا النشر قبل التنقيح والتمحيص والمراجعة. لاحظت أنّ الأخطاء النحوية والإملائية شائعة في كثير من الأعمال الأدبية. وألا تعتمدوا على ما يسمّى بالمدقّق اللغوي الذي تعتمده دور النشر. كما أوجه ندائي إلى القائمين على الثقافة والإبداع، بوجوب إسناد الأمور إلى أهلها، والاهتمام بالكاتب معنويا وماديا، وفتح ورشات ثقافية ومعارض ولائية للكتاب، والابتعاد عن الصراعات الإيديولوجية والشخصية من أجل نهضة ثقافية جادة وواعدة في جزائر جديدة ومزدهرة.