لم يكن قرار الجزائر بغلق المجال الجوّي أمام طائرات المملكة المغربية المدنية والعسكرية، الصّادر إثر اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، المنعقد نهاية الأسبوع الماضي، اعتباطيا بل مدروسا بعناية شديدة، وهو قرار جاء لحماية الجزائر من تهديدات أمنية وجيو إستراتيجية، وقطع الطريق أمام محاولات المدّ الصهيوني في منطقة المغرب العربي. الطرح أكّده المحامي والخبير في القانون الدّولي إسماعيل خلف الله، الذي لم يستبعد لجوء نظام المخزن على الحدود الغربية للبلاد، القيام بعمليات تجسّس لصالح الكيان الصهيوني، الذي بات يفتخر بتطبيع العلاقات معه، على اعتبار أنّ الجزائر تضعه في خانة العدوّ الأكبر لها، والذي يهدّد أمنها الداخلي في أيّ لحظة، لذلك فقرار غلق المجال الجوي أمام الطائرات المغربية جاء لحماية نفسها من الخطر الذي بات يتهدّدها، بعد استخدام المغرب برنامج «بيغاسوس» للتجسس على الجزائر، وتصريحات وزير الخارجية الكيان الصهيوني ضد الجزائر أثناء زيارته إلى المغرب، شهر أوت الماضي، يجعل الجزائر تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة الخطر. وشدّد الخبير في القانون الدولي، في اتّصال هاتفي مع «الشّعب»، أنّ الغلق الجوي الجزائري، هو قرار طبيعي يدخل ضمن طبيعة العلاقات الدولية، التي تؤكد على أنّه إذا تواترت العلاقات بين دولتين، أو أن هناك خطورة على أحد البلدين بسبب تلك العلاقة، فمن الطبيعي قطعها، واتّخاذ التدابير التي تراها مناسبة لحماية نفسها من أيّ تهديد. أضاف في السياق، إن «الجزائر باتخاذها القرار لم تخرج عن العرف الدولي، بل هي تطبقه على أساس أن نظام المخزن يمثل خطرا ونحن نعلم ما يحصل مابين الكوريتين»، مشيرا إلى أنّ «الطرف الآخر لم يبق له سوى التشدق بمبرّر الأخوّة والجوار وغيرها من الشّعارات الجوفاء التي لم تعد لها أيّ جدوى، فالجزائر من أجل هذا الأمر تسامحت وتساهلت كثيرا مع المخزن المغربي، لكنه واصل في التمادي ولا يزال لحد الساعة». وقال خلف الله، إنّ الجزائر أمهلت المغرب وقتا كافيا كي يعيد حساباته، لكنه اتخذت هذا القرار بعد أن استنفذت كل المحاولات والمهل التي منحتها الدبلوماسية الجزائرية من خلال المجال الذي تركته لنظام المخزن على أساس أن يراجع حساباته، وعلى أن يصحّح سقطاته، ويتراجع عن الخرجات والطّعنات المتتالية للجزائر وهو ما لم يحصل». وذكّر محدثنا ببداية تأزّم العلاقات الثنائية، غداة تصريح سفير المغرب في نيويورك، حين قدّم تلك العريضة وأخرج تلك الأكذوبة بوجود شعب القبائل وجمهورية القبائل، حينها انتظرت الجزائر، ولم تتحرك سريعا، بل استعملت الحكمة والرزانة، ومع ذلك كانوا يبررون لهذا السفير، الذي لا يتكلم من فراغ ولا يمثل نفسه، وبعدها تم قطع العلاقات الدبلوماسية، وهو ما اعتبر تنبيه من الخطورة التي ستنجر عن تمادي السلطات المغربية ونظام المخزن، في تغوّله واستقوائه على الجزائر، بالتطبيع مع الكيان الصهيوني». وحول سؤال متعلق بتخوّفات جزائرية، من حصول عمليات تجسّس من طرف الكيان الصهيوني، من على الحدود الغربية لها، أكد الخبير الدولي، أن «نظام المخزن لا يؤتمن جانبه، لأنه أصبح يتفاخر بعلاقاته بتل أبيب والكيان الصهيوني، وأن له جالية، وأن هناك مليون يهودي من أصل مغربي، وأنهم أعضاء في الحكومة، فهذا الذي يتفاخر مع العدو ماذا ننتظر منه، فالموقف الجزائري من الكيان الصهيوني واضح، وحتى المعارضة الجزائرية التي تعارض النظام بشدة، وقفت ضدّ تدخل الكيان في المنطقة، خاصة وأن الصهاينة يعتبرون أن الجزائر تشكّل عائقا للتمدد الصهيوني داخل المنطقة، وبالتالي فإنّ نظام المخزن أصبح أداة من أدوات الصهيونية، وعلى الجزائر حماية نفسها، وحماية أمنها الداخلي».