الاستماع إلى المواطن وحل المشاكل بشكل مباشر انتهى أول اجتماع لمجلس الوزراء، عقب التعديل الحكومي الأخير، بتوجيه بوصلة الجهاز التنفيذي للحكومة نحو الميدان والانتقال إلى "السرعة القصوى" في تجسيد المشاريع وتنفيذ القرارات. يتضح جليا، بحسب ملاحظين، من مضمون بيان اجتماع مجلس الوزراء المنعقد الاثنين المنقضي، أن حكومة الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان مطالبة بالانتقال إلى مرحلة جديدة من العمل، مكملة لأشواط سابقة قطعتها البلاد في مسار إصلاحات هيكلية سُجلت في آخر 3 سنوات، وكان لذلك ثمار وإنجازات في مجالات شتى. ويُفهم من توجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية للحكومة، في مستهل الاجتماع، بخصوص الأداء الحكومي وتقليص الاجتماعات الحكومية إلا للضرورة، الانتقال إلى محطة أخرى من مسار بناء جزائر جديدة، بعدما رُكزت الجهود في السابق على إعادة البناء المؤسساتي وتبني سلسلة من الإصلاحات التشريعية وتغييرات هيكلية قصد تجاوز اختلالات جوهرية. توجيه الجهود إلى الميدان، وفق ما جاء في بيان الاجتماع، أرفق بعبارة "أن الجزائر اليوم، ليست بحاجة إلى سنّ قوانين قد تعكر حياة المواطنين، بل إلى إلغاء بعضها، تجاوزها الزمن"، ما يؤشر على أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة بلوغ مستوى آخر من النتائج المرجو تحقيقها، سواء ما تعلق بتحسين معيشة الجزائريين، أو مخططات ومشاريع إستراتيجية يُراهن عليها من أجل تحصين البلاد داخليا وخارجيا في عالم يعرف أزمة في العلاقات الدولية وتحولات كثيرة وسريعة.. ولتحقيق هذه الغايات، أمر الرئيس تبون وزير الداخلية، تحت إشراف الوزير الأول، بوضع رزنامة زيارات ميدانية، يقوم بها أعضاء الحكومة للولايات، بناء على الأولوية، في التنمية والانشغالات الحيوية اليومية للمواطنين، وفق نص الاجتماع. ومن بين النقاط البارزة في مخرجات الاجتماع، تعزيز التنسيق بين مدير ديوان رئاسة الجمهورية والأمين العام للحكومة للمتابعة الحثيثة لما هو مطلوب من الفريق الحكومي، والتنفيذ الصارم لقرارات مجلس الوزراء، ما يشير إلى سعي السلطات العليا في البلاد لحصد نتائج أنجع. الانتقال إلى سرعة قصوى يرى المحلل السياسي والنائب البرلماني، علي ربيج، في تصريح ل "الشعب"، أن توجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية، في أول اجتماع بعد تعديل حكومي مس قطاعات هامة، تستهدف تحريك ديناميكية حكومية توصل قاطرة الجهاز التنفيذي إلى ما هو مطلوب ومرغوب، وممكن، وتدارك المسائل والمشاريع العالقة في وقت مضى. ويُقصد من إسداء تعليمات عن التنفيذ الصارم لقرارات مجلس الوزراء، ونزول أعضاء الحكومة إلى الميدان وبرمجة زيارات حسب الأولوية، وفق المتحدث، تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع، وتجاوز مستوى من التماطل "قد لا يكون مقصودا وراجعا إلى إجراءات إدارية تعطل مسألة ترجمة القرارات..". وأضاف المتحدث بقوله: "الاستماع إلى المواطن وحل المشاكل بشكل مباشر لتجاوز التأخر في تنفيذ بعض المشاريع، في ملف السيارات مثلا، يتلمس الجزائريون قرارات متخذة من خلال شركات تستعد للاستثمار بالجزائر، لذلك ينتظر أن تكون هناك خطوات جديدة في الميدان". وبحسب المتحدث، مرت الجزائر في آخر 3 سنوات، بمرحلة إصلاحات ومراجعة قوانين مثل الاستثمار، المضاربة، النقابات، الإعلام وأخرى كثيرة، كلها – يضيف - قوانين كان لابد من إعادة مراجعتها لتتكيف مع المرحلة ومواكبة التحديات ومن أجل تجاوز اختلالات عميقة. وفي التوجيهات العامة إلى أعضاء الحكومة، حذر رئيس الجمهورية الوزراء من "إطلاق وعود للمواطنين غير مؤسسة، وضمن آجال غير معقولة وآليات غير مفهومة"، و«الاحترام الصارم للمواطنين والشعور العام، في كل خطوة أو معاملة، كون رضا الشعب هو المقياس الأوحد لحسن الأداء، لبناء جزائر مهابة وقوية". هي توجيهات – يقول ربيج – توحي بضرورة تبني "خطاب الوضوح والشفافية والصراحة تجاه المواطنين، والابتعاد عن تعليق آمال المواطنين بوعود وفقط". وفي سياق مخرجات اجتماع مجلس الوزراء، تضمنت محاور مستعجلة حول الرقمنة والنقل والاستثمارات، منها توجيه الرئيس الحكومة، بالشروع الفوري، في تسريع مسار الرقمنة والإحصاء الدقيق، كنظام عمل قاعدي في كل القطاعات، لاسيّما أملاك الدولة والضرائب والجمارك والميزانية، وإنشاء أرضية رقمية محيّنة، تقدم معطيات ومؤشرات صحيحة، تُفضي إلى اتخاذ القرارات المناسبة، وتحارب البيروقراطية، إلى جانب تسهيل وتيسير الفعل الاستثماري وتشجيع المستثمرين، لاسيما مع الشباك الوحيد.