يتوقّع الدكتور بجامعة الشلف والخبير الإقتصادي إسحاق خرشي، أن تأتي المجهودات الكبيرة التي تبذلها الدولة الجزائرية في إطار الإنعاش الإقتصادي أُكلها في حال تمّ الاستغلال الأمثل للإمكانيات والطاقات المتاحة، معتبرا في حوار مع «الشعب ويكاند»، حرص رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على إنشاء وزارة منتدبة للمؤسّسات الصغيرة والناشئة واقتصاد المعرفة خطوة أولى وقوية لتجسيد خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي. دعا الخبير المالي والمحلّل الإقتصادي الدكتور إسحاق خرشي إلى اتباع رؤية عملية متكاملة لبناء مناخ ملائم لنجاح الشركات الناشئة في الجزائر، مؤكّدا أنّ الحكومة الجزائرية تُعوّل على ابتكار نموذج اقتصادي جديد بعيدا عن الاعتماد الكلي على قطاع المحروقات، وبالتالي أصبح الاستثمار ودعم المؤسسات الناشئة من أولويات صانع القرار الاقتصادي الجزائري، بغية المساهمة في دفع عجلة التنمية، وتعزيز الآلة الإنتاجية المحلية، وهو ما أكّد عليه الرئيس تبون في آخر لقاء للحكومة مع الولاية. وأبدت الحكومة حسب خرشي في الآونة الأخيرة، اهتماما كبيرا بدعم الشباب حاملي الأفكار على إنشاء شركاتهم الناشئة، وهذا بعد أن استحدث رئيس الجمهورية وزارة مخصّصة للإشراف والمتابعة على مشاريع هؤلاء الشباب، والمتمثلة في وزارة الشركات الناشئة واقتصاد المعرفة من أجل دعم الشباب أكثر للمساهمة، وبناء اقتصاد وطني قوي ومتنوّع. اهتمام متزايد بتحقيق الإقلاع الإقتصادي أوضح الدكتور خرشي إسحاق أنّ جهود السلطات الجزائرية، وكذا دعم الرئيس تبون للشباب حاملي الأفكار المبتكرة متواصل وجاد وصادق من خلال وضع الإطار القانوني المنظم لعمل الشركات الناشئة، بحيث تمّ تحديد مجموع الشروط اللازمة للحصول على علامة «شركة ناشئة» و»مشروع مبتكر» و»حاضنة أعمال» التي تسمح لحامل العلامة بالاستفادة من العديد من المزايا والتسهيلات. كما تواصلت يضيف خرشي المختص في مجال المقاولاتية وإعادة تنظيم وهيكلة المؤسسات الاقتصادية جهود الرئيس تبون، ومن خلال الوزارة المنتدبة لدعم الشباب الجزائري حاملي الأفكار من خلال التسريع في إطلاق العديد من الحاضنات المساعدة في دعم انطلاق نشاط الشركات الناشئة، بالإضافة إلى هذا تمّ إطلاق صندوق تمويل الشركات الناشئة، والذي يحل مشكل التمويل الذي يطرح بقوة على مستوى الشركات الناشئة. ومن أجل تسريع نمو هذه الشركات التي أطلقها الشباب الجزائري، تمّ إطلاق أول مسرع أعمال في الجزائر «ألجيريا فانتور»، والذي يسمح بربط الشباب بالمستثمرين لتوسيع نمو شركاتهم. ولتأكيد التزامات رئيس الجمهورية بدعم الشباب حاملي المشاريع الابتكارية، أكّد المتحدث أنّه قد تمّ منح الشباب الذين يحملون علامة «شركة ناشئة» و»مشروع مبتكر» و»حاضنة أعمال» العديد من الامتيازات المالية والإعفاءات الجبائية المفصلة والمتضمنة في قانون المالية لسنة 2020. ورغم جهود السلطات الجزائرية لدعم الشباب المبتكر والتعويل على قطاع الشركات الناشئة، إلا أن هذا القطاع الفتي يحتاج - حسب خرشي - إلى الكثير من الجهود لمواصلة العمل، وللمحافظة على ما تم انجازه وجب امتلاك خطة عمل وخارطة طريق خاصة بقطاع الشركات الناشئة واقتصاد المعرفة، وهو ما وجدناه غائبا على مستوى وزارة