تميّز اليوم الثاني من فعاليات الطّبعة 12 للمهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي، المقام بولاية باتنة، وتحتضنه دار الثقافة محمد العيد آل خليفة، بتقديم عرضين مسرحيين ناطقين بالقبائلية، نالا استحسان الجمهور الذي توافد للاستمتاع بهما، خاصة وأنهما تزامنا والفترة المسائية في أجواء باردة حولتها تصفيقات الجمهور لدفء جميل. تناول العرض الأول الذي قدّمته التعاونية الثقافية «مشاهو» تحت عنوان «اسدرفف» أو الكراسي، الواقع المُرّ الذي يعيشه الفنان الجزائري في الوقت الراهن بالرغم من كمية الإبداع التي يحملها والاهداف النبيلة للرسائل الفنية التي يقدمها، ما جعل من الفنان والمعاناة وجهان لعملة واحدة، ففي أغلب الأحيان تروي المسرحية معاناة الفنان الحقيقي، وهو تائه في هموم ذاتية وعامة يتألم لها وبها. وقد جاءت أحداث العمل المسرحي المشارك في المنافسة الرسمية للمهرجان مترابطة، تحكي قصة فنان عجوز مُتقدم في السن رفقة زوجته يقطنان في منزل كئيب جدا، تدفع بهما الوحدة إلى تذكّر الكثير من الأحداث التي وقعت في السابق، وكان لها أثر كبير في حياتهم آنذاك، وطوال مشاهد المسرحية يتضح في المشهد الأخير أنّ الأحداث من البداية الى غاية النهاية هي مجرد هذيان فقط، فيستيقظ الزوجان من هذه الحالة ويعودان لحالتهما المألوفة. العمل كتب نصّه وأخرجه يوسفي صادق، وعبرت موسيقى العرض التي جاءت في قالب كوميديا سوداء عن الحياة الكئيبة التي عاشها الزوجان، اللذان قام بأداء دورهما كل من رحموني وزين وشماخ فريزة، فيما وقف الجمهور طويلا لتحية أفراد المسرحية بعد ذهولهم بالأداء الرائع لهما في هذا العرض. أمّا العرض الثاني فقد شهد إقبالا واسعا من الجمهور، خاصة أنه جاء في الفترة الليلية، وقدّم العرض المعنون ب «تيرقا» أو الأحلام، الفرقة المسرحية القادمة من البويرة «تيلوفا»، والتي شهدت طوال ساعة من الزمن أحداثا جمعت بين القالب التراجيدي الكوميدي الناقد، حيث تناولت المسرحية حياة عائلة فقيرة تحلم بإنجاب طفلة يسمونها «تيللي»، وعندما تحمل الزوجة ويحين موعد الولادة وتتوجّه للعيادة، تتفاجأ بسوء التسيير والبيروقراطية في الخدمات، وهو ما يضطرها للولادة على يد عاملة النظافة، فيتفاجأ الزوجان بولادة أربع توائم، 3 منهم ذكور في صحة جيدة، بينما الأنثى تموت بسبب الإهمال، هنا ينطلق الأب عبد القادر في رحلة البحث عن العدالة لاسترجاع حق ابنته المسلوب في الحياة إلى مغامرة تنتهي به في السجن. جدير بالذكر، أنّ العرض المسرحي «تيرقا» عوّض مسرحية «كاستينغ» للمسرح الجهوي باتنة، بعد إلغائها بسبب اشتباه إصابة مُمثلين من الفرقة المسرحية بكوفيد-19، حيث كانت محافظة المهرجان قد نشرت بيانا بخصوص هذا الأمر، حسب ما أفادت خلية الاعلام للمحافظة، فيما تستمر بقية العروض طيلة الأيام الثلاث الباقية للتنافس على جوائز المهرجان.