لا يزال مصير اليونان ضمن تكتل الاتحاد الأوربي معلقا على مضمون القرار الحاسم الذي سوف تعلن عنه ألمانيا صاحبة السطوة الاقتصادية في منطقة اليورو وذلك بإلزام البلد “المنهار” بالكشف عما إذا كان يريد البقاء مع المجموعة مقابل اللجوء مباشرة إلى إدخال إصلاحات توصف بالمؤلمة بكل ما يترتب عنها من انعكاسات اجتماعية تحمل أخطارا على الوضع الداخلي. وبهذا الخصوص أعلن مسؤول ألماني قريب من تحالف المستشارة انجيلا ميركل أن منتصف سبتمبر القادم هو الموعد الذي ينهي حالة الغموض وذلك بان تجيب حكومة اليونان عن سؤال مركزي حول ما إذا كانت تملك الأغلبية في البرلمان والبلاد لدعم مسار إصلاحات عنيفة ومؤلمة على غرار خيار الخوصصة الذي لم يصل إلى المدى المطلوب. وبحسب خبراء فان وتيرة الإصلاحات لا تزال غير كافية علما أن أثينا كانت تكاد تحترق كلما لجأت الحكومة لذلك محملة الشركاء الأوروبيين مسؤولية عدم المرافقة اللينة لتجاوز المنعرج. وبالموازاة دعا وزير خارجية ألمانيا إلى عدم التسرع وانتظار مضمون تقرير لجنة الترويكا حول الوضع المالي لليونان التي تلاحقها مديونية خانقة تضعها على حافة إشهار حالة الإفلاس. وتتشكل لجنة الترويكا من خبراء اقتصاديين وماليين من الاتحاد الأوربي ومن البنك المركزي الأوربي وصندوق النقد الدولي وهي مكلفة بمتابعة درجة التزام اليونان ببرنامج الإصلاح والتقشف المسطر من المانحين الدوليين. ويتابع صندوق النقد الدولي بقيادة الفرنسية كريستين لاغارد تطورات وضعية اليونان مع السعي الحثيث لجلب قروض من مختلف جهات العالم خاصة لدى البلدان البترولية قصد ضمان وفرة للسيولة النقدية التي تساعد على إلقاء طوق النجاة للبلدان التي توجد في ضائقة لا ينفع معها علاج طرفي وإنما تقتضي إجراءات في العمق. واستنادا لما أوردته وكالات الأنباء فان تركيا تكون قد قررت منح قرض للافامي بقيمة 5 ملايير دولار استجابة لطلب من الصندوق الذي يعرف بتشدده في إقراض الدول المتعبة بالديون الخارجية. وأعلن نائب رئيس الحكومة التركية مؤخرا أن المبلغ المذكور سيصب قريبا في خزائن الافامي التي تحرسها لاغارد مشيدا بما حققته بلاده من طفرة اقتصادية تجعلها في وضع أكثر ارتياحا مذكرا كيف أن انقرة كانت في الماضي القريب تطرق الأبواب من اجل مليون دولار فقط خاصة سنة 2001 حينما أعلن إفلاس 20 بنكا مما أدى حينها إلى ارتفاع قيمة الدولار بنسبة قوية مرة واحدة. وقد يدرج هذا القرار التركي بنجدة صندوق النقد الدولي في سياق الرغبة الجامحة في كسب تأييد دولي خاصة في الجوار الغربي لانضمام تركيا إلى الفضاء الأوربي، وقد لا تنسى لاغارد مثل هذه الالتفاتة التي تساعدها على إدارة قوية للمؤسسة التي تقودها ومن ثمة بإمكانها أن تشجع حكومة بلادها لمرافقة تركيا في بلوغ الحلم الأوربي خاصة وان مؤشرات عديدة تخدم الطلب التركي مثل توقف البطالة عند 8 بالمائة وهي نسبة أدنى من تلك المسجلة في اسبانيا والبرتغال وايطاليا وحتى فرنسا والتي تقدر بحوالي 14 بالمائة. غير أن البنك المركزي الأوربي الذي يرسم السياسة النقدية للاتحاد لا يزال غير دقيق في ورقة الطريق التي تتطلبها حالة اليونان التي إن غرقت سوف تجر معها بلدان أخرى تعيش حالة قلق على غرار اسبانيا والبرتغال وفرنسا وبدرجة اقل ايطاليا. وتفاديا لمفعول لعبة أحجار الدومينو دعا احد أصحاب النفوذ بالبنك وهو الألماني يورك اسموسن إلى التريث موضحا أن تكلفة خروج اليونان من الساحة الأوربية سيكون جد مكلف مفضلا بقاء هذا البلد التائه ضمن المجموعة الأوربية محملا اليونان مسؤولية هذا الخيار. وهو ما يعني قبول واضح للخوصصة كبادرة استرجاع الثقة ومفتاح استرجاع الثقة ومن ثمة التعاطي مع الوصفة المؤلمة. وفي ظل الحديث عن لجوء البنك المركزي إلى شراء سندات من دول منطقة اليورو وهي بلدان مثقلة بالديون فيما يعارض البنك الألماني مثل هذه الخطوة انعكس ذلك مباشرة على قيمة العملة الأوربية الموحدة. فقد تراجع اليورو بنسبة 0،3 بالمائة. إلا أن البنك المركزي الأوربي حذر من الحديث عن قرارات لم تتخذ واضعا ذلك في خانة التضليل. وخلافا لما يتصوره الفاعلون في القرار المالي بالاتحاد الأوربي فان المسالة تبقى رهن رجال السياسة خاصة على مستوى عواصمألمانياوفرنسا حيث تفيد أنباء أن اليونان تسعى لانتزاع موافقة ألمانية فرنسية على تمديد مهلة انجاز الإصلاحات لسنتين أخريين ولذلك سوف تقترح خلال الأيام القليلة القادمة تشكيلة إصلاحات بقسمة 11،7 مليار يورو من اجل تلبية طلبات الدائنين مقابل الحصول على مساعدات مالية.