الشركات الناشئة، لذلك وإيمانا منّا بضرورة مساهمة كل فرد في بناء الجزائر الجديدة بمساهمة كل فرد في إطار تخصّصه، نعمل على تقديم العديد من المقترحات التي قد تسهل عملية اتخاذ القرار على مستوى الوزارة المنتدبة وصانع القرار. ضرورة صياغة رؤية للقطاع (2020 - 2024) كما اعتبر الخبير خرشي ضمان إطلاق الشركات الناجحة، نموّها واستمرارها مرتبط ببيئة ريادة الأعمال التي تسمح بخلق مناخ ملائم لعمل الشركات الناشئة، وفي هذا الإطار دعا الدكتور المتخصص في المقاولاتية إلى إنشاء مركز جزائري لدعم بيئة ريادة الأعمال، ويتساءل عن سبب عدم إدراج الجزائر في تقرير ترتيب الدول حسب جاذبية بيئة ريادة الأعمال، بينما دول عربية أخرى مثل الإمارات متواجدة في المركز 43 عالميا والبحرين في المركز 75 عالميا. وما يميّز النظام البيئي الريادي في الجزائر حسب محدثنا افتقاره لمعظم العناصر المكونة لأي نظام بيئي ريادي في العالم، فكل ما نمتلكه لحد الساعة هو صندوق عمومي واحد ووحيد للتمويل، مسرع أعمال واحد ووحيد مع بعض حاضنات الأعمال التي تشتغل بشكل فعلي، هذا ما يحد من إطلاق الشركات الناشئة، نموها واستمرارها. وبدلا من الأحداث الدورية التي تقوم بها وزارة الشركات الناشئة في كل مرة، ويتم نقله في معظم وسائل الإعلام، وجب امتلاك خطة عمل وخارطة طريق، يتساءل خرشي ما هي رؤية الوزارة 2024 نحو التأسيس لنظام بيئي ريادي ناشئ في الجزائر؟ ويجب محدّثنا عن هذا التساؤل بالتأكيد على ضرورة إنشاء المركز الجزائري لدعم بيئة ريادة الأعمال في إطار الجزائر الجديدة، وكذا قيام وزارة الشركات الناشئة بتحضير خطة عمل من أجل استحداث مجموعة هياكل تتمثل في الهياكل التالية: المركز الجزائري لدعم بيئة ريادة الأعمال، والذي يقوم بمجموعة مهام على غرار صياغة رؤية استراتيجية لقطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال في الجزائر (2020-2024)، تقديم اقتراحات لإدماج الجزائر في تقارير المنظمات الدولية الخاصة ببيئة ريادة الأعمال، تقديم اقتراحات عملية لتطوير قطاع الشركات الناشئة وتدعيم بيئة ريادة الأعمال، تقديم حلول واقتراحات للحكومة وللوزارة المنتدبة بخصوص أي مساهمة تخص تطوير بيئة ريادة الأعمال في الجزائر، نشر جميع أنواع المعلومات والفعاليات ذات العلاقة بريادة الأعمال والشركات الناشئة، مساعدة ودعم إنشاء حاضنات الأعمال، مسرعات الأعمال ومساحات العمل المشتركة والعمل على استمرار نجاحها، تقديم مجموعة اقتراحات لأفكار مبدعة للشباب ومساعدتهم لتحويلها إلى مشاريع استثمارية مبتكرة، رفع مستوى الوعي بين عامة الناس والجهات ذات العلاقة عن دور وأهمية قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال، الاستفادة من الخبرات المحلية واستقطاب خبرات دولية، وإقامة ورش عمل افتراضية تهدف إلى تطوير وتدريب منسوبي المركز للرفع من قدراتهم في الإدارة والتشغيل، واستقبال جميع الأفكار والمقترحات من طرف الفاعلين في القطاع، ومحاولة نشرها بعد ضبطها وتحسينها. التّنسيق الوزاري لتقوية النّظام البيئي الرّيادي أكّد خرشي أنّ الجزائر يوجد بها أكثر من 300 مؤسّسة تمتلك علامة «مؤسّسة ناشئة» مقابل مسرع أعمال واحد ووحيد في الجزائر، مع عدد قليل من حاضنات الأعمال التي تنشط بشكل فعلي في