أحيت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أمس، اليوم الوطني للدبلوماسية، المخلد لانضمام الجزائر كبلد كامل العضوية لمنظمة الأممالمتحدة، واستحضرت إنجازات الدبلوماسيين في الدفاع عن المصالح الوطنية ونصرة القضايا العادلة، مؤكدة الاستعداد لتقديم إسهامات نوعية في مختلف المحافل. اختارت الدبلوماسية الجزائرية شعار: «ستون سنة من الحضور والتأثير بالأممالمتحدة»، لاحتفالية هذه السنة، ببلوغ العقد السادس لنيل العضوية الكاملة بالهيئة الأممية، للتدليل على فعالية أدائها، المرتكز على مبادئ خاصة. وعرفت الاحتفالية مشاركة رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، ومستشاري رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية، والذاكرة والأرشيف الوطني، إلى جانب وزيري التربية الوطنية والثقافة والأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، واستهلت برفع العلم الوطني على وقع عزف الفرقة النحاسية للحماية المدنية، وقراءة فاتحة الكتاب على أرواح شهداء العمل الدبلوماسي. في كلمته بالمناسبة، قال وزير الخارجية رمطان لعمامرة، إن «العمل الدبلوماسي يعد أحد الخنادق الأمامية للدفاع عن مبادئ ومصالح الجزائر». وأكد أن «بلادنا طالما تميزت بدبلوماسيتها التي حافظت على طابعها الثوري، حتى بعد انضمامها إلى منظمة الأممالمتحدة بتاريخ 08 أكتوبر 1962. ذلك الطابع الذي تشكلت ملامحه إبان الثورة التحريرية في خضم الملاحم التي صنعها كفاح الشعب الجزائري على المستويين السياسي والعسكري». وأفاد الوزير، إن هذا الطابع تواصل بعد الاستقلال «ليكرس امتداد الشخصية الدولية للجزائر وتميزها بين الأمم بمبادئها الراسخة، التي أهلتها لقيادة المد التحرري من الهيمنة الاستعمارية والتموقع في طليعة الدول النامية المطالبة بنظام دولي جديد». وشدد الوزير، على أن يوم الدبلوماسية يمثل وقفة للاعتزاز، لأنه كرس عودة الجزائر إلى الحياة الدولية بعد ليل استعماري طويل، ولنا أن نفخر بإنجازات الدبلوماسية الجزائرية، خاصة وأنها تتجدد اليوم بكل حيوية وفعالية تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون». لعمامرة أكد أن الجزائر، أصابت بثباتها على مبادئها التأسيسية لعملها الدبلوماسي، إذ تأكد في كل مرة قراءتها الصحيحة للأحداث كلما تقلبت الظروف الدولية. وقال: «إن ما يعرفه العالم اليوم من توترات متصاعدة وتقلبات متسارعة وما تحمله حالة الاستقطاب المتزايدة من بوادر إعادة تشكيل موازين القوى، لتؤكد من جديد على وجاهة المواقف الجزائرية المتمسكة بمبادئ عدم الانحياز والمناضلة باستمرار من أجل قيام نظام دولي يسوده العدل والمساواة ويضع حدا للإجحاف التاريخي بحق الدول النامية». وشدد على إيمان الجزائر الراسخ «بقوة الحق والثبات على المبادئ في مساندتها للقضايا العادلة، على غرار القضية الفلسطينية وقضية شعب الصحراء الغربية، لأن ما عاشته الجزائر يؤكد أن الاستعمار، مهما طال، فمآله الحتمي الزوال». طرف فاعل وبشأن الدور المتنامي الذي تقوم به الجزائر حاليا على أكثر من صعيد، أفاد الوزير بأنه نابع من «مواصلة مساعيها كطرف فاعل في جميع مجالات انتمائها العربية والإفريقية والإسلامية والمتوسطية من أجل مد وتعزيز جسور التعاون والتضامن والمساهمة في حل النزاعات والأزمات عبر الطرق السلمية». وفي السياق، جدد تطلع الجزائر لأن تكون القمة العربية المقررة انعقادها، شهر نوفمبر المقبل، بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، «فرصة لاتخاذ قرارات جريئة وبروح توافقية للارتقاء بالعمل العربي المشترك في مستوى رمزية هذا التاريخ وما يحمله من قيم النضال المشترك في سبيل التحرر وامتلاك مقومات التحكم في مصيرنا الموحد ليكون قويا وفاعلا». في المقابل، لا يتوقف الدور الدبلوماسي للخارجية الجزائرية، على العناوين السياسية الهامة ك «لمّ الشمل وتعزيز دعائم السلم والاستقرار إقليميا ودوليا»، حيث «تكثف الدبلوماسية الوطنية نشاطها الاقتصادي من خلال استراتيجية شاملة لتوجيه التعاون الدولي وفق منطق توازن المصالح»، يؤكد الوزير. في السياق، أكد لعمامرة على قدرة الجزائر على تحقيق إضافة نوعية، لمنظمة «بريكس»، تماشيا وإعلان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الرغبة في الانضمام لهذا التكتل الذي يضم البرازيل، روسيا، الصين، جنوب إفريقيا والهند. وأوضح، أن «لبلادنا برنامج تنموي طموح تهدف من خلاله إلى ضمان مكانة تليق بها ضمن ركب الدول الصاعدة، كما سبق وأن أكد على ذلك الرئيس تبون في أكثر من مناسبة، خصوصا عند ذكره قدرة الجزائر على تقديم قيمة مضافة إلى «مجموعة بريكس». وفيما يتعلق بالجزء الكبير من عمل الدبلوماسية الجزائرية الخاص بالجالية الوطنية بالخارج، شدد لعمامرة على «تجسيد التوجه الاستراتيجي بالالتزام بخدمة ومرافقة جاليتنا الوطنية في الخارج ليس عبر خدماتها القنصلية فحسب، بل من خلال مقاربة تفاعلية تتركز على حماية أبناء جاليتنا والدفاع عن مصالحهم». وتقوم المقاربة الجديدة، في هذا المجال، على اعتماد العمل الجواري والمتكامل لترقية الهوية الوطنية وتعزيز الروابط بين أبناء جاليتنا من مختلف الأجيال ووطنهم الأم، وضمان انخراطهم بكل طاقاتهم وكفاءاتهم في المسار التنموي الذي تشهده الجزائر. تكريم الشهيد مصطفى فروخي وشهد الحفل، تكريم أحد أبرز رجالات الدبلوماسية الجزائرية، الشهيد مصطفى فروخي، حيث تسلمت ابنته من وزير الخارجية، شهادات تكريم وعرفان بدوره ومكانته في العمل الدبلوماسي. وأعطى لعمامرة بالمناسبة، إشارة انطلاق العمل بالموقع الإلكتروني الجديد للوزارة، قبيل أن يفسح المجال لمائدة نقاش، قدم فيها الدبلوماسي السابق نورالدين جودي، وأستاذا العلوم السياسية والإعلام امحند برقوق وأحمد عظيمي، مداخلات عن دور ومكانة الدبلوماسية الجزائرية ونصرتها للقضايا العادلة.