لا شك أنّ حالة الخوف والارتباك في الشارع الليبي على مصير البلاد قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، لها مبرّراتها، كما أنّ سخط المواطن على بعض القوانين المتعلقة بالاستحقاقات لها كذلك ما يبرّرها مع حالة تصادم كلامي بين الأطراف الرئيسية الفاعلة في المشهد السياسي بالرغم من تراجع حدتها في الآونة الأخيرة بفعل اتّساع دائرة الاهتمام بالموعد الانتخابي الأول في تاريخ البلاد. ما يبرّر كل المخاوف الشّعبية من المرحلة الراهنة، الوضع السياسي والأمني الذي شهدته ليبيا خلال عقد منذ سقوط النظام السابق، ولا يزال يؤثّر على كل خطوة تخطوها السلطة التنفيذية ممثلة في المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، اللذين وضعت فيهما الثقة لإخراج البلاد من وضع سياسي معقّد قبل تسعة أشهر من طرف لجنة الأعضاء التي أشرفت على انتخابها بعثة الأممالمتحدة. لكن المرحلة الرّاهنة أفرزت مشهدا سياسيا مختلفا مع موجة الترشح الهائلة إلى منصب الرئيس، واحتمالية تجاوز المترشّحين لتسعين مرشحا، منهم ما يثير تساؤلات كثيرة عن أي مستقبل ستفرزه هذه الانتخابات، فضلا عن مرحلة أكثر استقرارا في خضم مؤشرات إيجابية، ما دامت العملية الانتخابية قد أسقطت كل التّخمينات حول ترشّح شخصيات سياسية نافذة تمثّل طرفا رئيسيا في مسار الأزمة الأمنية والسياسية. لكن كل هذا أفرز مشهدا سياسيا متميّزا تشهده ليبيا لأوّل مرة في تاريخها لاسيما الإقبال الكبير للمترشحين، ما يؤكّد ثقتهم في المفوضية العليا للانتخابات التي تسهر على تنظيم الاستحقاقات، كما تبرز التقاء جميع الأطراف في نقطة تقاطع تصبّ في صالح وحدة البلاد واستقرارها، وإخراجها من براثن الفوضى حتى وإن كانت الاختلافات موجودة حول بعض النقاط إلاّ أن التمسك بالموعد الانتخابي في 24 ديسمبر يعيد ترتيب أجندات المشهد نحو مزيد من الاستقرار، والخروج من النفق المظلم نحو بر الأمان.