يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة قاصدي مرباح بورڤلة، كاهي مبروك في استعادة الجزائر لرئاسة مفوضية السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، إقرار من دول القارة بأهمية، الجزائر في حلحلة قضايا القارة لا سيما الأمنية منها، وتشجيع الحوار بين الأفارقة بعيدا عن أي تدخلات أجنبية، وترسيخ لمبدأ قدرة الأفارقة على تجاوز الصعاب وحل مشاكلهم بأنفسهم. أكد الأستاذ الجامعي مبروك كاهي، أن استعادة الجزائر لرئاسة مفوضية السلم والامن يعود بالدرجة الأولى لثقة الأفارقة بالدولة الجزائرية للخروج بالقارة من الأزمات التي تعانيها وبداية عهد جديد يكون أساسه الاستقرار ودعم جهود التنمية والإصلاح الاقتصادي. قال في تصريح ل»الشعب»، أن التحدي الأساسي للجزائر من خلال رئاسة مفوضية السلم والأمن للاتحاد الإفريقي هو إعادة الدور الحقيقي لهذا الاتحاد، خصوصا في ظل الظروف الحالية التي تعرفها القارة، والعمل جنبا إلى جنب مع منظمة الأممالمتحدة، لاستثبات السلم والأمن في إفريقيا، وفي طليعة هذه التحدّيات، المرافقة للعودة إلى المسار الدستوري وبناء مؤسسات الدولة كما أوضح مبروك كاهي، أن الجزائر كدولة معنية بصفة مباشرة قبل أن تكون رئيسة للمفوضية، بداية بالملف الليبي الذي قطع أشواطا كبيرا ووصل لمرحلة الحسم ولا بد للاتحاد الإفريقي أن يكون حاضرا ويدعم ويساعد الليبيين في بناء دولتهم ولا يترك الأمر للدول الأجنبية التي تتنازع على مصالحها الخاصة مقابل مصلحة الليبيين لتحقيق العيش الآمن والاستقرار في كنف مؤسسات دستورية تسهر على احترام القانون وحقوق الفرد الليبي، وإلى جانب ليبيا يظهر الملف المالي هو أيضا والمزدوج في أطرافه، من جهة مساعدة دولة مالي للعودة للمسار الدستوري والخروج من المرحلة الانتقالية، كما أن على الاتحاد دعم مسار المفاوضات بين أطراف الأزمة التي احتضنت حوارها الدولة الجزائرية وانبثق عنه مسار السلم والاستقرار لاتفاق الجزائر، والملاحظ أن الجزائر على معرفة تامة بأدق تفاصيل الملفين الليبي والمالي، مما قد يساعدها في حلهما من موقع رئاسة مفوضية السلم والأمن، وإضافة إلى ما سبق فإن الأزمة التشادية ومقتل الرئيس ديبي في اشتباكات مع المتمردين في الشمال يزيد من تحدي المفوضية، ويلزمها لمرافقة تشاد للعودة للمسار الدستوري والخروج من المرحلة الانتقالية. الإستقرار المؤسساتي ومحاربة الإرهاب أهم التحدّيات أشار الأستاذ الجامعي أن التحدّيات المذكورة، تشير إلى أن القارة الإفريقية لا تزال تعاني الهشاشة الدستورية وصعوبة الانتقال السلمي والسلس للسلطة، وهو ما يعزّز أهمية هذه المفوضية ليس فقط لحل النزاعات والخلافات بين الدول بالطرق السلمية، بل للحفاظ على الاستمرار المؤسساتي وطابعها الديمقراطي للدولة الإفريقية، وهذا لا يمكن اعتباره تدخلا في الشؤون الداخلية، بل العكس تماما فهو لمنع التدخلات الأجنبية واحترام حرية وإرادة الشعوب الإفريقية، ويمكن القول أن الجزائر وفي رئاستها السابقة لمفوضية السلم والأمن قد وضعت عدة آليات للحد من الانقلابات العسكرية التي تعاني منها القارة بتعليق العضوية وإلزام من يتولون السلطة بالمسارعة للعودة للمسار الدستوري وهو ما حقق بعض الاستقرار النسبي. أيضا من التحدّيات التي سوف تواجه الجزائر وهو خطر الجماعات الإرهابية التي بات ينخر القارة من شمالها عبر عدة تنظيمات إرهابية وفروعها الناشطة في منطقة الساحل والصحراء، وغرب القارة إلى جنوبها، ولعلّ دعوة رئيس نيجيريا محمد البخاري لأمريكا بنقل قيادة أفريكوم المتواجد مقرها في ألمانيا إلى إفريقيا هو تأكيد للقلق التي باتت تمثله هذه الجماعات الإرهابية، فمفوضية السلم والأمن يتطلب منها إيجاد آلية حقيقة وطرح مقاربة تجنب القارة خطر الجماعات الإرهابية مع المحافظة على سيادة الدول. دفع منتظر للقضية الصحراوية كما تطرح القضية الصحراوية نفسها من جديد أمام تجدد الأعمال القتالية بين طرفي النزاع المغرب والبوليساريو نفسها من جديد من خلال تحمل منظمة الأممالمتحدة مسؤولياتها لحل هذا النزاع الطويل وتعيين مبعوث جديد والدخول في مفاوضات جدية ودون شروط مسبقة بين طرفي النزاع وتأكيد على مرافقة الاتحاد الإفريقي باعتباره معني بالأمر. والتحدي الآخر هو تسيير أزمة سد النهضة الإثيوبي وتشجيع الحوار وإيجاد حل عادل بين أطراف الأزمة، فضلا عن الأزمات الأخرى التي تعانيها القارة سواء الحالية أو التي سوف تظهر مستقبلا. للتذكير، تستعد الجزائر لاستعادة رئاسة مفوضية السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، وهذا للمرة الثانية بعد أن فقدت الرئاسة في بداية العام المنصرم لأول مرة منذ إنشاء هذه الهيئة الهامة داخل منظومة الاتحاد الإفريقي والتي أوكلت لها مهمة الحفاظ على السلم وحل النزاعات لا سيما الحدودية منها داخل دول القارة بالطرق السلمية، وتشجيع الحوار وإزالة فتيل التوتر بين الأعضاء ودعم التعاون والتبادل السياسي والاقتصادي بين دول القارة الإفريقية.