ودّعت الساحة الفنية السبت، واحدة من أهم الممثلات في العالم العربي، ومن أبرز رموز الفن صاحبة المقام الرفيع الفنانة القديرة فريدة صابونجي، التي انتقلت إلى دار القرار عن عمر ناهز 92 عاما بعد مرض عضال ألزمها الفراش، تاركة وراءها رصيدا فنيا راقيا وهادفا تقاسمته رفقة ثلة من الفنانين، وتعتبر الراحلة من الرعيل الفني الأول، الذين ساهموا في رسم المعالم الأولى لصورة الإبداع الفني الجزائري، وحقّقت العديد من الانجازات داخل وخارج الوطن. فريدة صابونجي، فنّانة وممثلة سينمائية ومسرحية، من مواليد الثلاثينيات بحي الدويرات مدينة البليدة، اشتهرت بأداء أدوار المرأة الغنية والمتغطرسة الشخصية، القاسية القلب أحيانا. كما أنها صاحبة شخصية قوية، والتي يمكن لنا القول بأن الفن ولد معها، فلقد دخلت المسرح في سن مبكرة جدا، حيث كان عمرها آنذاك حوالي 13 سنة، ووقفت على ركحه إلى جانب كبار الفنانين، على غرار محيي الدين بشطارزي، رويشد، محمد التوري وغيرهم. كما كان ولوج فريدة صابونجي، إلى عالم الفن من باب الإذاعة الوطنية سنة 1947، وقد مدّ لها محيي الدين بشطارزي يد المساعدة. وفي الخمسينيات قدّمت الفنانة الراحلة، العديد من الأعمال والأدوار في المسرح الكلاسيكي بالمسرح الوطني، والذي كان يعرف ب "الأوبرا" على غرار "أوتيلو"، "أوتيفون"، "تارتيف"، "قناع الجحيم"، "الدنجوان"..والعشرات من الأعمال المسرحية الكلاسيكية رفقة مصطفى كاتب، محمد التوري، نورية، كلثوم وغيرهم من نجوم الفن الجزائري. طلب منها المشاركة في مسلسل "المصير" تحت إدارة المخرج الكبير جمال فزاز سنة 1989 ، واستلزم الدور الكثير من الغطرسة والقبضة الحديدية، ولقد نجحت في الدور وأحبّها الجمهور كثيرا، كما أنّها قدمت أعمالا أخرى مختلفة وتقمّصت العديد من الشخصيات، سواء كانت اجتماعية أو هزلية في المسرح أو المسلسلات، أشهرها دورها في "المصير" سنة 1989، و«كيد الزمن" سنة 1999، حيث عرفت بالشخصية المتسلطة، لكن لا شيء من هذا صحيح..لأن الأدوار المسندة إليها تلعب دورا في ترسيخ هذا الاعتقاد في أذهان الكثير من المشاهدين الذين لا يعرفونها عن قرب، وكل هذا يعني أنها تتقن الأدوار المسندة لها بدقة واحترافية إلى درجة أن المشاهد يصدق المشهد، ويؤمن بالفعل بأنها صفة الإمرأة المتكبّرة. أبرز أعمالها الفنية في عام 1989، طُلب من الفنانة القديرة المشاركة في مسلسل "المصير" تحت إشراف المخرج الكبير جمال فزاز، أين تطلّب الدور المنوط بفريدة صابونجي الكثير من الغطرسة والقبضة الحديدية، حيث نجحت في إتقان جميع أدوارها، مما أكسبها محبة متناهية النظير من قبل جمهورها، وربما هي من الفنانات التي أحبها المشاهد وهي تؤدي أدوارا شريرة، في حين لعبت الممثلة المتألقة العديد من الشخصيات سواء كانت اجتماعية أو كوميدية في المسرح أو المسلسلات، أشهرها أيضا "كيد الزمن " عام 1999، و«الامتحان الصعب" وآخر أعمالها كان "دار البهجة" عام 2013. فنّانون يستذكرون الخصال الفنية والإنسانية للفنّانة الرّاحلة عبّر فنانون، أمس، عن حزنهم الكبير لرحيل الفنانة فريدة صابونجي، واصفين إياها ب "القامة الباسقة" في الفن الجزائري، و«الفنانة القديرة المحبوبة من الجميع". وقالت الفنانة بهية راشدي، لوكالة الأنباء الجزائرية، إنّ صابونجي "فنانة كبيرة وإنسانة وفيّة، ولم تكن تبخل بأي شيء على الفنانين سواء من جيلها أو من الفنانين الصاعدين"، كما كانت "ترى دائما أن الفن رسالة نبيلة والفنان مرآة المجتمع والقدوة والرمز، ولهذا فقد كانت تعمل بصدق وجدية وتحاور الجميع، وتعمل على أن تظهر في أحسن صورة، وأن تقدم دائما الجديد للجمهور.."، مضيفة من جهة أخرى أن صابونجي "شاركت أيضا في الثورة التحريرية". واعتبر من جهته الفنان عبد النور شلوش، أن صابونجي "فنانة متميزة"، وأن "كفاءتها وموهبتها لا غبار عليها، فهي من الرعيل الأول للفنانين الجزائريين، إذ تعود بداياتها الفنية إلى الخمسينيات من القرن الماضي في المسرح مع محيي الدين باشطارزي لتستمر في عطائها بعد الاستقلال في الفن الرابع والإذاعة والسينما والتلفزيون". وأوضح شلوش، الذي عمل مع صابونجي في العديد من الأعمال الدرامية على غرار "كيد الزمن"، أن الراحلة تميزت "بأسلوبها الفريد وشخصيتها الفنية الخاصة بها، حيث أدّت أدوارا في المستوى وتميزت بشخصيتها القوية وحضورها الكبير وصرامتها وجديتها في العمل رغم تنوع أدوارها..". وأكّدت من جهتها الفنانة نوال زعتر، أن صابونجي "سيدة كبيرة في السينما والتلفزيون والمسرح والإذاعة بما قدمته من أعمال على مدار أكثر من نصف قرن"، مضيفة أنها "عملت معها في العديد من المسلسلات وتشهد لها بمهنيتها العالية وإحساسها وانضباطها، وتقمّصها للأدوار بحرفية كبيرة..". ونعت بدورها الفنانة دليلة حليلو رحيل صابونجي، قائلة إنها كانت "إنسانة رائعة وممثلة مبدعة"، وأن فقدانها "خسارة للفن الجزائري"، مضيفة أنها "دخلت عالم الفن منذ صغرها، وقد عملت في المسرح والإذاعة والسينما والتلفزيون لتترك مكانها الذي تستحق، كما كانت لطيفة ومحبوبة من الجميع..".