حلّت، أمس الأول، الذكرى 20 لتأسيس الاتحاد الافريقي، في 9 جويلية 2002، بمدينة دوربان بجنوب افريقيا، كبديل لمنظمة الوحدة الافريقية، في مسعى من القادة الأفارقة لمواجهة تحديات عالم متغير. قرر زعماء الدول الافريقية، قبل عقدين إطلاق على كيانهم الجامع تسمية « الاتحاد الافريقي» بدلا من منظمة الوحدة الافريقية التي تأسست في 25 ماي 1963 في العاصمة الاثيوبية، أديس أبابا، وعملت لأكثر من ثلاثة عقود. ونبعت فكرة التغيير إلى الاتحاد الأفريقي كبديل لمنظمة الوحدة الافريقية بحثا عن تحقيق أهداف جديدة تعزز ما تسعى إليه شعوب القارة الأفريقية ضمن رؤية قادتها نحو مزيد من وحدة وتضامن شعوب وبلدان القارة والدفاع عن سيادة الأراضي والاستقلال لكافة الدول الأعضاء، إلى جانب التعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لإفريقيا وشعبها. ولتوطيد هذه الفكرة، أصدر رؤساء الدول والحكومات بمنظمة الوحدة الأفريقية في عام 1999 «إعلان سرت» الذي يدعو إلى إنشاء اتحاد افريقي جديد يعمل على تسريع عملية التكامل في افريقيا، ودعم وتمكين الدول الأفريقية في الاقتصاد العالمي ومعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية متعددة الجوانب التي تواجه القارة. وتم عقد أربعة اجتماعات للقمة في الفترة التي تسبق الإطلاق الرسمي للاتحاد الأفريقي: وهي قمة سرت (ليبيا-1999) التي اعتمدت «إعلان سرت/»والدعوة إلى إنشاء الاتحاد الأفريقي، قمة لومي (2000) بجمهورية التوغو، التي اعتمدت القانون التأسيسي للإتحاد الافريقي ثم قمة لوساكا (2001)، التي صاغت خريطة الطريق لتنفيذ الاتحاد، وهو ما شرع رسميا للاتحاد الافريقي ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية بعد 39 عاما من تأسيسها. وجاءت بعدها قمة دوربان بجنوب افريقيا (2002)، التي أطلقت الإتحاد الأفريقي وتم خلالها عقد أول قمة لرؤساء الدول والحكومات للاتحاد الافريقي. هياكل ومهام وينص النظام الأساسي للاتحاد الافريقي ضمن بنوده على « تحقيق وحدة وتضامن أكبر بين الشعوب والبلدان الأفريقية، والتعجيل بالتكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي لأفريقيا، وتعزيز السلام والأمن والاستقرار في القارة الأفريقية، من خلال توطيد النظام الديمقراطي ومؤسساته وتعزيز المشاركة الشعبية والحكم الرشيد». ولتحقيق هذه الغاية، تم دمج عدد كبير من هياكل منظمة الوحدة الأفريقية في الاتحاد الأفريقي، الذي أنشأ أيضا عديدا من الأجهزة الجديدة. ولمواجهة النزاعات المتزايدة في القارة، أنشأ الاتحاد الافريقي، مجلس للسلم والأمن الذي يعتمد الحوار والوقاية وسيلة لحلّ وتسوية النزاعات ودعم السلام. وللاتحاد سلطة التدخل لفض وإنهاء النزاعات للدول «تحت ظروف معينة». كما أنّ قضيتي الديمقراطية وحقوق الإنسان يعدان «العمود الفقري» للاتحاد الافريقي. كما أنشأ التكتل، برلمانا افريقيا ومحكمة للعدل والبنك الافريقي. إنجازات و تحديات ويرى رئيس الصناعة والتعدين والابتكار بمفوضية الاتحاد الأفريقي حسين حسن، أنّ احتفالات الاتحاد الأفريقي بمرور 20 عاما على إعلانه، تأتي بعد أن «حقق الاتحاد الكثير من النجاحات، ويحرز تطورات متسارعة في المجال السياسي بالمحافل الدولية لما له من ثقل كبير جدا كمنظمة تضم 55 دولة». وعلى الرغم من الإنجازات العديدة التي تحققت في القارة، فإنّ تحديات المستقبل كبيرة ومتعددة، وهي تحديات أمنية ووبائية واقتصادية مع استمرار غياب الاستقرار السياسي في دول بغرب إفريقيا والقرن الأفريقي والإرهاب في منطقة الساحل، كما أنّ حلم تحقيق التكامل الاقتصادي لازال بعيد المنال حسب المراقبين، في الوقت الذي لا يزال وباء كوفيد-19يهدد إفريقيا.وتحتاج أفريقيا إلى مزيد من الموارد ولتحقيق ذلك يتعين عليها القضاء على الإرهاب والسيطرة على نموها السكاني مع العمل بجد لتحفيز النمو الاقتصادي وتحويل آفاق التنمية في القارة، حسب الخبراء. وتوفر الذكرى السنوية العشرون لتأسيس الاتحاد الافريقي، فرصة للدول الأعضاء لتقييم إنجازاتها حتى الآن باعتبارها الهيئة الأولى للسلام والأمن والاستقرار في القارة التي تمثل أحد المبادئ التأسيسية للمنظمة، حيث بنى القادة الأفارقة هيكلًا مفصلًا (مجلس السلم و الأمن) من شأنه أن يمكّن الاتحاد الأفريقي من الوفاء بهذا التفويض.