50% من نسبة النمو الاقتصادي للناتج الخام العالمي يمثلها البريكس استحداث بنك التنمية للتخفيف من هيمنة صندوق النقد الدولي الجزائر لن تفوّت أي فرصة للاندماج في سلسلة القيّم العالمية تحاول الجزائر جاهدة عدم تفويت أي فرصة من أجل تعزيز سياستها الاقتصادية، المبنية على الانفتاح على الاقتصاد العالمي، حيث يرى خبراء أنها قد تجد ضالتها في انضمامها إلى مجموعة «البريكس»، خاصة، وأنها تمتلك مؤشرات ايجابية ترشحها للانضمام لهذا التكتل بكل أريحية. وتتقاسم نفس الرؤية، وهذا الأخير المتمثلة في احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. كما أن الانضمام إلى تكتل «البريكس» سيسمح للجزائر بعقد شراكات واتفاقيات من شأنها دعم الجزائر استراتيجيا، كقوّة إقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يرى الخبير الدولي في التنمية الاقتصادية، الدكتور عبد الرحمان هادف أن الجزائر تبحث عن التموقع على المستوى العالمي والإقليمي، كما أنها بصدد دراسة إمكانية عقد شراكات مع دول وتكتلات عالمية، بالإضافة إلى إعادة النظر في الاتفاقيات التفاضلية واتفاقيات الشراكة في ظل توجهاتها الجديدة والاستراتيجيات التي تبنتها. البريكس، كتكتل.. من بين هذه التكتلات، أشار المتحدث ل «الشعب»، إلى إمكانية انضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس، التي تضم 5 أكبر دول اقتصاديا في العالم. وكنبذة تاريخية عن ميلاد هذه المنظمة، يقول هادف إن مشروع «البريكس» يعود إلى سنة 2001 من قبل بنك الاستثمار Goldman Sachs، الذي قام بدراسة استشرافية حول النمو في العالم، حيث اختار هذا الأخير، 4 دول ذات مؤشرات نمو قوّية، هي: البرازيل، روسيا، الصين والهند، مرشحة للتربع على مكانة اقتصادية هامة خلال العشرين سنة القادمة، من حيث إنتاج الثروة وسرعة النمو. وتابع هادف، في سنة 2009، اتفقت الدول الأربع على تشكيل تحالف اقتصادي، يحمل تسمية «البريك» لتلتحق به جنوب إفريقيا سنة 2010، ويتم تغيير تسميته إلى «البريكس». كما أشار ذات المتحدث- إلى أن تكتل البريكس، يشكل اليوم ربع الناتج الخام العالمي، له ثقل اقتصادي كبير لتمثيله لأكثر من 50% من نسبة النمو الاقتصادي للناتج الخام العالمي، كما يملك خصوصيات ومقوّمات اقتصادية، تمكنّه من أداء دور مهم في الاقتصاد العالمي. التصدّي لهيمنة محور الغرب يضيف هادف، أن هذا التكتل جاء لإعادة توازنات في المنظومة الاقتصادية العالمية التي كانت قد شهدت قرارات أحادية القطب، منذ الحرب العالمية الثانية، أين هيمن محور الغرب على المنظومة المالية العالمية من خلال معاهدة «بروتن وودز، ما مكنّه من التحكم في أهم مؤسستين عالميتين للمالية، هما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتصدّيا لهذه الهيمنة- يقول هادف- جاءت فكرة التحالف بين الدول الخمس ضمن تكتل، يعمل على إعادة التوازن في المنظومة الاقتصادية العالمية، كما يفرض في نفس الوقت، تعددية الأقطاب على مستوى هذه الأخيرة. حيث تسعى دول البريكس إلى إرساء قواعد جديدة في الاقتصاد الوطني، تحاول من خلالها الرفع من هيمنة المنظومة المالية على المنظومة الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى ظهور أزمات مالية، أهمها أزمة 2008 التي تسببت في أزمة اقتصادية، تأثر العالم بأكمله من تداعياتها. بنك التنمية في مواجهة صندوق النقد الدولي كما تؤدي دول التحالف الخمس، الذي يضم أكثر من 3.1 مليار نسمة، أي ما يمثل أكثر من 40 % من سكان العالم، دورا مهما في تحديد السياسات العامة بالنسبة للمنظومة العالمية، من خلال الآليات التي أنشأتها هذه المجموعة لاسيما بنك التنمية، الذي تم استحداثه في 2014 حيث سيترتب عنه تحقيق توازن بين القطبين. من هنا جاءت فكرة انضمام