الميدان وليس على الأوراق، بالإضافة إلى غياب مساحات العمل المشتركة، معتبرا مبدئيا؛ النظام البيئي الريادي في الجزائر قد لا يسمح تماما ببروز شركات ناشئة عالمية. من هذا المنطلق، يقترح الدكتور خرشي ومن خلال مركز الجزائر لدعم بيئة ريادة الأعمال (المقترح سابقا) رؤية تتضمّن ضرورة التنسيق المشترك بين ثلاث وزارات، فعلى الوزير المنتدب المكلف بالشركات الناشئة تحضير مشروع مرسوم تنفيذي لإنشاء مسرعات الأعمال الجزائرية ليصبح لدينا على الأقل على الأقل 03 مسرعات أعمال في نهاية سنة 2021. كما يمكن تحضير مشروع مرسوم مشترك بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي مع وزارة الشركات الناشئة لإنشاء أول نوع من مسرعات الأعمال الجامعية الموجة للطلبة الجامعيين، إضافة إلى تحضير مشروع مرسوم مشترك آخر بين وزارة التكوين المهني ووزارة الشركات الناشئة لإنشاء أول نوع من مسرعات الأعمال المهنية الموجة للطلبة المهنيين، ومرسوم آخر مشترك لإنشاء حاضنات الأعمال المهنية الموجة لطلبة التكوين المهني، وبالمحافظة على نفس الوتيرة سيكون للجزائر على الأقل 12 مسرع أعمال مع عدد كاف من حاضنات الأعمال ومساحات العمل المشتركة بنهاية سنة 2024. الدّبلوماسية الاقتصادية للتّوجّه نحو العالمية يقترح الخبير خرشي المعروف في الأوساط الاقتصادية والمالية والإعلامية، أنه سيواصل تقديم المقترحات العملية الفعالة لدعم بيئة ريادة الأعمال في الجزائر، بالتأكيد على أهمية «تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية لتحسين بيئة الأعمال الريادية»، التي كثر الحديث عنها مؤخرا في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر ودعم المصدرين الجزائريين، غير أنه لم يتم تحليل إمكانية استخدام الجهاز الدبلوماسي لدعم بيئة ريادة الأعمال لصالح الشركات الناشئة والشباب حاملي الأفكار الابتكارية، وفي هذا الإطار ولتحقيق ذلك، يرى خرشي أنه يتعين على الوزير المنتدب المكلف بالشركات الناشئة واقتصاد المعرفة أن يبرم علاقات تعاون ثنائية بين الجزائر وسفراء دول كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية، الصينوإنجلترا المتواجدين هنا بالجزائر، باعتبار أنّ هذه الدول تمتلك أفضل النظم البيئية لدعم بيئة الأعمال الريادية حسب تقارير المنظمات الدولية، إضافة إلى إبرام علاقات تعاون ثنائية بين الجزائر وسفراء دول سويسرا، الدانمارك وهولندا المتواجدين هنا بالجزائر، باعتبار أن هذه الدول تمثل أكثر الاقتصاديات ابتكارا في العالم. كما يقترح على الوزير المنتدب المكلف بالشركات الناشئة واقتصاد المعرفة أن يبرم علاقات تعاون ثنائية بين الجزائر وسفراء دول كل من النرويج، السويدوفنلندا والمتواجدين هنا بالجزائر، باعتبار أن هذه الدول متصدّرة في ترتيب أفضل الدول في مؤشر اقتصاد المعرفة. وأخيرا يقترح خرشي على وزير الخارجية أيضا أن يفرض على سفراء الجزائر المتواجدين في كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية، الصين، إنجلترا، سويسرا، الدانمارك، النرويج، فنلندا وهولندا، إيفاده بتقارير مفصلة عن تجربة هذه الدول في مجال دعم بيئة ريادة الأعمال، في مجال الإبتكار وفي مجال إقتصاد المعرفة. بمثل هكذا اتفاقيات وعلاقات تعاون نستطيع أن نضع خطوة للأمام.