وجدت القضية الفلسطينية ولا تزال مكانةً كبيرة لدى الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، على كل المستويات الرسمية والأهلية والشعبية، وعلى صعيد القيادة بدءاً بأول رئيس للجزائر بعد الاستقلال الراحل أحمد بن بلة، فكانت الجزائر من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية، وفتحت أول مكتب لحركة فتح على أراضيها في عام 1963، وعين سعيد السبع كاول مدير لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية بعد انتصار الثورة الجزائرية، حيث ساهم بحملة تعريب الجزائر من خلال إرسال الفان وخمسمائة مدرس فلسطيني بناء على طلب الحكومة الجزائرية كما قام بتوقيع اتفاق مع وزارة الدفاع الجزائرية لتدريب الضباط الفلسطينين فتم تخريج أول دفعة من كلية شرشال العسكرية في عام 1966 بحضور الرئيس هواري بو مدين ورئيس الاركان طاهر زبيري ومدير كلية شرشال العسكرية العقيد عباس، وجرت على أراضيها عملية تبادل للأسرى بين فصائل الثورة الفلسطينية وسلطات الاحتلال فى عام 1968. ويرى الفلسطينيون في الجزائر نموذجاً وتجربة فريدة في النضال والاعتقال والانتماء والشهادة حتى الاستقلال، ولا ينسى الفلسطينيون مواقفهم المساندة والداعمة على كل الصعد السياسية والجماهيرية والمالية، وينشدون الأناشيد للجزائر فى اذاعتهم والمقالات في صحفهم ويرفعون علم الجزائر في مهرجانتهم ومسيراتهم الوطنية، ويستذكرون موقف الجزائر لحظة إعلان الاستقلال الفلسطيني في 15 نوفمبر 1988على أرضها، فكانت الجزائر أوّل دولة تعترف بدولة فلسطين وذلك في نفس يوم إعلان الاستقلال. والمواقف مرت في كل المحطات بتطوّر العلاقة الايجابي بين الطرفين حتى يومنا هذا بقيادة الرئيس عبد المجيد تبون الذي أشرف على إعلان المصالحة فى الجزائر، من خلال استضافة الجزائر لقاءات متوالية بعد إعلانها مبادرة للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية في ديسمبر 2021. في 13 أكتوبر 2022، وقّعت الفصائل الفلسطينية في الجزائر على وثيقة عامة تحت اسم (إعلان الجزائر) تفرض عليها اتفاق للمصالحة وتلتزم بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال عام. وأعتقد أنه ليس غريباً ولا جديداً علينا مواقف الجزائر التاريخية شعباً وقيادة وحكومة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته ومعتقليه، كونه الوطن الثاني للفلسطينيين بتبني قضاياه وحالة المساندة والدعم القديمة الحديثة لمسيرته التحررية والنضالية، فالجزائر النموذج العربي الاستثنائي في تعزيز صمود وتضحيات الفلسطينيين على طريق تحرير وطنهم ومعتقليهم والعيش بحرية وسيادة وكرامة كباقي الشعوب. وتاريخياً كلما شعر الفلسطينيون بالألم منحتهم الجزائر شرياناً من الحياة وجرعات عميقة من الأمل لتكملة المشوار، مستذكرين واياهم سوياً ما يزيد عن المليون شهيد، وإرادة الثوار والمجاهدين واستبسالهم في الدفاع عن حقوقهم حتى نالوا الاستقلال ورسموا معالم الانتصار لعملية نضال استمرت 132 سنة، بقوة وإرادة وعزيمة وثورة لم يشهد التاريخ مثيلها على صعيد الانتماء والاستعداد للشهادة من أجل الوطن والقيم والمبادئ التي رسموها وحملتها الأجيال دون تعب أو تراجع. ويستوقفنا شعار «نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة» والذي أطلقه الراحل هواري بومدين، وظلت على عهده الدولة كواقع لم يتغير ولم يتبدل ولم يغيب عن أرض الواقع، ومقولة «استقلال الجزائر لازال منقوصا ما دام لم يكتمل باستقلال الفلسطينيين»، وتستذكر