نحو كبح «جنون» الأسعار واستعادة توازن السوق ديناميكية غير مسبوقة وخيارات متعدّدة الآفاق يرتقب أن تُسجل سوق المركبات بالجزائر ديناميكية تدريجية لم تشهدها منذ أزيد من 3 سنوات، عقب صدور النص التطبيقي الخاص باستيراد المركبات المستعلمة المحدّد لشروط وكيفيات جمركة المركبة ومراقبتها. يُرخص للفرد المقيم، بموجب المرسوم التنفيذي رقم 23-74 الصادر أمس، باقتناء سيارة مستعملة (أقل من 3 سنوات) مرة واحدة كل 3 سنوات، ابتداء من تاريخ التصريح بوضعها للاستهلاك. ويقتصر استيراد سيارات سياحية ونفعية مستعملة، حسب نص المرسوم، فقط، على المركبات الخاصة الكهربائية أو ذات محرك بمكبس وإيقاد شرارة (بنزين) أو هجينة (بنزين وكهرباء)، إلى جانب تحديد جملة من الشروط الواجب توفرها في المركبة وكيفيات مراقبة وجمركتها. في قراءة لهذا النص التطبيقي الذي يسبق الشروع في استيراد سيارات مستعملة أقل من ثلاث سنوات، يقول الخبير في مجال السيارات، أيمن شريط في تصريح ل»الشعب»، إن هذا المرسوم تضمّن تدابير تضع حدا لأخطاء وممارسات سابقة، تخص الإجراءات المعمول به دوليا في مجال أمن وسلامة المركبة، والمراقبة وسد ثغرات أمام تلاعبات حدثت في الماضي. استعادة توازن السوق.. ويُشير شريط إلى أن أهم خطوة تتمثل في بعث نشاط السيارات في السوق المحلية من جديد، بعد ركود دام سنوات، ووضع حد لمضاربة وال»سمسرة» التي رفعت أسعار المركبات بالجزائر إلى مستويات غير معقولة. ويوضح شريط أن المستهلك الجزائري سيكون قريبا أمام خيارين في السوق، «سيارة مستعملة أقل من 3 سنوات مستوردة من قبل الشخص بأمواله الخاصة، وسيارة مستوردة من قبل الوكلاء بعد حصولهم على التراخيص قريبا، وفي مرحلة أخرى يكون أمام ثلاث خيارات بعد الشروع في تصنيع السيارة المحلية». على ضوء ذلك، يُتوقع أن تشهد سوق السيارات بالجزائر، مع حلول السنة المقبلة، - يقول شريط - ديناميكية غير مسبوقة تطبعها منافسة شديدة بين الخيارات المذكورة.. «من يوفر مركبة بأحسن نوعية وأحسن سعر للمستهلك الجزائري، ودون شكّ، سيكون المستفيد الأكبر». وعن مستويات أسعار المركبات المستعملة بأوروبا على سبيل المثال، يقول المتحدث إن صنف المركبات، التي حدّدها المرسوم من حيث التزود بالطاقة (السيارات الكهربائية أو ذات محرك بمكبس وإيقاد شرارة بنزين أو هجينة بنزين وكهرباء) سيارات تعرف مستويات أسعار معقولة. ويواصل: «استيراد سيارات أقل من 3 سنوات لا يُحصر في الدول الأوروبية فقط، بل من أي دولة مصنعة، لكن ما نتخوف منه انتهاز الفرصة من قبل سماسرة في الدول التي نستورد منها، وأيضا مشكل العملة الصعبة بعد ارتفاع الطلب عليها». في السياق ذاته، يتوقّع المتحدث عودة الأسعار إلى وضعها الطبيعي مقارنة مع ما شهدته السوق في آخر سنوات من ركود وارتفاع لأسعار المركبات بفعل العجز الذي تسجّله الجزائر منذ أواخر سنة 2019، ويقول: «هي بادرة خير ينتظر أن تُنعش السوق وتتيح خيارات للمستهلك». وتسجل سوق السيارات في الجزائر، حسب متابعين، عجزا بنحو 600 ألف سيارة أو أكثر، إذا ما اعتبرنا أن معدل استيراد السيارات بالجزائر تراوح في سنوات مضت، قبل تجميد نشاط الوكلاء، وتوقف مصانع التركيب، تراوح بين 200 إلى 300 ألف مركبة. خيارات متعدّدة في الأفق.. في المقابل، عكفت السّلطات العمومية، في آخر سنتين، على تصويب المساعي في ملف السيارات، والعمل على إيجاد حلول وتصورات ناجعة لملف سجل تجاوزات كثيرة في السابق، بداية بمراجعة الأطر التشريعية وتحضير بيئة أعمال محفزة، تخدم السوق المحلية وتحميها، وتستقطب كبار المتعاملين في الوقت ذاته. وهي خطوات تسبق خوض تجربة جديدة على أسس صحيحة في نشاط يكتسي أهمية اقتصادية بالغة، تعتمد عليها اقتصاديات الدول الكبرى، في دعم قدراتها الإنتاجية، سواء في تغطية الطلب المحلي وتحريك سلسلة من الأنشطة الأخرى، وتوفير آلاف مناصب الشغل، أو تعزيزا لموارد التجارة الخارجية. وتشكّل الخطوات المنتظر تجسيدها (بداية باستيراد سيارات أقل من 3 سنوات)، وفق خبراء، مقاربة مدروسة لتسوية جذرية لملف المركبات، تطرح خيارات كثيرة بهدف سد عجز السوق وإحداث توازن بين العرض والطلب، وكبح «جنون» أسعار السيارات المستعملة. وبالحديث عن عودة ديناميكية سوق السيارات بالجزائر، شهد العالم تقلبات كثيرة في السنوات الأخيرة، إثر جائحة كورونا، تضرّرت فيها صناعة السيارات بشكل كبير وسط تنافس شديد بين كبار المصنعين في البحث عن وجهات بديلة وجهات إنتاج بديلة لخفض تكلفة التصنيع. ولقد انخفض الإنتاج العالمي لتصنيع السيارات، حسب ما نقلته تقارير مختصة، بملايين الوحدات سنوات 2020 و2021 و2022 مقارنة مع سنة 2019. ويتوقع تقرير صادر، نهاية السنة المنقضية، عن مركز «CAR-Center Automotive Research» أنه مع حلول عام 2023 ستحدث نهضة في تخفيض أسعار السيارات، بعد أن تسبب التضخم وارتفاع أسعار الطاقة في تقلص شراء سيارات جديدة في السنوات الثلاثة الماضية.