حي الجزائر واخطب في نواديها، وابعث لها الشوق قاصيها ودانيها، شعب البطولات حيا الله طلعتكم، فصرتموا قصة للمجد نرويها، قد درسنا مجدكم في أرضنا، وسمعنا ذكركم فوق المنابر، وتلونا حبكم أنشودة، كنشيد الروض في نفحة طائر . أبدأ كلماتى بشعركم، وقلبى يهفوا لتطأ قدماي أرضكم، وأفخر من فلسطين بمحبتكم، وأعشق التاريخ الذي سطرتموه بدمائكم، وأبارك لكم ذكرى انطلاقة ثورتكم، وذكرى إعلان استقلالكم، ومن فلسطين نحيى هذه المناسبة العروبية والقومية كونها مفخرة لكل الشعوب العربية والأحرار والشرفاء في كل العالم . كما ننحني احتراماً وإجلالاً وإكباراً وتقديراً للجزائر حكومة وشعباً ووسائل إعلام، لدعمكم للثورة الفلسطينية، ونضالات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية عبر ملاحق يومية وأسبوعية في الصحف والجرائد الجزائرية، ومواقع الإعلام العامة، الأمر الذى يجعلنا نفكر جدياً بهذه القضية المهمة كتجربة نضالية وإعلامية ودبلوماسية ناجحة لوزارة الخارجية الفلسطينية، وللسفارة الفلسطينية في الجزائر، وللجزائريين مثقفين وصحفيين وقيادة وشعب حر. وأعتقد أنه ليس غريباً ولا جديداً علينا مواقف الجزائر التاريخية شعباً وقيادة وحكومة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته ومعتقليه، كونه الوطن الثاني للفلسطينيين بتبني قضاياه وحالة المساندة والدعم القديمة الحديثة لمسيرته التحررية والنضالية، فالجزائر النموذج العربي الاستثنائي في تعزيز صمود وتضحيات الفلسطينيين على طريق تحرير وطنهم ومعتقليهم والعيش بحرية وسيادة وكرامة كباقي الشعوب . وتاريخياً، كلما شعر الفلسطينيون بالألم منحتهم الجزائر شرياناً من الحياة وجرعات عميقة من الأمل لتكملة المشوار، مستذكرين وإياهم سوياً ما يزيد عن المليون شهيد، وإرادة الثوار والمجاهدين واستبسالهم في الدفاع عن حقوقهم حتى نالوا الاستقلال ورسموا معالم الانتصار لعملية نضال استمرت 132 سنة، بقوة وإرادة وعزيمة وثورة لم يشهد التاريخ مثيلها على صعيد الانتماء والاستعداد للشهادة من أجل الوطن والقيم والمبادئ التي رسموها وحملتها الأجيال دون تعب أو تراجع. نستذكر سوياً دعم الجزائر للشعب الفلسطيني ومعتقليه، ويستوقفنا شعار “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” والذي أطلقه الراحل هواري بومدين، وظلت على عهده الدولة كواقع لم يتغير ولم يتبدل ولم يغِب عن أرض الواقع، ومقولة “استقلال الجزائر لازال منقوصا مادام لم يكتمل باستقلال الفلسطينيين”، ونستذكر في تجسيد العلاقة غير المسبوقة بين دولتين كلمة الشهيد أبو عمار للجزائر “الجزائر لا تحتاج لكتابة التاريخ فالتاريخ هو الذي كتبها من أحرف من ذهب نُقشت في جميع الشعوب المحتلة”. وفى المقام الثاني أشيد بدور وزارة الخارجية الفلسطينية، والسفارة الفلسطينية في الجزائر التي عيّنت ملحقاً خاصاً بالأسرى الفلسطينيين ممثلا بسفير الأسرى وأحد أبطال الهروب الكبير من سجن غزة الأستاذ الأسير المحرر خالد صالح (عز الدين)، المكلف بملف الأسرى في سفارة دولة فلسطينبالجزائر الشقيقة، والذي استطاع من خلال انتمائه وتجربته الاعتقالية أن يدوِّل ملف الأسرى وأن يستحضره في الإعلام الجزائري بتجربة إبداعية لم يسبق لها مثيلٌ في باقي السفارات الفلسطينية المشكورة على جهودها أيضاً بدعم قضية الأسرى أينما تواجدت. وأعتقد أنه من المهم تعميم تجربة السفارة الفلسطينية في الجزائر على باقي السفارات والممثليات الفلسطينية المنتشرة عبر العالم، كي تبدأ بعقد اتفاقات وتأمين صيغ تعاون مع وسائل الإعلام في الدول المختلفة، كي يأخذ الخبر الفلسطيني وقضية الأسرى الفلسطينيين حقها شرحاً وتحليلاً، حتى ينتج فعلاً شعبياً ورسمياً داعماً لفلسطين في كافة المجالات، الأمر الذي لا يتطلب سوى تواصل وخطط عمل لاستثمار التعاطف وصولاً إلى مخرجات إعلامية تضيف للحضور الفلسطيني في الضمير العالمي، وهذا ما حدث في الجزائر وما يمكن أن يُبنى عليه في مناطق أخرى. وأعتقد أن هذا الأمر يشكل نجاحاً لقضية الأسرى ولوزارة الخارجية وللدبلوماسية الفلسطينية في إبراز قضايانا الوطنية، وأعتقد أن هذا النجاح مؤشرٌ قويٌّ على قدرة وزارة الخارجية على تدويل قضية الأسرى والتعريف بها ومساندتها وكشف انتهاكات الاحتلال بحقهم في حال توفير الشروط الذاتية والموضوعية، الأمر الذي يجعلنا نناشد معالي وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لتعيين سفراء غير مقيمين من الأسرى المحررين من ذوى الإمكانات والكفاءات العالية والخبرات المبدعة للعمل في السلك الدبلوماسي الفلسطيني كملاحق في السفارات الفلسطينية أينما تواجدت لأهمِّيتها. ولا يفوتنا في هذا المقام أن نقدِّم شكرنا وامتناننا لرؤساء تحرير الجرائد والصحف الجزائرية والتي بدأت بملحق “صوت الأسير” بتاريخ 01/01/2011 كمبادرة من جريدة الشعب الجزائرية ومديرها العام السابق السيد “عزالدين بوكردوس”، وتوسعت لتصل لجريدة الشروق، وجريدة الوسط، وجريدة البلاد، وجريدة العالم، وجريدة المغرب الأوسط، وجريدة التحرير، وجريدة السلام، وجريدة المواطن، وجريدة الحوار، والصوت الآخر، والرائد، وصوت الأحرار التي أصدرت الملاحق الخاصة بالأسرى الفلسطينيين، والتي حظيت قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين باستجابة واسعة وغير مسبوقة من كافة وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية والحزبية والاهتمام الشعبي والجماهيري، والتي تتبنى نشر قصص الأسرى وحكاياتهم وإبراز بطولاتهم ومعاناتهم لكسر العزلة التي تفرضها إسرائيل وتعزيز دائرة الدعم والمؤازرة لقضيتهم، كما نشكر أحباءنا النشطاء والحقوقيين والأكاديميين والكتاب والسياسيين والمثقفين والإعلاميين الجزائريين على جهودهم في دعم نضالنا ونصرة أسرانا، عبر تلك الملاحق التي تنتشر في أوساط ذوي الأسرى ومراكز الدراسات والبحوث العربية المتخصِّصة في قضايا حقوق الإنسان والمؤسسات الإنسانية الفلسطينية والعربية والدولية والتي لفتت أنظار غير الجزائريين بهذا الاهتمام المنقطع النظير. وللحقيقة عند متابعتي للإعلام الجزائري ومساندته لقضية الأسرى الفلسطينيين شعرت بإيجاد ضالتي لديكم، بوضع إستراتيجية إعلامية في تدويل ملف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، والتعريف بانتهاكات الاحتلال التي تتجاوز الاتفاقيات والمواثيق الدولية والقانون الدولي الانساني في معاملتهم، ورصد ومتابعة الرواية الإسرائيلية التي تسيء إلى الأسرى ونضالات الشعب الفلسطيني والتصدي لها وتفنيدها، ووضع إستراتيجية ناظمة للمؤسسات الإعلامية الفلسطينية وتنسيق خطابها وتحديد المصطلحات والانتهاكات والتعريف بها، وأهمية تحسين إمكانات وقدرات الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام، وأهمية تدعيم الخطاب الإعلامي الفلسطيني بالمواثيق الدولية واتفاقيات جنيف الأربعة ومواد حقوق الإنسان واتفاقيات مناهضة التعذيب وحقوق الأطفال والمرأة والتأكيد على حقوق الإنسان، وتدعيم تغطية أخبار الأسرى بالأرقام والإحصائيات الصحيحة وغير المتناقضة، والتفريق بين لغة الخطاب الداخلي والخارجي، كل ذلك وجدته في خطابكم الإعلامي باللغة العربية وغير العربية