فتح عبد المجيد شيخي المدير العام للمركز الوطني للأرشيف ملف هذا القطاع الحسّاس الذي تتناوله الكتابات الصحفية ويثير بشأنه تساؤلات لم تتوقف: متى استعادة الجزائر لجزء هام من وثائق تخص ذاكرتها ومؤسساتها، وذكر كتاباتها الصالحة لتدوين التاريخ الوطني. ذكر شيخي في لقاء (ضيف التحرير للشعب)، بالكثير من المسائل التي تعيق استعادة الأرشيف الوطني في صدارتها موقف فرنسا الرسمية الرافض لهذه المسألة جملة وتفصيلا، سامحة بتسليم ما يزيّن وجهها، ويجعله أكثر براقة ووضاء يدرج في إطار الحملة المروّجة خطأ «أن للاستعمار وجه حضاري وإنساني». عن سبب هذا التماطل الفرنسي، وهل مرجعه لعدم تحمس الجزائر في بداية الاستقلال لهذه المسألة وعدم منحها الأولوية بحكم الظرف الاستثنائي، نفى شيخي هذا الطرح بالمرة. وقال أن المسؤولين الجزائريين لم يترددوا لحظة في المطالبة باستعادة الأرشيف الوطني المهرّب بطريقة شنيعة إلى باريس، ومتاحفها ومدارسها الحربية. وتساءل في رده على هذه الأفكار التي تتخذ من جهات كثيرة في حملات غير مؤسسة، كيف لقادة الثورة التحريرية أن يحافظوا على أرشيفها وثيقة وثيقة، وتؤمن بصفة كبيرة، ولا يُعتنى بالأرشيف الوطني في أوسع مداه، وأفقه. ويكشف هذا الأمر، كم هو مجديا استعادة الأرشيف الوطني الذي يؤرخ لحقب تاريخية عاشتها الجزائر التي لم تؤسس في ال62 فقط. لكنها موجودة في أعماق العصور، ساهمت في الحضارة الإنسانية، وتركت بصماتها. وعلى هذا الأساس، كان التأكيد لدى السادة الجزائريين في كل مرة على اعتماد مصطلح استعادة السيادة الوطنية في حقبة ال62، وليس الاستقلال. وبهذه الطريقة، يمكن الرد على ما يروّجه الفرنسيون من مغالطات وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، والإدعاء بأن الجزائر لم تتقدم بأي طلب رسمي حول استعادة الأرشيف. وحسب شيخي لم يطو الجزائريون ملف استعادة الأرشيف من السلطات الفرنسية التي ترى خطأ فيه غنيمة حرب يؤخذ ولا يسلم. وتدوس على الاتفاقية الدولية الممضاة في 1963 من كل الدول عدا باريس. وهي اتفاقية تؤكد بالملموس أن الأرشيف يتبع للإقليم المتواجد فيه، ولن يسلب من أي قوى وجهة تحت أي عذر وذريعة. وفرنسا التي احتلت الجزائر بالقوة، وفرضت سلطتها الاستعمارية بالإبادة الجماعية والفردية، مست 7 ملايين جزائري، وجدت البلاد عامرة بثقافتها، ومضمون سياستها، وعمرانها، وليست بالمرة أرض فارغة.. تطبيقا للقاعدة المعادلة المقلوبة «شعب بلا أرض.. أرض بلا شعب». لهذا من واجب فرنسا، تسليم الأرشيف الوطني والسير على درب دول أخرى أقامت معها الجزائر علاقات تعاون مرجعية مضربة المثل.