تخوض ولاية قالمة أصعب تحد لها من أجل إصلاح ما خلفته الهزة الأرضية، وإعادة السكينة والطمأنينة لمواطنيها، الذين انتابهم الهلع والخوف، لاسيما بعد تحذيرات متتالية من وقوع زلزال مدمر، كونها توجد في منطقة جيولوجية على خط زلزالي. لا تزال تداعيات الهزة الأرضية التي بلغت شدتها 4,8 درجات، تلقي بظلالها على المشهد، وسط تصاعد المخاوف بشأن إمكانية حدوث نشاط آخر، ولاسيما بعد التغيرات التي طرأت على بعض العناصر الطبيعية المكونة للحمام البركاني الشلالة أو الدباغ، بعدما تهاوت أجزاء كبيرة منه، وتراجعت درجة حرارة مياهه الكبريتية الحارة من 96 بالمائة إلى 94,7 بالمائة. الهزة الأرضية التي بلغت 4,8 درجات، عقبتها هزات ارتدادية متتالية، الأولى بلغت قوتها 3,7 درجات، على الساعة 17:47سا، وحدد مركزها ب6 كلم جنوب غرب الولاية، والثانية 2,9 درجة، على الساعة 20:22، أما الهزة الثالثة فتم تسجيلها على الساعة 23:47 بقوة 3,1 درجات، ما جعلت السكان يقضون ليلة بيضاء، تطغى عليها نوبات هلع وخوف بادية جلية. سلسلة الاهتزازات الارتدادية المتتالية التي شهدتها ولاية قالمة، وشعر بها سكان مختلف بلديات الولاية، وحتى الولايات المجاورة، على غرار سكيكدة، أجبرت عديد العائلات على الفرار إلى الشارع والمبيت في العراء، خاصة وأنّ معظم المباني قديمة، مهددة بالإنهيار، والسكنات الجديدة، لا تحترم شروط البناء المضاد للزلازل. وبحسب تأكيدات العديد من سكان قالمة وما جاورها من البلديات المتضررة بدرجات متفاوتة، تم تسجيل إغماءات بالجملة وسط المرضى خاصة والتلاميذ بالمدارس أثناء مزاولتهم الدراسة، ليتم تسريحهم بعد الهزة مباشرة على غرار مؤسسات هواري بومدين، مجاز عمار، حمام دباغ، الركنية، الفجوج، لخزارة، وادي الزناتي وتاملوكة. رفع حالة التأهب رفعت المصالح الولائية المختلفة درجة التأهب والاستعداد، بدءا بتنصيب خلية عملياتية للمتابعة، وذلك بمشاركة كل المديرين التنفيذيين وممثلي الأسلاك الأمنية، وسط تعليمة صارمة وغير مسبوقة بتسخير كافة الإمكانات المادية والبشرية المتاحة، والإستعداد التام، تحسبا لأي طارئ. وكثّفت الوحدات العملية للحماية المدنية لولاية قالمة، من خرجاتها الاستطلاعية للأماكن التي مسها الزلزال عبر كامل تراب الولاية، بالإضافة إلى تقصي ومتابعة مختلف المتغيرات، تجنبا للكوارث المحتملة. ومن أبرز تدخلات الحماية المدنية، تدخل وحدة «حمام دباغ» على إثر سقوط جدار منزل على أسلاك كهربائية بحي 40 مسكنا، وكذا بحي 5 جويلية، إثر سقوط سلم منزل. كما تدخلت وحدة «هواري بومدين» لمعاينة بعض التشققات بجدار عمارتين بحي بن شيخ، وبحي 05 جويلية، إثر سقوط سقف منزل. من جانبها وحدة لخزارة، تدخلت لأجل تشققات بجدار منزل بمشتتة البور. وكانت «الشعب» حاضرة في الميدان لنقل الوقائع والتفاصيل بكل حيثياتها، حيث وقفت على الخسائر المادية التي تكبدها بعض التجار، من بينهم صاحب محل للمواد الغذائية، والذي أكد في تصريح له أن «كميات هامة من بضاعته تعرضت للتلف». كما تنقلت ساعة وقوع الهزة إلى أحد المنازل المتضررة ببلدية هواري بومدين، أين كانت الصورة مروعة، جراء سقوط سقف إحدى الغرف، ولحسن الحظ لم يكن أفراد العائلة بها، مع تسجيل نوبات خوف وهلع كبيرتين ولاسيما وسط صغار السن. نسخة مغايرة للحمام البركاني وفي الساعات الأولى من صباح أمس، وقفت «الشعب» على جمع غفير من سكان دباغ، أمام الحمام البركاني ونظرات الحسرة والخوف بادية على وجوههم، كيف لا وهم يشاهدون نسخة مغايرة للشلال الذي فقد ألوانه وشكله المعتاد، سيما بعد تغير مسار مياهه بفعل الهزة، والتي تعتبر المغذي الأساسي لهذا الشلال المتكون من طبقات كلسية. وقد اكتشف القائمون على شلال حمام دباغ، مباشر بعد الهزة الأرضية، حدوث شق صغير في الشلال، تسبب في تغيير مجرى الماء، ليلجأ القائمون عليه مباشرة لغلق المعلم السياحي، تفاديا لسقوط الحجارة الكلسية الضخمة.