في إطار السّعي إلى كبح ظاهرة التبذير، التي تمسّ مختلف المواد الاستهلاكية، والتي تستعر خلال الشهر الفضيل، نظّم المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوما دراسيا حول ترشيد الاستهلاك، تمّ خلاله الوقوف على هذه الظّاهرة التي تتكرر كلّ سنة، وتتواصل على مدار أيام الأسبوع، حيث دعا المشاركون إلى ضرورة الخروج من لقاءات «الصالونات» إلى الواقع والميدان، من أجل إيجاد حلول فعلية لمحاربة هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع الجزائري. فيما كشفت معطيات مقدمة، أمس، عن الحجم المهول للتبذير في الجزائر، والذي كلف الخزينة العمومية ملايير الدولارات سنويا. أكد، أمس، رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رضا تير، أن حجم الدعم الذي تخصّصه الدولة سنويا لغرض توفير المواد واسعة الاستهلاك يتجاوز في الكثير من الأحيان عتبة 60 إلى 70٪ من السعر الحقيقي لمعظم المواد، ما يكبد الخزينة أعباء ثقيلة. جاء هذا خلال كلمة ألقاها بمناسبة تنظيم يوم دراسي حول ترشيد الاستهلاك بالمدرسة الوطنية للإدارة بالعاصمة. استهجن رضا تير، استفحال ظاهرة التبذير في الجزائر، معتبرا إياها تحصيلا للسلوكات الاستهلاكية الخاطئة والمضرّة للمستهلك وللتاجر على حدّ سواء، مشددا على أن هذه الظاهرة قد تؤدي إلى حالة من اللاإستقرار في السوق في بعض الأحيان، نتيجة تزايد الطلب بشكل غير مبرر على بعض المواد واسعة الاستهلاك، خاصة مع حلول شهر رمضان. وأضاف تير، أنه «بدل التفكير في زيادة الإنتاج والبحث عن الاكتفاء الذاتي والذهاب إلى التصدير لبعض المنتجات، كان حريا بنا التفكير أوّلا في الآليات التي يجب وضعها، من أجل الحدّ من ظاهرة التبذير التي وصلت إلى حدود 20٪ سنويا في قطاع المياه وفي مادة الخبز مثلا، ناهيك عن مواد أخرى كالتبذير في استهلاك الكهرباء والبنزين وغيرهما، والتي تكلف خزينة الدولة المليارات من الدولارات سنويا، حيث كان يمكن تحويلها إلى قطاعات أخرى استراتيجية كالصحة والتعليم... أو توجيه الكميات الفائضة من بعض المواد للتصدير لتحسين المداخيل من العملة الصعبة». في السياق، قال الرجل الأول في الهيئة الاقتصادية ذاتها، إن رئيس الجمهورية كان قد أسدى توجيهات خلال اللقاء الأخير لمجلس الوزراء لترشيد الاستهلاك لدى المواطن، خاصة ونحن على أبواب الشهر الفضيل، الذي تحوّل إلى شهر الإفراط في الاستهلاك والتبذير، مبرزا أنّ ترشيد الاستهلاك ليس قضية دولة وحدها، بل يستوجب أيضا إشراك المجتمع بكلّ مكوناته من أجل المساهمة في صياغة حلول فعالة تأخذ بعين الاعتبار معالجة السلوكات المتفشية في المجتمع. ووعد تير المشاركين من جمعيات حماية المستهلك والتجار، وطلبة المدرسة الوطنية للإدارة، خزان إطارات الدولة مستقبلا، برفع المقترحات والتوصيات المنبثقة عن اللقاء، إلى السلطات العليا في البلاد بهدف ضمان المشاركة الفعلية والفعالة للمختصين والخبراء وكذلك فعاليات المجتمع المدني، في صناعة القرار المتعلق بترشيد الاستهلاك العمومي في بلادنا. وأجمع المتدخلون، أمس، في اليوم الدراسي على ضرورة محاربة حجم التبذير المخيف في الجزائر، في مختلف المواد الاستهلاكية، داعين السلطات للتحرك سريعا للحفاظ على مواردنا الطبيعية، خاصة المياه والطاقة وحماية البلاد من ظاهرة التبذير التي باتت تنخر اقتصادها، ففي مادة الخبز وحدها تُرمى سنويا، بحسب يوسف قلفاط، رئيس الاتحادية الوطنية للخبازين، 10 ملايين خبزة يوميا في القمامات خلال الشهر الفضيل، ما يكبد الخزينة العمومية حوالي 340 مليون دولار، حسب إحصاءات قدمها البروفيسور عيسى عبد القرفي، من المدرسة الوطنية العليا للفلاحة، فيما كشف عن تبذير 35 مليار دولار سنويا من المواد الغذائية.