عيد النصر فرصة لتأكيد عهدنا على النهج النوفمبري الشباب مؤهل للانخراط في مسار بناء مؤسسات جديدة بعث رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس، رسالة بمناسبة إحياء الذكرى 59 لاحتفالات عيد النصر، التي احتضنتها رسميا ولاية تلمسان، قرأها نيابة عنه الأمين العام لوزارة المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة. فيما يلي نصها الكامل: «بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين. أخواتي الفضليات، إخواني الأعزاء، تحل الذكرى التاسعة والخمسون (59) لعيد النصر (19 مارس 1962)، وفي مناسبة جليلة، نتذكر فيها حدثا تاريخيا في مسيرة الأمة المظفرة، عندما توج الشعب الجزائري ثورة التحرير المباركة، بنصر مبين، شق به طريق الخلاص وبتضحيات مريرة من هيمنة الاستعمار وما اقترفه في حق الشعب الأعزل من جرائم، مازالت جراحها وآثارها شاهدة على هول وحجم الدمار والخراب، وعلى سياسة الأرض المحروقة البشعة المقيتة. لقد كانت تباشير النصر، التي لاحت في سماء الجزائر المجاهدة في ذلك اليوم الأغر، موعدا حتميا، أفضى إليه الكفاح الملحمي للشعب الجزائري، غداة اندلاعه في الفاتح نوفمبر 1954. وإننا ونحن نحيي عهد النصر في 19 مارس، شهر الشهداء، فتتداعى إلى أذهاننا ملاحم وبطولات وأمجاد أسلافنا الغرّ الميامين، في مراحل المقاومات الشعبية، وإبان الثورة المجيدة. ننحني بخشوع وإجلال أمام أرواح الشهداء الزكية الطاهرة، ونجدد لرفاقهم المجاهدين، أطال الله في أعمارهم، التقدير والعرفان. استجلاء المفقودين وتعويض ضحايا ا النووية أخواتي، إخواني ما فتئتُ أؤكد على ضرورة حماية الذاكرة الوطنية، وأذكِّرُ بمسؤولية الدولة في الاضطلاع بهذا الملف، بأقصى درجات الجدية والمثابرة. ولئن كنا قد قطعنا خطوات مهمة وسجلنا بوادر إيجابية، خاصة فيما يتعلق باسترجاع الأرشيف واستعادة جماجمَ لرموز من قادة المقاومة الشعبية، فإن إصرارنا على صون التاريخ والذاكرة يظل في صميم أولوياتنا، لإحراز التقدم المرجو في هذا المسعى. وفي هذه المناسبة، وإذ أستحضر معكم لحظات مهيبة، بالغة المغزى، شهدناها في 5 جويلية الماضي، بإعادة دفن أبطال ممن قادوا المقاومة الشعبية في مقابر الشهداء، وفي ثرى أرضنا الطيبة بين أهلهم وذويهم، تبقى المتابعة مستمرة لاستجلاء مصير المفقودين أثناء حربنا التحريرية وتعويض ضحايا التجارب النووية. فالأحداث والوقائع لا تسقط من تاريخ الأمم بالتقادم، بل إن النزاهة تقتضي تغلب الإرادة والصدق على ما سواها من اعتبارات ضاغطة. نخوة وطنية في مواجهة الجائحة أخواتي، إخواني عندما توج الشعب الجزائري ثورة التحرير المجيدة في 19 مارس 1962 بعيد النصر، بعد تضحيات جسيمة وكفاح مرير، كان قد ثبّت بمرجعية نوفمبر معالم طريق الوفاء لرسالة الشهداء. وإن الاحتفاء بعيد النصر في شهر الشهداء هذا، فرصة متجددة، نقف فيها في يوم خالد مجيد، لتأكيد عهدنا على النهج النوفمبري... قدر الجزائر، ومصدر عزة وسؤدد الأمة. والحمد لله أن أنعم على الشعب الجزائري بنخوة وطنية، تعزز وحدته، وترسخ في أعماقه إرادة التحدي والتغلب على الصعوبات، مثلما تجلى خلال مواجهة جائحة كورونا کوفيد-19 طيلة الشهور الماضية، حيث كانت التعبئة والتضامن الوطني من العوامل الحاسمة في محاصرة الوباء والتخفيف من آثاره. دولة المؤسسات تبنى بإرادة الشعب أخواتي، إخواني تعلمون أنني اتخذت قرارات، تندرج في سياق تهيئة الظروف للتغيير المنشود، الذي يتطلع إليه شعبنا الأبي، وخاصة الشباب المدعو للانخراط في مسار بناء مؤسسات جديدة، تحظى بالثقة والمصداقية. ولقد كانت تلك القرارات منسجمة تماما مع التعهدات التي التزمت بها، وشرعت في تجسيدها منذ الأيام الأولى، سواء على الصعيد السياسي أو على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وإذا كنا قد صادفنا بعض العوارض، والظروف الاستثنائية، من جراء تفشي وباء كوفيد-19، فإننا اليوم مدعوون وبمشاركة الجميع من الطبقة السياسية والمجتمع المدني والتنظيمات والنقابات والنخب، لإحداث القطيعة الجذرية مع ممارسات الخزي والوبال، والمضي بعزم وحزم في محاربة الفساد وكشف نوايا ومساعي المفسدين وبقاياهم الباحثين عن فرص زرع الشكوك... وإثارة النعرات والفتن. وإنني لعلى يقين، بأن الشعب الجزائري، لاسيما بناتنا وأبناءنا من شبابنا الذي زرع بوعيه في الحراك المبارك أمل الجزائر الجديدة، سيتجند لبناء دولة الحق والقانون؛ دولة المؤسسات التي تبنى بإرادة الشعب، من خلال الاختيار الديمقراطي الحر... وعبر التنافس الشريف النزيه بالأفكار والبرامج في موعد 12 جوان القادم، الذي تمت إحاطته بكافة ضمانات النزاهة والشفافية. وفي الأخير، ونحن نحي هذه المناسبة التاريخية الخالدة ونقف بعزة وشموخ، متطلعين إلى جزائر صاعدة وواعدة... نترحم بخشوع وإجلال وإكبار على أرواح الشهداء الأبرار، مجددين العهد على الوفاء لتضحياتهم الجسام، ونتوجه بالتحية والتقدير لرفاقهم المجاهدين... المجد والخلود لشهدائنا الأبرار تحيا الجزائر والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته».