التكنولوجيا الرقمية.. رافعة بامتياز لنجاح تحول النموذج الاجتماعي والاقتصادي إ دارة الحوكمة الإلكترونية بحاجة إلى تحديث وإصلاحات إنشاء مؤشر الرقمنة ضروري يرى الخبير الدولي في الذّكاء الاقتصادي والرّقمنة، الدكتور عبد الرحمان هادف، أنّ الشّروع في برنامج رئيسي للتحول والتجديد الاجتماعي والاقتصادي، يستوجب من الدولة تبني رؤية عملية، واضحة المعالم ومعروضة بوضوح مع خطة تنفيذ واقعية وقابلة للتجسيد، ولهذه الغاية يجب وضع التحول الرقمي على رأس الأولويات لما يمكّنه تحقيقه من مواكبة للتحولات العالمية في هذا المجال وتحديث الحوكمة. يرى الخبير هادف، أنّ الوعي بأهمية نجاح التحول الرقمي أصبح تحديًا كبيرًا، ومشروعا مشتركا تتقاسمه كل الأطراف الفاعلة في الاقتصاد الوطني من مؤسسات خاصة وعمومية، ومن خلالها جميع الموظفين في جميع مستويات المسؤولية. ويقول الدكتور هادف، إنّ الأمر لا يتعلق بمسألة ترويج لمشروع حكومي حول استخدام الأدوات الرقمية، بقدر ما يتعلق بتجسيد حقيقي لروح التحول الرقمي، الذي يُعرَّف على أنّه تحوّل اجتماعي ثقافي وليس مجرد استخدام بسيط للمعدات والحلول الرقمية. في هذا الإطار، رحّب هادف بقرار استحداث قطاع وزاري يعنى بالتكنولوجيا الرقمية، لافتا إلى أنه يحتاج إلى التجهيز والتعزيز بالقدرات الفنية والبشرية للقيام بالمهام والصلاحيات الثقيلة الموكلة إليه، مقترحا إلحاق جميع المؤسسات والهيئات التي تعمل على تطوير الرقمنة به، مثل مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني "السيريست". نظام بيئي رقمي إلى جانب العمل الذي تقوم به الوزارة المسؤولة عن النظام الرقمي، أكّد الدكتور هادف أهمية دعم بناء نظام بيئي رقمي، من خلال تشجيع الفاعلين في مجال الرقمنة، ووضع إطار قانوني مناسب ومحفّز، إضافة إلى تحرير المبادرات والسماح لهؤلاء بالوصول إلى الطلبات من المقاولين الرئيسيين بطريقة أكثر بساطة، ليصبح تشجيع صناعة المحتوى الوطني مسألة سيادة، تتطلّب إستراتيجية حقيقية تؤطّر وتنظّم قطاعًا بأكمله، يتميز بتطوره السريع، إذ يجب أن يتمحور التنظيم والإدارة حول مفهومي المرونة والابتكار. شراكات وتحالفات في الوقت نفسه، يعتبر هادف أنّ نجاح التحول الرقمي يعتمد أيضًا على اختيار الشراكات والتحالفات مع رواد العالم في هذا المجال، ومن هنا تأتي أهمية العمل في مرحلته الأولى مع أكثر الدول تقدمًا في هذه التقنيات، بتكوين تحالفات إستراتيجية حسب التخصص والسماح للفاعلين في هذا المجال، بالتوغل والتميز في الأنشطة المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي و«البلوك تشين" و«السحابة الحاسوبية" وأنظمة "التشفير والأمان"..لأنّ الانفتاح على المستوى الدولي ضرورة تفرض على الجزائر أن تتموقع جيو-استراتيجيا لتصبح فاعلا إقليميا رئيسيًا في القارة الأفريقية من خلال القيادة التكنولوجية. استراتيجية من أجل استعداد رقمي في هذا الإطار، اقترح هادف استراتيجية على مرحلتين، ستسمح للجزائر بأن تكون جاهزة رقميًا على الأمد المتوسط، وستضع أسس المجتمع الرقمي الجزائري الجديد وأسس المواطن الرقمي. وتمتد على محور زمني بين 2022- 2024، لجعل الجزائر مستعدة، وبين 2025-2030 تكون الجزائر محورا رقميا إقليميا. وتعتمد الإستراتيجية في مرحلتها الأولى على ثلاث مراحل فرعية، ترتكز أساسا على تنمية القدرات التكنولوجية، تحديث وإصلاح إدارة الحوكمة الإلكتروني وتقليص الفجوة الرقمية. تطوير القدرات التكنولوجية الجزائر ستكون ضمن الدول 100 الأوائل، من حيث سرعة الاتصال الثابت و50 بالنسبة للاتصال المحمول بحلول 2025، في الشق المتعلق بتطوير القدرات التكنولوجية وفق ما أكّد هادف الذي شدّد على ضرورة تعزيز وتطوير البنى التحتية، وعلى تسليط الضوء على جميع الإنجازات التي تم تحقيقها في هذا المجال والاستفادة منها إلى أقصى حد، إلى جانب وضع خطة لتنمية القدرات التكنولوجية، تقوم على أساس الأهداف الإستراتيجية المسطّرة، التي ترتكز أساسا على تقوية البنية التحتية للأنترنت والهاتف الثابت والنقال، وتحسين الاتصال من خلال تعميم النطاق العريض والتغطية الجغرافية الأفضل، ما سيمكّننا من افتكاك مكانة بين 100 الأوائل من حيث سرعة الاتصال الثابت و50 الأوائل، بالنسبة للاتصال المحمول بحلول عام 2025. ولبلوغ ذلك، يقترح الخبير في الرقمنة، جملة من الأدوات والحلول تتمثل في تطوير شبكة الألياف الضوئية الثابتة، وتحسين الشبكة النحاسية وتعزيز الاتصال بالشبكة الدولية من خلال توصيلات الكابلات البحرية والأقمار الصناعية الجديدة، بالإضافة إلى تطوير الشبكة المحلية، وتطوير شبكة المحمول من خلال تعميم 4 G وإطلاق انعكاس لنشر 5G..