يحتضن قصر الثقافة مفدي زكرياء معرضا فنيا تكريما لروح الفنان التشكيلي الراحل صالح حيون، في الذكرى الثالثة لرحيله ذات يوم 17 نوفمبر 2018، عن عمر ناهز ال81 سنة تاركا إرثا غنيا ومتنوعا من الأعمال الإبداعية استلهمها من أساليب ومدارس مختلفة. يضمّ هذا المعرض الذي أشرفت على تدشينه وزيرة الثقافة والفنون وفاء شعلال، برواق باية قرابة ال100 لوحة من إبداعات الفنان صالح حيون، الذي تتميز أعماله بالتنوع والإتقان، كما عرضت أيضا بعض اللوحات لبورتري الفنان رسمها بعد رحيله رفاقه، على غرار بختي ولبصير تكريما لهذا الفنان المعطاء في ذكرى رحيله. وأكدت وزيرة الثقافة والفنون بالمناسبة، أن الأعمال الفنية المعروضة تعكس قيمة هذا الفنان الذي شرف الجزائر بإبداعاته، مضيفة أن هذا التكريم هو تخليد لذكرى الرجل وإسهاماته وإبداعاته في عالم الفن التشكيلي. وحضر أيضا حفل تدشين هذا المعرض الذي بادر بتنظيمه قصر الثقافة تحت شعار «فنان يبحث عن الضروريات» عدد كبير من التشكيلين من أصدقاء الراحل، ويستعرض هذا النشاط الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 11 ديسمبر المقبل، السيرة الفنية لهذا المبدع المعطاء خلال مسيرته الطويلة مع الريشة والألوان. وقد تعامل حيون مع مختلف الأساليب والمدارس الفنية، كما قام بالمزج بين عدة أساليب في بعض الأعمال، حيث يستعمل الشبه تجريدي والمنمنمات كما رسم لوحات زيتية، وأيضا الاكواريل إلى جانب النقش وغيرها من الأنماط. وشمل المعرض كذلك أعمال لم تكتمل للفنان، كما عرضت في ركن من الرواق محتويات ورشة عمله قصد إعادة تشكيل الأجواء التي كان يشتغل فيها، وقد أكد أحد أصدقاء الفنان الراحل حمدي شريف يوسف وهو هاوي الفن التشكيلي ومهووس باقتناء اللوحات الفنية وتوجد بعض لوحاته في هذا المعرض، على موهبة وتفوق الفنان، مشيرا إلى أن هذا الكلام تؤكده أعماله المعروضة. وأشار في سياق حديثه إلى اشتغال الرجل على الذاكرة، خاصة موضوع حرب التحرير، مضيفا أن حيون الذي عايش الثورة وتعرض خلالها للمضايقات والسجن من قبل المستعمر، قدم الكثير من الأعمال التي تخلد تضحيات الجزائريين، وتوقف المتحدث عند بعض اللوحات المعروضة التي جسّد فيها الفنان معاناة زوجات وأمهات المجاهدين والشهداء، على غرار لوحة «المنسية» و»المحارب»، وكل هذه الأعمال تؤكد كما قال موهبة الفنان واتقانه لعمله، حيث زاوج بين الدراسة الأكاديمية والموهبة. وبدأ الفنان الراحل مشواره الفني في منتصف الستينيات من القرن الماضي، بمشاركته الأولى في معرض جماعي سنة 1965 بالاتحاد الوطني للفنون التشكيلية، وتابع حيون تكوينا في الفنون الجميلة بالجزائر وفرنسا، ما فتح افقه وسمح له بالاطلاع على المدارس والتوجهات الفنية المختلفة التي سادت العالم وتأثر بالرمزية والسوريالية قبل أن يضع بصمته الخاصة. واستطاع أن يبرز تدريجيا كفنان متميز منذ أواخر الستينيات، بعد أن قدم أول معرض فردي سنة 1969 وتحصل الفقيد على الجائزة الأولى لمسابقة «جائزة الجزائر الكبرى للتشكيل» عام 1983، ليرسم اسمه كواحد من القامات الفنية البارزة خلال السنوات اللاحقة. وكان الفقيد قد أنجز عددا من الجداريات الفنية التاريخية لفائدة متحف الجيش، كما عرض في الكثير من الأروقة واستضافته المعاهد والمراكز الثقافية الأجنبية بالجزائر، كما شاركت أعماله في معارض خارج الجزائر.