تعمل الجزائر بشكل حثيث على ترقية وتنمية قطاع الزراعة ككل، وقطاع الزراعة الصحراوية بالخصوص، من خلال رؤية واستراتيجية متكاملة من التكوين الزراعي المحكم في الولايات الجنوبية من خلال مدارس عليا متخصصة، إضافة لهيئات عملية اقتصادية تشجع على الاستثمار في الزراعة الصحراوية المنتجة لتحقيق الاكتفاء الغذائي وتطوير القدرات الإنتاجية المحلية في عديد الزراعات الإستراتيجية. تزخر الصحراء الجزائرية بإمكانات حيوية قادرة على تلبية الاحتياجات المتصلة بفرص العمل والإنتاج الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الغذائي، حيث تتيح الظروف المناخية الزراعية، خاصة في الأطلس الصحراوي والصحراء السفلى (بسكرة، والوادي) ومناطق وسط الصحراء (ورقلة وغرداية)، إمكانية إنتاج محاصيل غير موسمية، بخضر ومزروعات أساسية، لاسيما مادة البطاطا واسعة الاستهلاك. بالمقابل، تتوفر المناطق الصحراوية على مقدار مهم من الأراضي القابلة للاستصلاح وفق أرقام وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، تصل لحوالي 1.4 مليون هكتار، بينما تقدر القدرات المائية المتوفرة في الصحراء إلى 6.1 مليار متر مكعب، بحلول 2050، بالإضافة إلى القدرات المعتبرة لإنتاج الطاقات المتجددة ب9 تيراواط من الطاقة الشمسية للساعة، و35 تيراواط للساعة من الرياح، زيادة على الطاقة الحرارية الأرضية وطبقات المياه الدافئة. تتميز الزراعة الصحراوية في الجزائر بكونها الأفضل من ناحية الإنتاجية، جراء بزوغ الشمس المستمر على المحاصيل ما يقضي على نسبة كبيرة من الأمراض، بحيث تتيح إطلالة الشمس المستمرة في إنتاج البطاطا غير الموسمية بشكل مستمر، إضافة للطماطم والفول السوداني. ونظرا للأهمية الإستراتيجية للزراعة الصحراوية وبعد انتخاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي عول على الفلاحة الصحراوية كرافد استراتيجي لتحقيق الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد، بحيث أعطت الجزائر أهمية بالغة لهذا المجال، بداية بتأسيس وزارة منتدبة لهذا الشأن للعناية بالفلاحة الصحراوية كضرورة إستراتيجية، ليتم تجسيد ديوان تنمية الزراعة الصناعية بالأراضي الصحراوية (ODAS) في سبتمبر 2020، تحت وصاية الوزير المكلف بالفلاحة، والديوان مزود بشباك وحيد للقيام بجميع العمليات الإدارية، ولجنة الخبرة والتقييم التقني التي تتولى دراسة ملفات المرشحين للاستثمار ودعمهم، حيث استقبل الديوان أكثر من 200 ملف عبر الأرضية الرقمية المنوطة باستقبال ملفات المستثمرين، وشرع عشرات الفلاحين في الاستثمار الميداني بعدما تم وضع 500 ألف هكتار تحت تصرف المستثمرين في الميدان، حيث يتكفل الديوان بدعم وتطوير مختلف الزراعات الإستراتيجية، على غرار الحبوب، الذرة والأعلاف، الزراعات الزيتية والسكرية، حيث جاء التركيز على هذه الزراعات لتقليص الاستيراد فيها، وتطوير الاعتماد المحلي على القدرات الوطنية بغية سد العجز، حيث يتعين على المستثمرين في الزراعات الإستراتيجية إنجاز صناعات تحويلية ترافق مشاريعهم الزراعية. بالمقابل، تعمل الجزائر، بموازاة هذا التوجه، على تطوير التعليم والبحث العلمي في ميدان الزراعات الصحراوية، حيث أنشأت الحكومة ثلاث مدارس عليا للتكوين في الزراعة الصحراوية بكل من أدرار، الواديوورقلة، لتغطية 20 ولاية صحراوية، بكفاءات لمرافقة مشاريع هذا التوجه الاستراتيجي، الذي جاء لتطوير الزراعة الغذائية بشكل مستدام، حيث تمثل الصحراء 80٪ من مساحة البلاد، ونجحت فيها عديد الزراعات، على غرار الخضروات، الزيت، السكر، القطن والحبوب وغيرها. في هذا السياق، تعول الجزائر على المنتوجات الفلاحية الصحراوية، لأن تكون أحد روافد التصدير وترقية الصادرات من خلال تصدير التمور والخضروات وغيرها من المنتوجات الفلاحية لترفع من دور الجزائر في السوق الدولية، وتنمي مداخيلها بالعملة الصعبة من الصادرات الفلاحية وتشجع الإنتاج الوطني الزراعي لكي يستطيع، بفضل هذا التوجه المسنود بحوافز عدة، لأن يكون ذا حصة كبيرة في الأسواق على مستوى إفريقيا ومختلف دول العالم.