تطبيق القوانين بعدالة طمأنة للمواطنين المؤسسة القضائية اليد المؤتمنة والدرع الحامي للممتلكات والمواطن تكريس آليات استقلالية القضاء لضمان سيادة القانون وصون الحريات المحاكم بالمرصاد لجرائم زرع الهلع والفوضى والأخبار الكاذبة وخطابات الكراهية تسريع وتيرة العمل وفق المعطيات الاقتصادية الجديدة حماية الاقتصاد الوطني من أخطار النهب والفساد بسلاح القانون والشفافية تعزيز حقوق الدفاع وتوفير شروط ممارسة مهنة القانون التعجيل تنصيب المحاكم التجارية وإصدار قوانين تأمين مناخ الأعمال أعلن رئيس الجمهورية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء عبد المجيد تبون، أمس، عن افتتاح السنة القضائية 2022-2023. وأكد أنه جعل استعادة كرامة المواطن «حربا لا تهدأ»، داعيا إلى الإسراع في تنصيب المحاكم التجارية وإصدار القوانين المساهمة في تحسين مناخ الأعمال. أبدى الرئيس تبون، رضاه عن العمل المنجز في سلك القضاء، وأمر ببذل مزيد من الجهود في المرحلة المقبلة لمواكبة التحولات المتسارعة على جميع الأصعدة. وخاطب القاضي الأول في البلاد، أسرة القضاء خلال مراسم افتتاح السنة القضائية قائلا: «أنتم بناة دولة الحق والقانون. ويجدر التنويه بما تم تحقيقه السنة الماضية، سواء ما تعلق بتكييف القوانين مع الدستور أو ما تقتضيه التحولات الجارية في مختلف المجالات». وجرى افتتاح السنة القضائية، لأول مرة، بتركيبة تنظيمية جديدة للمجلس الأعلى للقضاء. فبموجب دستور نوفمبر 2020، لم يعد وزير العدل حافظ الأختام، يشغل عضوية المجلس ولا يتمتع بصفة نائب الرئيس. ومنذ ديسمبر الماضي، بات الرئيس الأول للمحكمة العليا يشغل رسميا منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، وبالتالي فقد أبعدت السلطة التنفيذية كليا عن شغل إحد المواقع المرموقة في أعلى هرم السلطة القضائية، ما شكل خطوة فارقة في مسار تكريس استقلالية القضاء. تحقيق التقدم في البرامج المرسومة لقطاع العدالة، يقود بالضرورة إلى رفع النسق قصد ملاءمة قوانين الجمهورية مع الحركية المتسارعة، إذ «لابد أن تشهد المرحلة القادمة جهودا أخرى لتكييف المنظومة القانونية حسب المستجدات»، يشدد رئيس الجمهورية. وأكد ثقته الكاملة في قدرة القطاع على إنجاز المهام المنوطة به مهما كانت الظروف والتحديات، وعبر عن قناعة تحدوه بأن «عدالة الجزائر تملك كل الإمكانيات للارتقاء للمكانة المنشودة، وقد تصدت لمخططات الهدم والفتنة وحرصت على حماية الاقتصاد الوطني». وأشار رئيس الجمهورية، إلى ما أنجزته العدالة الجزائرية ضد الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية والجريمة المرتبطة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، معتبرا أنه «وجه جديد للعمل القضائي الذي يشكل نموذجا للتغيرات العميقة المؤسسة لدولة قادرة على حماية الاقتصاد الوطني من أخطار النهب والفساد وتكريس قواعد الشفافية». ومنذ 2020، صدرت قوانين جديدة وأخرى محيّنة لمكافحة الأشكال الجديدة للجريمة، خاصة تلك التي هددت بشكل مباشر أمن وسكينة المجتمع، كالمضاربة وافتعال الندرة، وحرب الجيل الرابع عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومؤامرات ضرب الوحدة الوطنية عن طريق خطاب الكراهية. وتبنى رئيس الجمهورية، خيار الردع القانوني، لمجابهة جميع الظواهر المستجدة، ذات الأضرار القاسية على الأفراد والمجتمع. وضمن هذا المنظور، أمر، في الأسابيع القليلة الماضي، بمراجعة قانون المرور لتشديد العقوبات ضد مرتكبي المخالفات القاتلة بعد التصاعد المخيف لضحايا إرهاب الطرق، الصيف الماضي. وربط الرئيس تبون، تحقيق التنمية الاقتصادية بمحاربة