بات واضحا أن العالم يواجه أزمة تضخم كبرى في أسعار المستهلك، دون أن يكون هناك حل جماعي لها، حيث ستحاول كل دولة إيجاد مخرج لها منها بعيدا عن حسابات واحتياجات الدول الأخرى. يقول المحلل الاقتصادي الأمريكي دانيال موس في تقرير إنه عندما يتعلق الأمر بالارتفاع السريع لمعدلات التضخم في العالم حاليا، لا يمكن الاعتماد على تحرك حاسم من جانب أهم اقتصادين في العالم وهما الولاياتالمتحدةوالصين. ووفقا لوكالة «بلومبيرغ» للأنباء، تجد كل دولة من الدولتين نفسها أسيرة في فخ خيارات سياساتها وأولوياتها المحلية الخاصة، كما أن أيا من الدولتين لا تبدو مستعدة للتحرك بقوة لوقف زيادة الأسعار. وبالنسبة لهؤلاء الذين ما زالوا متمسكين بفكرة أن موجة التضخم الحالية مؤقتة وأنها بمنزلة فترة راحة مقبولة بعد أعوام من التضخم المنخفض، تقول الأرقام والبيانات الاقتصادية الأخيرة عكس ذلك. وسجلت أسعار الجملة في الصين خلال الشهر الماضي أكبر ارتفاع لها منذ 26 عاما، كما ارتفعت أسعار المستهلك، وفي الوقت نفسه أعلنت وزارة العمل الأمريكية ارتفاع أسعار المستهلك بأسرع وتيرة لها منذ 1990، وبما يتجاوز توقعات خبراء الاقتصاد. من ناحيته طالب المجلس الاستشاري الاقتصادي للحكومة الألمانية البنك المركزي الأوروبي بتوضيح كيف سيكبح جماح سياسته النقدية فائقة المرونة في ظل ارتفاع معدلات التضخم. ومن المتوقع ارتفاع معدل التضخم في ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا عن المستوى الذي يستهدفه البنك المركزي الأوروبي خلال العام المقبل. ويقول دوس إن المشكلة هي أن الحل الذي تعرفه أغلب البنوك المركزية لمشكلة التضخم المرتفع وهو زيادة أسعار الفائدة، لا يبدو هذه المرة حلا مناسبا في ظل التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد. وأضاف «حتى أشد المنتقدين للسياسات النقدية المرنة الممتدة يقولون إن المسؤولين عن السياسة النقدية لديهم وصفة مجربة وحقيقية». والبنوك المركزية، على الأقل في الولاياتالمتحدة وأوروبا، لا تستطيع المغامرة بقبول مستويات التضخم الجامحة ومخاطر العودة إلى أيام السبعينيات السيئة، عندما ارتفعت أسعار المستهلك في تلك الدول إلى مستويات قياسية، وما كان لذلك من تداعياته الاقتصادية.