بداية نعزّي أنفسنا ونعزّي الشّعب الجزائريّ في الشّهداء الذين سقطوا جرّاء الحرائق التي اندلعت في الأراضي الجزائريّة، نسأل الرّحمة لهم شهداء العمل الوطنيّ والإنسانيّ، ونسأل الصّبر السّلوان لذويهم وعائلاتهم. ممّا لا شك فيه أنّ توأمة الجزائر مع فلسطين أبديّة وأزليّة، وشهادتنا نحن الفلسطينيّون بأهل الجزائر مجروحة! ولو تكلّمنا عن الحبّ والدّعم والتّقدير العظيم الذي يقدّمونه معنويًا وفعليًا لأهل فلسطين، خاصّة في قضية معاناتهم كشعب مع الاحتلال وفي قضية الأسرى بالتّحديد، عندها ستعرف أنّ الجزائر أكبر من كلّ الكلمات التي نكتبها! نحن نحبّ الجزائر لأنّها تحبّنا بلا شروط، ولأنّ حبّها مقترنٌ بالفعل والاهتمام، والحبّ إن اقترن بالعمل لأجل من نحبّ، يصبح حبًا كاملًا لا يمكن كسره أو تجاهله. قضية الشّعب الفلسطينيّ كانت قضية كلّ وطنٍ عربيّ في السّابق، وكان لا بدّ من الحديث عن فلسطين في كلّ نشرة من نشرات أخبار الإعلام العربيّ وحتّى العالميّ، لكن بعد اتفاقية أوسلو تمّ تحجيم ظهور القضية الفلسطينيّة على الشّاشات لإتاحة المجال للاحتلال الإسرائيلي بارتكاب المزيد من الجرائم بلا رقيبٍ ولا حسيبٍ ولا شاهدٍ حتّى، وتزامن ذلك في انشغال الوطن العربيّ بالانقلابات والدّمار التي طالت البلاد والعباد، وأصبحت جميع البلدان العربيّة تعاني كما فلسطين من الخراب والفساد والدمار، وبدون أن نعلم كيف ولماذا حدث كلّ ما حدث بسرعةٍ غريبة؟ صرنا نسمع أنين الشّعوب من كل بلد عربي للأسف، ثمّ صار التّسليط الإعلاميّ في أغلب البلاد العربيّة المجاورة كلٌ على قضاياه ومعاناته الاجتماعية والاقتصادية الخاصّة، وأضحت القضية الفلسطينية مثلها مثل غيرها من القضايا، إلّا أن ما يزيدها مأساةً وجود المحتل بها. لطالما شعر الشّعب الفلسطينيّ بالتّهميش والتّهميش المتعمّد خاصّة بعد اتفاقية أوسلو المشؤومة، فحتّى المظاهرات الكبرى التي كانت تنظّمها المؤسسات العربيّة والدّوليّة حول العالم اختفت وتلاشت بعد أوسلو، وصارت المظاهرات ممنوعة، وإن حدثت تحتاج لإجراءات وترخيص وتدخلات في مضمونها وأهدافها وأمور أخرى بعكس السّابق، والهدف السّيطرة باستمرار على الرّأي العام الخارجي، وفي المقابل بعد كلّ ما جرى من أحداث بقيت الجزائر داعمة للقضية الفلسطينيّة قبل وبعد اتفاقية أوسلو، وازداد هذا الدّعم وبرق بعد التّهميش المتعمّد للقضية الفلسطينيّة، حيث خصّصت مساحةً لا يستهان بها من صحافتها الورقيّة والمرئيّة لأجل فلسطين، وفي الوقت الذي نتابع فيه نشرات الأخبار العربيّة الأخرى، ولا نسمع خبرًا واحدًا عن فلسطين. كما لن ننسى أنّ جريدة .. غيّرت صفتها من يوميّة لنشر الأخبار الوطنيّة الجزائريّة إلى يومية لنشر الأخبار الوطنيّة الجزائريّةوالفلسطينيّة، في الوقت الذي اكتظت فيه الصّحف العربيّة الأخرى بالأخبار المختلفة عن الانقلابات والمعارضين لنظام الحكم والموالين له. في النّهاية نتمنّى الأمن والسّلام للجزائر ولكلّ البلاد العربية المجروحة، ونصلّي دومًا لأجل بلادنا فلسطين ولأجل كلّ البلاد، ونتمنّى أن نعود للمجد الذي ما زلنا نحلم به، لكن عودته لن تكون سهلة طالما هناك انقلابات وانكسارات وانقسامات، ومن المؤكد العودة ممكنة وأطول عمرًا إن اتحدتنا، فالاتحاد قوة.