ظاهرتي الفساد والبيروقراطية المقيدة للفعل الاقتصادي، قائلا: «إن مسار التنمية والنهوض بالاقتصاد الوطني لا يتحقق في منأى عن أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد»، داعيا إلى ضرورة مواكبة المنظومة التشريعية لمسعى تحفيز مناخ الأعمال وإزالة القوانين المعرقلة. ونوه في السياق، «بالجهود التي يبذلها القضاء في مختلف مؤسسات الدولة، على غرار الأجهزة الأمنية في التصدي لمختلف أشكال الجريمة وخاصة على مناطقنا الحدودية». ردع الفساد بمختلف أشكاله، لا يجب أن يكون مطية لكبح المبادرة، خاصة الاقتصادية منها. فبحسب الرئيس تبون، لن تظل المنظومة القانونية للبلاد على هامش مشروع التعافي الاقتصادي الشامل. ودعا الرئيس تبون، بالمناسبة، إلى تسريع وتيرة العمل القضائي بما يستجيب لمتطلبات الواقع الاقتصادي والاجتماعي، مشيرا إلى المكانة الرفيعة للمؤسسة القضائية، «فهي الدرع الحامي للممتلكات والمواطن واليد المؤتمنة على حقوق الناس والعين الساهرة على الطمأنينة والسكينة في المجتمع». وتماشيا مع البرنامج المسطر، وجّه رئيس الجمهورية، الحكومة بضرورة الإسراع في تنصيب المحاكم التجارية المختصة وإصدار القوانين المساهمة في تحسين مناخ الأعمال، لتعزيز «الضمانات الموجودة وتقويتها في ظل القانون الجديد للاستثمار». وتختص المحاكم التجارية، المزمع تنصيبها، بالمعاملات التجارية المعقدة، كالشراكة أو ملفات التصدير والاستيراد، والتي توصف عادة في سلك القضاء ب «القضايا النوعية». كرامة المواطن جدد الرئيس تبون حرصه على تعزيز استقلالية القضاء قصد صيانة القانون والمساواة في الحقوق والواجبات، واضعا المواطن في قلب المجهود العام لتطوير قطاع العدالة. وقال: «إن حسن أداء القضاء وشعور المواطن بالاطمئنان، لا ينبع فقط من جودة القوانين، ولكن من تطبيقها بعدالة وشفافية على نحو يحمي حقوق الأفراد». وطالب بوضع آليات فعالة «لحل النزاعات بين الأفراد». وبالمناسبة، ذكر رئيس الجمهورية، بأهم التزاماته 54، والمتمثلة في استرجاع كرامة المواطن واستعادة الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ومحاربة كل مظاهر البؤس. واعتبر أن تحقيق هذه الالتزامات، أقل ما يمكن فعله، تجسيدا للدولة التي ضحى من أجلها ملايين الشهداء. وقال في السياق، بعد أيام سنحيي باعتزاز وفخر وشموخ، الذكرى 68 للثورة التحرير المجيدة في الفاتح من نوفمبر، وسنحيي الذكرى الخالدة في جزائر لم يعد فيها ذلك الشرخ الذي طالما باعد بين المواطن ورموز الدولة ومؤسساتها». وتابع: «جزائر تسير بحزم وعزم وبإرادة الوطنيين المخلصين للقضاء على كل مظاهر الهشاشة والغبن والاحتقار المسيئة لهذا الوطن المفدى». وأضاف: «لقد آليت على نفسي أن أجعل من استرجاع كرامة المواطن حربا لا تهدأ وفاء لتعهداتنا التي قطعناها مع الشعب الجزائري الأبي». ولأن العدالة من أقوى أدوات صون كرامة المواطن، ناهيك عن مكانتها في إطار حركية بناء الوطن، أكد رئيس الجمهورية «حرصه على تقوية استقلاليتها (العدالة) قصد ضمان سيادة القانون وصيانة الحريات وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات». ولم يغفل الرئيس تبون، المكانة التي يحتلها الدفاع في سلك القضاء العادل والمستقل، إذ «يتطلب تعزيز حقوق الدفاع وتوفير الشروط اللازمة لكي يمارس المحامون مهمتهم في أحسن الظروف في إطار احترام القانون وميثاق أخلاقيات المهنة». ودعا أسرة الدفاع وغيرهم من مساعدي العدالة «للاستشعار بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم والوعي بالرهانات القائمة وصدق المساعي والإرادة في التغيير نحو الأفضل بما يخدم مصالح المواطنين وتطلعاتهم».