كما يجب العمل على تشجيع المنافسة لأنشطة مزودي خدمة الإنترنت (ISP). بنية تحتية لتخزين البيانات اقترح هادف حلولا للنهوض بقطاع الرقمنة في الجزائر، لإعادة تفعيل مشروع مركز البيانات الحكومي، للحصول على بنية تحتية ذات معايير دولية لتوطين بيانات المؤسسات والشركات العمومية التي تعتبر إستراتيجية. إلى جانب تشجيع الاستثمارات في مجال مركز البيانات من قبل الشركات الخاصة، للحصول على عروض خدمة تنافسية مقارنة، بما يتم تقديمه حاليًا في السوق. والمطالبة بمزايا تنافسية وطنية معينة مثل تكاليف الطاقة، مع العلم أن مراكز البيانات تعتمد إلى حد كبير على هذه الأخيرة. ولأجل ذلك استطرد يجب تشجيع إنشاء مراكز البيانات هذه في المناطق المعروفة بثروتها من الطاقات المتجددة ومناطق المرتفعات، الأمر الذي من شأنه جعل مجال توطين البيانات مصدرًا لتصدير الخدمات في السوق الإقليمية. الأنظمة والحلول الرّقمية من بين الحلول التي يقترحها الخبير، تشجيع الاستثمار في الحلول السحابية من خلال تبسيط إجراءات الترخيص وإدخال مبدأ التحكم اللاحق، وتعميم استخدام أنظمة التصديق والتوقيع الإلكتروني، من خلال التنفيذ الفعال للمؤسسات التي تقدم هذه الخدمات، تحت سيطرة السلطات التنظيمية المختصة. وبغرض ضمان المراقبة والتقييم، يوصي هادف بالعمل مع مدخلات الهيئات المخولة مثل المكتب الوطني للإحصاء، وإنشاء مؤشر الرقمنة DZ ، الذي يسمح بمراقبة مستوى الرقمنة داخل جميع المؤسسات والمنظمات والشركات العامة والخاصة. كما يوصي بضرورة تعميم وتطوير استخدام حلول الدفع الإلكتروني والمحافظ الإلكترونية، وذلك بتحسين وتبسيط الوصول إلى خدمات الدفع الإلكتروني من خلال جعل الإجراءات أكثر مرونة بالتنسيق مع "جيم مونيتيك" و«ساتيم". وإلى ذلك، يشدّد على تعزيز وتطوير أنشطة الهيئة الوطنية المسؤولة عن الأمن السيبراني، من خلال إجراءات التعميم والاتصال مع جميع الجهات الفاعلة والمهنيين الرقميين، وأيضا المواطنين، وتشجيع تطوير المحتوى الرقمي الوطني، لاسيما في القطاعات الحساسة كالتعليم والثقافة والتعليم العالي، وجذب الشركات الناشئة من خلال التحديات الموضوعية لتطوير حلول مبتكرة في سياق تنافسي. تنمية المهارات والمعرفة الرّقمية من أجل تعميم ونشر ثقافة الرّقمنة، طالب الخبير بتشجيع استخدام التقنيات الرقمية في المدارس، وتشجيع تدريس العلوم الدقيقة (الرياضيات) على جميع مستويات نظام التعليم، مع تسريع إطلاق المدرسة الرقمية، وتقييم المشروع التجريبي وتجسيد تصوره بهدف تعميمه لاحقا. بالمقابل، شدّد على ضرورة التدريب المهني المباشر في مهن التكنولوجيات الرقمية لإعداد موظفين مؤهلين يمكن دمجهم بسهولة في عالم الشغل، بالموازاة مع إنشاء تدريب عملي فيما يخص أنشطة تركيب وصيانة مركز البيانات والأجهزة الرقمية ذات الصلة، وتركيب مراكز الاتصال، وتركيب شبكات اتصال البيانات، ك "الفايبر" و«الواتساب"، وتطوير التطبيقات والحلول، في ظل بيئة متفتّحة على اكتساب المعارف الرقمية. ويقترح هادف، تحديد الإطار القانوني للتشغيل البيني لنظم المعلومات من خلال وضع مرسوم تنفيذي يحدد نطاق نظام التشغيل البيني لتبادل البيانات، وإنشاء لجنة التشغيل البيني المشتركة بين الوزارات برئاسة الوزارة المكلفة بالرقمنة. تقليص الفجوة الرّقمية احتواء الفجوة الرقمية والسيطرة عليها بشكل أفضل على المستوى الوطني من خلال الوصول الأفضل، والاستخدام الرشيد والأمثل للأدوات الرقمية من قبل جميع المستخدمين دون أي تمييز، هو أحد تحديات المرحلة الحالية - حسب الخبير الاقتصادي - ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال تحسين إمكانية الوصول إلى التقنيات الرقمية، وتغطية إنترنت أفضل مع توفر الأدوات والمعدات الرقمية بتكلفة معقولة، وتحسين استخدام التقنيات الرقمية. كذلك ضرورة العمل مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني على البرامج المناسبة لاستخدام الأدوات الرقمية لجميع الفئات الاجتماعية، إلى جانب العمل مع المدارس ومؤسسات التدريب المهني لتطوير برامج إتقان وتطوير حلول رقمية لإنشاء محتوى وطني