يشهد الشارع المغربي غليانا غير مسبوق على خلفية التهاب أسعار المواد الغذائية والمحروقات، حيث استجابت كبريات المدن المغربية، أمس، للدعوات التي أطلقتها العديد من النقابات، وتمّ تنظيم مظاهرات واحتجاجات للتعبير عن السخط المتنامي جراء تدهور الأوضاع المعيشية، ولامبالاة السلطات التي يبدو بأنها منشغلة بشهر العسل مع الصهاينة عن هموم شعبها. الحركة الاحتجاجية التي جاءت تنديدا بالزيادات المتكررة للأسعار التي أثقلت كاهل الفئات الشعبية الفقيرة والمتوسطة في المجتمع، قادتها كل من نقابة «الكونفديرالية العامة للشغل» و»فديرالية النقابات الديمقراطية» و»المنظمة الديمقراطية للشغل» وقد تزامنت مع الذكرى 41 للانتفاضة الشعبية ليوم 20 جوان 1981، المعروفة ب «انتفاضة كوميرا» (الخبز)، ويرى المغاربة أن «الظروف الحالية شبيهة بالأمس وأن كل المؤشرات تسير في اتجاه الانفجار الاجتماعي أمام استقرار هش غير واضح المعالم». اللوبي المالي يطلق سمومه بالموازاة مع الغليان الشعبي، وجه قيادي حزبي ووزير سابق انتقادات حادة للحكومة المغربية الحالية التي يرأسها عزيز أخنوش، أمين عام حزب «التجمع الوطني للأحرار»، معتبراً أنها قريبة من «لوبي» المصالح الاقتصادية والمالية، وبعيدة عن شعار «الدولة الاجتماعية» الذي رفعته في بداية ولايتها منذ حوالي ثمانية شهور. محمد نبيل بنبعد الله، في كلمة ألقاها باسم المكتب السياسي لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، أمام اللجنة المركزية (أعلى هيئة تقريرية)، قال إن الحكومة المغربية «ماهرة» فعلاً في التبرير، تارة بتقلبات الوضع الدولي، وتارة بإرث الحكومات السابقة. في حين أن الحقيقة تكمن في كون الحزب الذي يقود الحكومة الحالية كان جزءاً من هذا الإرث، بإيجابياته وسلبياته، وكان، أكثر من ذلك، مصدراً أساسياً للقرارات الاقتصادية والمالية الرئيسية على مدى سنوات عديدة. وأضاف: «حتى لو افترضنا جدلاً أن الحكومات السابقة جانبت الصواب في أمور بعينها، فما الجدوى من الحكومة الحالية إذا لم تبادر إلى تصحيح المسار، عوض التباكي والتشكي؟». الحكومة في مأزق مع كلّ هذا التصعيد، تقف حكومة المخزن عاجزة أمام ما يعيشه المغرب منذ أشهر من ارتفاع مستمر في أسعار الطاقة والوقود، التي سجلت أرقاما قياسية، وتتسبب في استنزاف قدرات الجبهة الاجتماعية، ما ينذر باحتدام غليان الشارع المغربي. في خضم ذروة ارتفاع أسعار المحروقات، وتزايد مطالب المواطنين لحكومة المخزن باتخاذ إجراءات للحد من هذا الارتفاع، لم تجد وزيرة الانتقال الطاقوي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، من إستراتيجية إلا تلك المتعلقة بدعوة المواطنين إلى «مراجعة أساليب استهلاكهم للطاقة. يقابل هذا التهرب من إيجاد حلول حقيقية، الذي يمارسه المخزن، تذمر كبير لدى الجبهة الشعبية، التي تعتبر الإجراءات الحكومية لمواجهة أزمة الطاقة بالبلاد «عديمة الفعالية» ولا تتعدى كونها خطابات وأقوال.