يبدو أن فرقاء ليبيا استنفدوا جُل ما تبقى لهم من وقت دون توافقات مُرضية، باتجاه تجهيز ليبيا إلى إجراء انتخابات رئاسية ونيابية وفق خارطة الطريق الأممية. فمع أقل من 90 يوماً عن الموعد المُرتقب اشتعلت الخلافات بينهم ثانية، ودخلت الأزمة مفترق طرق، وبات كل معسكر يرى الحل إما في صندوق الانتخابات، وإما العودة إلى صندوق الذخيرة. الوضع في ليبيا عاد ليتعقّد أكثر على إثر قرار البرلمان سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وإصراره على وضع العربة قبل الحصان، ما ينذر بإمكانية عرقلة الاستحقاقات التي يعوّل عليها للخروج من الأزمة، والعودة إلى مربّع العنف والفوضى. لقد دفع قرار البرلمان بسحب الثقة من حكومة الدبيبة إلى ارتفاع الأصوات المعارضة لهذه الخطوة في الداخل و الخارج ، ففي الداخل خرج آلاف المتظاهرين إلى العاصمة طرابلس دعما للحكومة، وفي الخارج دعت العديد من الدول إلى ضرورة مواصلة العملية السياسية و تتويجها بالإنتخابات. وفي السياق، أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، عبد الحميد الدبيبة، على ضرورة إجراء الانتخابات بموعدها المحدد أواخر العام الجاري. الانتخابات في موعدها جاء ذلك في كلمة له أمام آلاف المتظاهرين بالعاصمة طرابلس، دعما لحكومة الوحدة الوطنية. وشهدت طرابلس ومدن ليبية أخرى أمس الأول، مظاهرات دعما لحكومة الوحدة ، وذلك ردا على قرار مجلس النواب الثلاثاء، سحب الثقة من حكومة الدبيبة. وقال الدبيبة، إن "إجراء الانتخابات في موعدها ضرورة لا رجوع عنها، للحفاظ على وحدة ليبيا وإنهاء الانقسام والتشظي وإيقاف الحروب". وشدد أنه "لن يسمح بالانقسام والرجوع للماضي مهما كانت الأسباب، ليبيا واحدة وستبقى واحدة". وأفاد بأن مشروع الحكومة دائما هو "لا للحرب نعم للسلام والتنمية ودعم الشباب ومرافق الدولة"، مردفا أن "خروج المظاهرات هو رسالة قوية على وحدة ليبيا ورفض الانقسام". وذكر أن الحكومة "ستبني جيشا واحدا لا يتبع لشخص أو قبيلة"، داعيا الليبيين للتسامح وتجاوز الخلافات للوصول بالوطن إلى بر الأمان". ومؤخرا، عادت التوترات بين مؤسسات الحكم في ليبيا، جراء خلافات بين مجلس النواب من جانب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة والمجلس الرئاسي من جانب آخر، خاصة على الصلاحيات ومشاريع القوانين الانتخابية. ويهدّد ذلك الانفراج السياسي الذي تشهده ليبيا منذ شهور، حيث تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، في 16 مارس الماضي، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر المقبل. الحوار لإعادة الاستقرار بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ضرورة إجراء الانتخابات في ليبيا خلال موعدها المقرر نهاية العام الجاري. جاء ذلك خلال لقائه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الجمعة، لبحث آخر تطورات الأوضاع في ليبيا. وأثنى المنفي على جهود الأممالمتحدة في دعم الحوار السياسي الليبي، لإعادة الاستقرار وبناء الدولة الديمقراطية التي ينشدها الليبيون، مؤكدًا أهمية الدور الذي تقوم به بعثة المنظمة للدعم في ليبيا، في المساعدة على نجاح العملية السياسية، وإجراء الانتخابات في أفضل الظروف السياسية والأمنية. أي مراحل انتقالية لن تخدم البلاد وقال نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي إن الليبيين لا يرغبون في المزيد من العمل الارتجالي والفوضى السياسية، مضيفًا أن أي مراحل انتقالية أخرى لن تخدم مصلحة البلاد. وأكد مضي «الرئاسي» في تعهداته التي قطعها أمام الليبيين، والمتمثلة في قيادة البلاد إلى أهم استحقاق طال انتظاره، وهو الانتخابات. وأضاف: «دعونا جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة، وإن سلامة سير العملية السياسية، وفق خارطة الطريق المعتمدة بملتقى الحوار السياسي الليبي، هي من أولويات المجلس الرئاسي، وعلى السلطة التشريعية تحمل مسؤولياتها الوطنية والقانونية، في إنجاز التشريعات المطلوبة لإتمام العملية الانتخابية".