أكّد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي أن مبادرة المجلس الرئاسي "تهيّئ لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية". جاء ذلك في سلسلة تغريدات نشرها باتيلي عبر "تويتر"، تحدث فيها عن اتصال هاتفي أجراه مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي. أوضح باتيلي أنه بحث مع المنفي "مقترح المجلس الرئاسي بشأن اجتماع قيادتي مجلسي النواب والأعلى للدولة لمناقشة سبل المضي قدمًا في ليبيا". وأضاف أن الحوار يجب أن "تضمَّن فيه المبادرات والأفكار والرؤى التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي". وجدّد باتيلي دعم البعثة الأممية لمبادرات الحوار الشامل من أجل التوصل إلى اتفاق ينقل ليبيا إلى الأمام. وأردف بالقول: "يجب على الفاعلين السياسيين استئناف تعاونهم بجدية، والوفاء بالتزاماتهم السياسية والأخلاقية تجاه الشعب الليبي، وتجاوز هذا المأزق السياسي". ولفت باتيلي إلى مرور نحو عام على تأجيل الانتخابات، وتدهور الظروف المعيشية، والمطالبات الشعبية باتخاذ إجراءات ملموسة لإجراء الانتخابات من أجل اختيار قادتهم الشرعيين". والأحد، قال المجلس الرئاسي الليبي إن باتيلي أعلن دعمه مبادرة المجلس لحل الأزمة الراهنة بالبلاد. وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمجلس، أنّ باتيلي أكّد "دعمه الكامل لمبادرة المجلس الرئاسي وعمله على حث كافة الأطراف السياسية للإسراع في التعاطي مع المبادرة الرئاسية من أجل الوصول إلى توافق وطني شامل لحل الأزمة الليبية". ونقل البيان عن باتيلي قوله إنّ "الوقت قد حان لالتزام الجميع بخارطة الطريق والانخراط في حوار، سعيا إلى إنجاز أساس دستوري، للتوجه نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية". وأضاف أنّها "تحرص أيضًا على إنجاز التوافق بين مجلس النواب والمجلس الأعلى على إصدار قاعدة دستورية تؤسس لانتخابات رئاسية وبرلمانية"، وفق البيان. والخميس أعلن المجلس الرئاسي مبادرة لحل الأزمة عبر لقاء تشاوري بين المجالس الثلاثة (الرئاسي والنواب والأعلى للدولة)، بالتنسيق مع باتيلي. وجاءت المبادرة عقب تعليق رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، الأربعاء، التواصل مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وأعمال اللجان المشتركة بينهما، إلى حين إلغاء قانون إنشاء محكمة دستورية بمدينة بنغازي (شرق) بدلاً من الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بالعاصمة طرابلس (غرب). وبسبب خلافات بين مؤسسات الدولة، حول قانونَي الانتخاب (الرئاسي والبرلماني) تعثر إجراء انتخابات في 24 ديسمبر 2021. وتقرّر إجراء تلك الانتخابات خلال ملتقى الحوار السياسي بين أطراف النزاع الذي انعقد أول مرة في تونس برعاية أممية، في نوفمبر 2020. وبعد فشل إجراء الانتخابات، دخلت ليبيا في انسداد جديد بعدما كلّف مجلس النواب حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، لتتنافس مع حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليًا برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب. في الأثناء، بدأت بوادر توافق دولي حقيقي تتجسد فعليا حول الملف الليبي، وآخرها التوافق التركي الروسي إزاء إجراء انتخابات في ليبيا لإنهاء النزاع الذي طال أمده. وفي هذا السياق، قال نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، ونائب وزير خارجية روسيا، سيرغي فيرشينين، إنهما يؤيدان إجراء انتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية على أساس أوسع توافق اجتماعي في ليبيا. وكانت تركيا أبدت انسجاما مع موقف الجزائر من الأزمة الليبية وضرورة إجراء انتخابات في أقرب الآجال، وذلك خلال لقاء صحفي بين وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة ونظيره التركي شاويش أوغلو، على هامش اجتماع "مجموعة التخطيط التركية الجزائرية المشتركة، بالجزائر، الذي عقد يوم 10 ديسمبر الماضي، دعا خلاله الوزير لعمامرة، إلى حل للأزمة من أربعة محاور تبدأ بضمان مناخ مناسب لإجراء الانتخابات، وإجلاء القوات الأجنبية، وتفكيك المليشيات، ووقف تدفق الأسلحة. إلى ذلك قطع اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة حكومة مؤقتة وحيدة، الطريق أمام محاولات تعميق الانقسام السياسي وتعطيل مسار الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبذلك تكون قد أقصت كل من يريد التشويش مجددا على رغبة الليبيين والمجتمع الدولي في إنهاء الصراع الذي زاد عن عشر سنوات، وامتدّت تبعاته الأمنية إلى دول الجوار. ويرى محلّلون سياسيّون ليبيّون أنّ موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية حاسم في مسار الأحداث، حيث يمكنها دفع الأطراف الداخلية إلى التوافق، ووضع حدّ للخلافات السياسية.