في تجسيد العلاقة غير المسبوقة بين دولتين كلمة الشهيد أبو عمار للجزائر «الجزائر لا تحتاج لكتابة التاريخ فالتاريخ هو الذي كتبها من أحرف من ذهب نقشت في جميع الشعوب المحتلة «. وينحنى الشعب الفلسطينى بكامل قواه وبالاجماع احتراماً واجلالاً وإكباراً وتقديراً للجزائر حكومة وشعباً ووسائل اعلام، لدعمهم للثورة الفلسطينية، ونضالات الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيوينة عبر ملاحق يومية وأسبوعية في الصحف والجرائد الجزائرية، ومواقع الاعلام العامة. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نقدّم شكرنا وامتناننا لرؤساء تحرير الجرائد والصحف الجزائرية والتي بدأت بملحق «صوت الأسير» بتاريخ 01 /01 /2011، كمبادرة من جريدة الشعب الجزائرية ومديرها العام السابق السيد «عزالدين بوكردوس»، وتوسّعت لتصل لجريدة الشروق، والوسيط المغاربي، والحياة العربية، وصحيفة الحوار، وجريدة الوسط، وجريدة البلاد، وجريدة العالم، والاخبارية،، وجريدة المغرب الأوسط، وجريدة التحرير، وجريدة الأقتصادز، وجريدة السلام، وجريدة صوت الأحرار، وجريدة، Le Citoyen، وجريدة القائد نيوز، والحصاد اليومز وجريدة الجديد اليومز والصوت الآخر، والرائد، وجريدة المواطن التي أصدرت العشرات من اعدادها والملاحق الخاصة بالأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى العشرات من الصحف اليومية والأسبوعية والنصف شهرية والمجلات الشهرية والتي حظيت قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين بمكانة ومساحة خاصة فيها، وكذلك المحطات التلفزية والاذاعات والتى لاقت فيها قضية الاسرى وفلسطين بعناوينها المتعدّدة استجابة واسعة وغير مسبوقة من كافة وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية والحزبية والتي تتبنى نشر قصص الأسرى وحكاياتهم وإبراز بطولاتهم ومعاناتهم لكسر العزلة التي يفرضها الكيان الصهيونى عليها، وتعزيز دائرة الدعم والمؤازرة لقضيتهم، إضافة إلى الاهتمام الشعبي والجماهيري، كما ونشكر أحبائنا النشطاء والحقوقيين والأكاديميين والكتاب والسياسيين والمثقفين والاعلاميين الجزائريين على جهودهم في دعم نضالنا ونصرة أسرانا، عبر تلك الملاحق التي تنتشر في أوساط ذوي الأسرى ومراكز الدراسات والبحوث العربية المتخصّصة في قضايا حقوق الإنسان والمؤسسات الإنسانية الفلسطينية والعربية والدولية والتي لفتت أنظار غير الجزائريين بهذا الاهتمام المنقطع النظير. ولقد استطاع الاعلام الجزائرى عبر صحفييه ورؤساء تحريره وطواقمه واحتضان الدولة له أن يبرز إبداعات الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة التي حوّلت السجون والزنازين إلى مدرسةً وطنيةً وتربويةً وكان لآلاف الأسرى المحررين دورهم الكبير في السجون وخارجها بعد التحرّر، بعد أن تخرجوا من أكاديمية السجون وتصدروا المواقع والمراكز المتنوعة، وتبوؤوا مواقع سياسية وأماكن مهمة في المؤسسات المجتمعية المختلفة ولعبوا ولا زالوا دوراً مؤثراً في الحياة السياسية، والفكرية، والاجتماعية، والإعلامية، كقادة سياسيين وعسكريين، ووزراء ونواب وأمناء عامّين وأعضاء مكاتب سياسية لفصائل وحركات ثورية، وأعضاء فى المجلسين « الوطني والتشريعي»، ومدراء لمؤسسات رسمية وأهلية، وخبراء ومفكرين، ونخب أكاديمية وإدارية. دامت الجزائر عظيمة برجالها، ودامت الجزائر شامخة وقوية في وجه أعدائها، وبقيت داعمة ومساندة لأشقاءها وأحبابها والقضايا العربية والقضية الفلسطينية.