ليصل إلى كل الأحرار والمتضامنين، والأكثر أهمية هو أنسنة الخطاب الموجَّه للعالم، وتفعيل دور السفارات العربية الفلسطينية عبر القيام بورش عمل وتقديم التقارير لوسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان ومجموعات الضغط الدولية، وتفعيل دور وزارة الإعلام في التخطيط والتدريب، وتحميل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية عن استمرار الانتهاكات الإسرائيلية المخالفة للاتفاقيات والمواثيق الدولية. ولهذا نعتز بالإعلام الجزائري الذي طرح كل هذه الموضوعات والعناوين والأفكار، وتحول إلى نموذج نتمنى أن يتكرر في دول صديقة، فالجزائر أكدت على قيمة “الإنسان” واهتمت أكثر بالإنسان الفلسطيني المعتقل الذى أفنى وضحى بكل حياته وحريته من أجل شعبه وقضيته، والذي استطاع بنضالاته وتضحياته أن يزيل في السجون على قلة الإمكان الكثير من العراقيل والعقبات التي وضعها السجان لتحطيم معنوياته وللحيلولة دون تطوير إمكانياته وقدراته، فالأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية أبدعوا في إيجاد المؤسسات الديمقراطية للتنظيمات الفلسطينية في السجون، وبين السجون، وفي السجن الواحد، وفي التنظيم الواحد، وأبدعوا في تجربة الإضرابات المفتوحة عن الطعام والتي وصلت إلى مئات الأيام، وأبدعوا حينما أوجدوا معادلة توازنٍ بينهم وبين إدارة مصلحة السجون، رغم الإمكانات الأخيرة مقابل افتقار الأولى من الإمكانات المادية، وأبدعوا في أشكال التواصل والاتصال بين السجون وخارجها، وفي تجارب التعليم وحصولهم على الدراسات العليا من جامعاتٍ إسرائيلية وعربية ودولية، وأبدعوا في البناء الثقافي، وفي التأثير السياسي، وصياغتهم لوثيقة الأسرى التي تحوّلت إلى وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني لتحقيق الوحدة الوطنية، وأبدعوا في إدخال الهواتف النقالة إلى داخل السجون لتوفير الاتصال بالأهل في ظل منع الزيارات سنواتٍ طويلة، وفي إخراج النُّطف وإنجاب الأطفال كتجربةٍ غير مسبوقة على مستوى حركات التحرر العالمية – جميعها قضايا إبداعية مغيَّبة بفعل ماكنة الاحتلال التي تصورهم “إرهابيين وقتلة ومخربين”. ولقد استطاع الإعلام الجزائري عبر صحفييه ورؤساء تحريره وطواقمه واحتضان الدولة له أن يبرز إبداعات الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة التي حولت السجون والزنازين إلى مدرسة وطنية وتربوية وكان لآلاف الأسرى المحررين دورُهم الكبير في السجون وخارجها بعد التحرر، بعد أن تخرجوا من أكاديمية السجون وتصدروا المواقع والمراكز المتنوعة، وتبوَّؤوا مواقع سياسية وأماكن مهمة في المؤسسات المجتمعية المختلفة ولعبوا ولا زالوا دوراً مؤثراً في الحياة السياسية، والفكرية، والاجتماعية، والإعلامية، كقادة سياسيين وعسكريين، ووزراء ونواب وأمناء عامّين وأعضاء مكاتب سياسية لفصائل وحركات ثورية، وأعضاء في المجلسين “الوطني والتشريعي”، ومديرين لمؤسسات رسمية وأهلية، وخبراء ومفكرين، ونخب أكاديمية وإدارية. شكراً للجزائر الحبيبة، شعباً وحكومة ووسائل إعلام ومتضامنين.. شكراً لوزير الخارجية الفلسطينية رياض المالكي بدعم طاقم السفارة في الجزائر للوصول لهذا القدر من العطاء والإبداع. شكراً سفير دولة فلسطين لدى الجمهورية الجزائرية السيد أمين مقبول. وشكرا الأستاذ خالد صالح المكلف بملف الأسرى في سفارة دولة فلسطين لدى الجزائر الشقيقة. شكراً لكل الكتاب الفلسطينيينوالجزائريين والعرب والذين أضاءوا صفحات الجرائد الجزائريةوالفلسطينية والعربية بإبداعات الأسرى والدفاع عنهم ومساندتهم.