600 ألف مركبة لاستعادة توازن السّوق الوطني يعرض دفتر الشروط لاقتناء السيارات الجديدة، على اجتماع مجلس الوزراء المقبل، للدراسة والمصادقة، إلى جانب ذلك تستعد الحكومة لإبرام اتفاقيات مع مصنعين عالميين، بعد التوقيع مع مجمّع «ستيلانتيس» المالك لعلامة «فيات». «تنخفض الأسعار..لن تنخفض»..من سوق إلى سوق، يثار هذا الجدل، بشأن قيمة السيارات المستعملة، بعد قرار رئيس الجمهورية تفعيل اقتناء المركبات أقل من ثلاث سنوات، والسماح للشركات الأجنبية بتوريد السيارات الجديدة، مع التزامها بإقامة مصانع حقيقية. جاء القرار، في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، في وقت سيناقش الاجتماع المقبل (منتظر الأحد) دفتر الشروط المحدد لكيفيات استيراد المركبات الجديدة، بحسب ما أعلن الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، في ختام مناقشة بيان السياسة العامة بمجلس الأمة. وبغض النظر عن الجدل الملتهب، بين الزبائن المحتملين والباعة والسماسرة، بدأت المقاربة الجديدة للسلطات العمومية، تتكشف شيئا فشيئا، في إعادة ترتيب أوراق هذه الشعبة.وصمتت الحكومة عن الخوض العلني في كل ما يتعلق بالسيارات الجديدة، منذ 12 ماي 2021، تاريخ صدور آخر دفتر شروط لاقتناء المركبات الجديدة، واكتفى وزير الصناعة، بالإجابة عن الأسئلة ذات الصلة بتأكيد عزم الدولة على «إطلاق صناعة حقيقية». ومنذ 2020، أصدرت الحكومتان دفترين اثنين للشروط، لم يجسد أي منهما على أرض الواقع. بينما يرتقب صدور دفتر الشروط المقبل، بتدابير تؤكد الاستفادة من التجارب الفاشلة والمدمرة للاقتصاد منذ 2015. الوزير الأول، أعلن عزم الحكومة على إطلاق استراتيجيتها الجديدة كليا، لإنهاء الاختلالات التي عرفتها شعبة السيارات في السنوات العشر الأخيرة، قائلا: «إن ما أنفق على استيراد المركبات سنوات 2012، 2013 و2014، وصولا إلى الاستيراد المقنع تحت اسم مصانع التركيب، كان يكفي لإنجاز 10 مصانع». وقال أمام نواب المجلس الشعبي الوطني إنّه «يعرف دولة أنجزت مصنعا للسيارات ب 100 مليون دولار فقط»، بينما بيعت للجزائريين سيارات، بسعر 14000 أورو، وقيمتها الحقيقية 4000 آلاف أورو. المؤكّد أنّ ما شهده ملف السيارات، الفترة سابقة، سيظل أكبر انتكاسة في تاريخ الصناعة الجزائرية. ولا تخفي الحكومة الحالية أنّها أخذت الوقت الكافي لاستخلاص الدروس، وإعادة بعث الملف بإجراءات جديدة، تمنع تضخيم الفواتير، وتعزّز شروط الأمان للسير في الطرق الجزائرية، وتحمي المستهلك من ناحيتي التأمين وتوفير خدمات ما بعد البيع. وينتظر أن يضبط دفتر الشروط المقبل، المعايير التقنية الخاصة بالمركبات الجديدة، كعدد الوسادات الهوائية، أقصى سعة ممكنة للمحرك (1.6 لتر في آخر دفتر شروط)، مع تقديم تحفيزات خاصة للسيارات الكهربائية.
صناعة حقيقيّة بعيدا عن الاستيراد، من الواضح أنّ وزارة الصناعة، فاجأت الجزائريّين حينما أعلنت توقيع اتفاقية إطار مع مجمع «ستيلانتيس»، صبيحة 13 أكتوبر الجاري، لإنتاج سيارات «فيات» الإيطالية بنسبة إدماج معتبرة. ولاشك أنّ الوزارة اشتغلت على الملف بسرية وتكتّم، قبل أن تعلن عن الخبر الذي أدخل سوق السيارات المستعملة في دوّامة كبيرة، واللافت أن إذاعة إبرام الاتفاقية، تمّت بعد ضبط جميع التفاصيل بما فيها الأرضية المخصصة للمشروع بطفراوي، وهران. المدير العام لمجمع ستيلانتيس، أدلى بتصريحات بالمناسبة، لكن يبقى أهم ما قاله بأنه: «فهم جيدا ماذا يريد الجزائريون بالضبط»، في إشارة إلى تسويق سيارات بأسعار منطقية، وإنجاز صناعة حقيقية، لا الاكتفاء بوضع دعامات تركب عليها قطع «السي كا دي»، وتنفخ تحتها العجلات المطاطية. ويستشف من قرار الترخيص للشركات الأجنبية باستيراد السيارات الجديدة، بالتزامن مع شروعها في إنجاز مصانعها، أنّ مفاوضات طويلة وشاقة أنجزت مع عديدة العلامات الأجنبية، انتهت ببلوغ أرضيات مشتركة، إذ تمنحها الحكومة حوافز الاستيراد والتّسويق بأسعار حقيقة (غير مضخّمة) على أن توطن فرعها في الجزائر بتحويل التكنولوجيات المتطورة للإنتاج ودعم المناولة المحلية، من خلال بروز مصانع وطنية لإنجاز الهياكل. سيارات جديدة سنة 2023؟ الاتّفاقيات المتوقع إبرامها، وإذا نجحت في رهان التجسيد السريع، ستنهي سريعا عملية إشباع السوق الوطنية، لتستعيد توازنها بحوالي 600 ألف سيارة، على أن يكون الهدف الأكبر، جعل الجزائر قطبا إفريقيا لإنتاج وتصدير المركبات، خاصة وأنها تملك كافة المنشآت اللوجيستية، كالموانئ والمطارات وخطوط السكك الحديدية التي سيتم مدها نحو الجنوب والطرق السريعة. في المقابل، سيمنح صدور دفتر شروط السيارات الجديدة، قبل نهاية السنة الجارية، الوكلاء الوقت الكافي، لإيجاد المموّنين وتقديم الطلبيات، ما يعني أن رؤية سيارات جديدة في قاعات العرض في الثلاثي الثاني من سنة 2023 احتمال قوي جدا.