استطاع العقيد أسيمي غويتا، الرئيس الانتقالي لدولة مالي، إقناع المجتمع الدولي بضرورة قيادته للمرحلة الانتقالية، وتمكن هذا العسكري الذي أصبح زعيما للبلاد بقرار من المحكمة الدستورية بعد الإطاحة بالرئيس السابق باه نداو والوزير الأول مختار وان، إعادة الحكم المدني إلى واجهة البلاد في وقت وجيز، بتعيينه زعيم المعارضة رئيس حركة «خمسة جوان» شوغيل مايلا الذي يتمتع بشعبية كبيرة وزيرا أولا وشكل حكومة منفتحة وواسعة حظيت بقبول الشعب المالي. العقيد غويتا تمكّن من كسب رضا مجموعة دول غرب إفريقيا «ايكواس» بعد أن تعهّد بأن المرحلة الانتقالية ستتم، وفق ما هو مخطط لها باحترام الموعد الزمني لتنظيم الانتخابات العام المقبل، وذلك بعدم ترشحه للرئاسيات هو ووزيره الأول، وقالت المجموعة إنها مطمئنة على مسار المرحلة الانتقالية في الظروف الحالية، وتتجه لرفع تعليق عضوية مالي خلال اجتماعها المقبل، ومنحها فرصة أخرى لعودة الاستقرار. لكن في ذات الوقت، تمسكت «ايكواس» بضرورة الحفاظ على اتفاق الجزائر للسلام الموقّع في مثل هذا اليوم من عام 2015، واعتبرته خطا أحمرا لا يمكن الحياد عليه، كونه ركيزة أساسية لاستقرار مالي في الفترة الحالية، وهو ما أكد عليه مجلس الأمن في جلسته الأخيرة حول الوضع العام بعد إعلان فرنسا إنهاء العلمية العسكرية «برخان» من منطقة الساحل الإفريقي. وبدأت تداعيات الانقلاب الثاني الذي وقع في ظرف تسعة أشهر تتجلى بوضوح في المشهد المالي، وبشكل عام في منطقه الساحل الإفريقي بعد إعلان الرئيس الفرنسي سحب قوات بلاده من مالي، ومن منطقه الساحل التي يبلغ عددها 5100 عسكري، وتتجه باريس إلى دفع دول المنطقة إلى المشاركة في تحالف دولي ضد الإرهاب لملء فراغها، بعد انتهاء عملية «برخان» التي انطلقت في 2014، وتترجم خطوة باريس بسحب قواتها إعلان هزيمة بشكل غير معلن. غير أن واشنطن طمأنت دول المنطقة باستمرار دعمها لمحاربة الإرهاب، وكانت قبلها الأممالمتحدة قد قللت من شأن انسحاب فرنسا، وأكدت على استمرار قوات حفظ السلام لتمكين دول الساحل من مواجهة الجماعات الإرهابية، في إشارة لمرافقة السلطة الانتقالية في مالي وكذا تشاد لتحقيق تغيير سلس يحترم الإرادة الشعبية.