الجزائر إلى هذا التكتل الذي يتفق بالرؤية المتعلقة بعدم إدراج القضايا السياسية ضمن جدول أعمال المجموعة، واحترام سيادة الدول، بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ما يعتبر امتدادا لحركة عدم الانحياز، التي تعتبر الجزائر من بين أهم أعضائها. لا تفويت للفرص.. أضاف الخبير الدولي، أن الجزائر، وفي إطار مشروع التحوّل الاقتصادي الذي اعتمدته، تدرس كل الاحتمالات والسبل التي تمكنها من استرجاع مكانتها الإقليمية والعالمية من خلال إعادة التمركز والاندماج في سلسلة القيم العالمية وأداء دورها، كقوة إقليمية اقتصاديا وسياسيا، على مستوى القارة الإفريقية. حيث تمتلك الجزائر من الإمكانيات ومن الطموح، ما يمكنّها من أن تصبح عضوا نشيطا ضمن «البريكس» واستغلال الشركات التي تربطها بالدول الأعضاء في المجموعة والاستفادة من الامتيازات التي تقدمها هذه الأخيرة، خاصة ما تعلق بالتمويلات والاستثمارات. يرشحها في ذلك الاستقرار السياسي الذي تعرفه والموارد الطبيعية والبشرية التي تتمتع بها، حيث يتخرج من الجامعة الجزائرية أكثر من 250 ألف طالب سنويا. بالإضافة إلى موقعها الجيو استراتيجيي ما يسمح لها بوضع أنموذج تنموي على امتداد 10 سنوات، ما يرشحها للتحصل على مكانة مهمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تثمين الثروات وتوفير المناخ أكد المتحدث، إن الجزائر تحتاج اليوم إلى مضاعفة نسبة نمو الناتج الخام المحلي وتنويع اقتصادها ومضاعفة مداخيلها من العملة الصعبة، من أجل بناء اقتصادي قوّي، يقوم على تحوّل اقتصادي فعّال ومستدام، وبالتالي يمكنها أن تجد ضالتها في الشراكات الفعلية، الممكن إقامتها مع دول مجموعة البريكس، خاصة ما تعلق بقطاع المنجمي وقطاعي الطاقة والطاقات المتجددة والصناعة. كما أنها أمام ضرورة مُلحّة لتثمين كل الثروات، وفي هذا الإطار تعمل السلطات العمومية جاهدة على تهيئة مناخ الأعمال، حيث سجلنا الأسابيع الماضية، دخول قانون الاستثمار الجديد حيز التطبيق إلى جانب اتفاقية المناطق الحرة «زليكاف»، التي دخلت حيز التطبيق هي الأخرى في 1 جويلية الفارط. وغيرها من المساعي الرامية إلى الانفتاح الفعلي على الاقتصاد العالمي. اقتصاد المعرفة.. بوابة إلى العالمية كما تعتزم الجزائر مراجعة قانون النقد والصرف، كما تسعى إلى عصرنة منظومة الحوكمة عبر الوسائل الرقمية على مستوى كل المؤسسات وإعادة بعث النشاطات الاقتصادية في جميع القطاعات، كالسياحة والفلاحة من أجل أقصى استثمار ممكن للموارد الطبيعية التي تزخر بها الجزائر. والاهتمام بصفة خاصة بمحور الاقتصاد الرقمي أو اقتصاد المعرفة كأهم ركيزة للمرحلة القادمة من عمر الاقتصاد الوطني التي يرى الدكتور هادف أنها ستكون وراء تحقيق نسبة نمو حقيقي، يسمح للأنموذج التنموي المتنوّع، المعتمد من طرف السلطات العمومية، التخفيف من هيمنة قطاع المحروقات. في هذا الصدد، كان رئيس الجمهورية، أوجب مساهمة قطاع الصناعة بنسبة 10 إلى 15 % ومساهمة القطاع الفلاحي بنسبة 30 %، كما أمر بتسلم السياحة قيادة قاطرة الاقتصاد الوطني، بالنظر إلى الموارد الطبيعية التي تجعل من المشهد الطبيعي الجزائري قارة، بتنوّعها الثقافي والجغرافي. إجراءات ستمكن الجزائر من تحقيق توازنات على مستوى اقتصادها الكلي والتحكم في مؤشرات التضخم التي تجتاح العالم حاليا، بالإضافة إلى التحكم في ميزان المدفوعات والميزان التجاري. يعزّز مسارها هذا انضمامها إلى مجموعة البريكس، كما سيسمح لها بأداء دور ريادي في التجارة الخارجية الأفريقية، وكسب رهان تحقيق نسبة نمو 6 %، لإعادة القاطرة إلى المسار الصحيح، لينعكس ذلك على الجبهة الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة المواطن الذي تعهد رئيس الجمهورية بصون كرامته.