أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال ترؤّسه اجتماع مجلس الوزراء بداية هذا الأسبوع، بضرورة إعطاء فرصة للمؤسّسات المتعثرة التي استفادت من قروض دعم التشغيل في وقت سابق، وإعفاء أصحابها من المتابعات القضائية، بالإضافة الى إقرار معالجة ذات مقاربة اقتصادية بحتة. وقال الخبير الاقتصادي عبد الكريم سواهلية، إنّ معظم المؤسّسات الصغيرة في الجزائر والبلدان النامية تعيش الضغط المتزايد من المنافسة مع نظيراتها. أعطى رئيس الجمهورية تعليمات مهلة شهر واحد من أجل توحيد تسيير الوكالة الوطنية لدعم وتنمية المقاولاتية «ANADE» «لونساج سابقا»، والوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر «ANJEM»، والصندوق الوطني للتأمين على البطالة «CNAC»، ووضعها تحت وصاية الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالمؤسّسات المصغرة. وقال الخبير الاقتصادي عبد الكريم سواهلية، في حديثه ل «الشعب ويكاند»، إنّ المؤسّسات الصّغيرة والمتوسطة تلقى اهتماما كبيرا ومتزايدا لدى العديد من الدول لما لها من مصدر دخل هام ومنعش للاقتصاد المحلي لهذه الدول، لذا تحرص الجزائر على دعمها ومرافقتها وحمايتها بجملة من الحوافز والإجراءات القانونية. وأضاف سواهلية أنّ حكومات ما بعد الحراك أعطت أولوية لإصلاح هذه المؤسّسات، وإعادة المتعثرة منها من جديد، وهي التي انبثقت عن آلية وضعت كمسكن اجتماعي للشباب في وقت مضى لم تمنح الفرصة اللازمة ولا المناخ الملائم للاستفادة منها في النشاط الاقتصادي. وأفاد محدّثنا أنّ الجزائر أحصت مليون و300 ألف مؤسّسة من هذا النوع جلّها من القطاع الخاص و60 بالمئة منها تصنف ضمن النشاط الخدماتي، والباقي ضمن البناء والصناعة وبدرجة أقل ضمن النشاط الزراعي، لذا تسارع الحكومة اليوم لتدارك الوضع بإعطاء فرصة لهذه المؤسسات من أجل إعادة تنظيم نشاطها، وإعادة النظر في طرق التسيير وإزاحة عدة عوائق وقفت في طريق نجاح المؤسسات المؤهلة لذلك، وعلى رأسها مصادر التمويل. وأوضح الخبير الاقتصادي، أنّ التمويل يعتبر من بين أهم العراقيل التي تقف عائقا أمام انطلاقة حقيقية لهذه المؤسسات، فاليوم إشكالية منح القروض عبر التمويل الثلاثي يصبح عائقا حقيقيا في اقتناء العتاد والأجهزة والحاجات الضرورية لتوسيع النشاط أو لإنشاء هذه المؤسسات. وأضاف أنّ السلطة قامت بالخيار المناسب حينما باشرت في تنظيم آليات تمويل هذه المؤسسات التي كانت متشعّبة في وقت سابق، وألحقتها بمؤسسة وحيدة وقطاع وزاري خاص بها وهو المؤسسات المصغرة، عوض أن تكون متشتتة عبر قطاعات وزارية كما كان في السابق، والذي أضفى عليها الصبغة الاجتماعية والتشغيل أكثر من أنها مؤسسات اقتصادية بحتة. وأشار سواهلية إلى أن الحكومة اليوم أعادت الأمور إلى نصابها، وجعل تمويل تلك المؤسسات بنظرة ومقاربة اقتصاديتين، من أجل إنشاء مؤسسات اقتصادية خدماتية حقيقية، يتم توجيهها إلى النشاطات الأقل حيوية من أجل إعادة بعثها من جديد. وكشف الخبير الاقتصادي أنّ معظم المؤسسات الصغيرة في الجزئر والبلدان النامية تعيش الضغط المتزايد من المنافسة مع نظيراتها، وهذا بسبب أن اقتصاد العولمة اليوم يضغط على مختلف الشركات للعمل في أنشطة تتّسم بانخفاض الانتاجية والاستهلاك وضعف الجودة وصغر حجم الأسواق والطلب المتضائل وقلة الديناميكية والتكنولوجيا، وهذا ما تشهده المؤسسات المصغرة في الجزائر، فهي تنشط في مجالات الإنتاج والخدمات البسيطة، وليست التي تدر ثروة كبيرة، لذا فمن الواجب توجيه مؤسساتنا الاقتصادية إلى أنشطة تتّسم بإنتاج قوي واستهلاك يسايره.