في فصل جديد من فصول تداعيات الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان، شهد القطاع الصيدلي، إضرابا مفتوحا مع نضوب الأدوية، فيما يهدّد توقف معملين رئيسين عن إنتاج الكهرباء قدرة مرافق عامة على الاستمرار في تقديم خدماتها، على رأسها المياه. ووسط عجز سياسي تام يحول منذ 11 شهرا دون تشكيل حكومة تباشر خطة إنقاذية وتضع حدا للانهيار المالي الذي رجّح البنك الدولي أن يكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ 1850، يستمر تدهور قيمة العملة المحلية، ليلامس سعر الصرف أمس عتبة 19500 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء. وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسة بينها الوقود والأدوية، وأدى ذلك إلى تأخّر فتح اعتمادات للاستيراد، ما تسبب في انقطاع عدد كبير من الأدوية، من مسكنات الألم العادية وحليب الأطفال الرضع، حتى أدوية الأمراض المزمنة. ووفقا لموقع «الفرنسية»، أدى إلى شحّ المحروقات وانتظار الناس ساعات أمام محطات الوقود، رغم رفع الأسعار الأسبوع الماضي. وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان، أنه مع تعذّر تفريغ حمولة باخرتين، بانتظار استكمال إجراءات مصرفية ولوجستية، توقف كل من معملي الزهراني ودير عمار تباعا نتيجة نفاد مخزونهما من مادة الغاز أويل، ما سيدفعها إلى اتخاذ إجراءات احترازية للحفاظ على الحد الأدنى من التغذية. ويأتي ذلك فيما تصل ساعات التقنين يوميا إلى 22 ساعة، ويجد كثر أنفسهم عاجزين عن دفع فاتورة الاشتراك في مولدات خاصة، مع رفع أسعار الوقود أخيرا وشح توافرها. وجراء التقنين القاسي في الكهرباء، أعلنت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي أنها «ستبدأ في تقنين توزيع المياه إلى الحدود الدنيا»، موضحة أن «الكميات المتوافرة لا تكفي إلا لفترة قصيرة جدا، ستتوقف بعدها كل منشآتها ومحطاتها عن ضخ وتوزيع المياه». وأعلنت مؤسسة مياه لبنان الشمالي بدورها «حالة الطوارئ القصوى وبرامج تقنين تطول عملية ضخ وتوزيع المياه». ويشهد لبنان منذ صيف 2019، انهيارا اقتصاديا متسارعا، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من أوت وإجراءات مواجهة فيروس كورونا. ولا تلوح في الأفق أي حلول جذرية لإنقاذ البلاد، فيما يشترط المجتمع الدولي تشكيل حكومة تباشر في تنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان. وتعتزم فرنسا تنظيم مؤتمر دعم هو الثالث منذ الانفجار لتقديم المساعدات مباشرة إلى الشعب اللبناني.