يسافر القارئ عبر صفحات كتاب "تراثيات في حروفيات الخط العربي" من تأليف الخطاط نور الدين كور إلى مدرسة الحروفيات في الجزائر من خلال أعمال فنية تسلط الضوء على علاقة الخط العربي بالتراث الوطني وبالفن التشكيلي بصفة عامة. ويعتبر هذا المؤلف الجديد الصادر عن المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وفي علم الإنسان والتاريخ للجزائر العاصمة أول كتاب على المستوى الوطني يتناول المدرسة الحروفية في الجزائر وفي العالم العربي من الناحيتين النظرية والتطبيقية، وعلاقة فن الخط بالتراث الوطني وبالفن التشكيلي، حسبما أبرزه الفنان نور الدين كور من وهران. وجاء هذا الإصدار الذي يعتبر دعما للمهتمين والدارسين والباحثين في المدرسة الحروفية والفن التشكيلي لتوثيق المواضيع والعناصر المستمدة من التراث الوطني في لوحات فنية تعتمد في أساسها على دمج الخط العربي بالفن البصري بأسلوب فني وبطريقة معاصرة، استنادا للمتحدث. وفي هذا الإطار، يتضمن الكتاب 21 لوحة فنية تتناول مجموعة من التراثيات مسجلة من قبل الجزائر على قوائم اليونسكو كتراث ثقافي لامادي إنساني على غرار "الشدة التلمسانية" و«طبق الكسكسي" و«طقوس احتفالات السبيبة في جانت" و«الفقارات في توات وتديكلت"، وأخرى تخص عادات وتقاليد الجزائر، منها احتفالات يناير في منطقة القبائل والألبسة التقليدية مثل "الحايك" والحلي التقليدية والزرابي والمناظر الطبيعية. وتروي كل لوحة حروفية، التي تعكس ثراء المدرسة الحروفية في الجزائر ورغبة تطوير هذا النوع من الفنون في الجزائر، مواضيع اجتماعية وثقافية ضاربة في عمق تاريخ الوطن، حيث جسد الفنان نور الدين كور بالحرف والخط والألوان العديد من العناصر التراثية الجزائرية التي لها قيمة فنية في إثراء الثقافة الإنسانية، على حد تعبيره. ويشمل الكتاب أيضا لمحات تاريخية عن مختلف أنواع الخط العربي، وأشهر الخطاطين الذين أبدعوا سواء في مختلف أنواع الخطوط، بالإضافة إلى تخصيص حيز لتجربته الفنية في كل خط، وابتكاره لخط "الحر" الذي سماه بعض المهتمين بالحروفية ب "الخط الجزائري"، الذي يعتمد فيه الفنان على حركة الخط ومزجه مع الخطوط المعروفة. للإشارة، يعتبر الفنان نور الدين كور من الأسماء المتألّقة في المدرسة الحروفية، وشارك في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية حول الخط العربي والمنمنمات، وحاز على العديد من الجوائز وأنجز عدة جداريات ومجسّمات ونصب تذكارية، وشارك في حصص تلفزيونية منها "صور وسور" لمؤسسة التلفزيون الجزائري، وله رصيد من الأعمال فاق 1.200 لوحة فنية في الخط العربي.