ناهزت صادرات مجمّع سوناطراك ما قيمته 60 مليار دولار خلال سنة 2022، متجاوزة بذلك التوقعات التي جاءت في بيان السياسة العامة للحكومة، ب 10 مليار دولار، والتي توقّعت بلوغ صادرات الشركة خلال سنة 2022، ما قيمته 50 مليار دولار، بناءً على متوسط سعر يفوق 100 دولار للبرميل، جاء هذا في حصيلة الانجازات لسنة 2022 والتي نشرتها «سوناطراك»، وحسب أرقام الحصيلة، تعتبر «سوناطراك» أوّل مموّن لإيطاليا بالغاز، وثاني مموّن لإسبانيا بالغاز، وثاني مموّن لتركيا بالغاز الطبيعي المسال، وثاني مموّن لليونان بالغاز الطبيعي المسال. تسعى سوناطراك إلى زيادة الإنتاج الأولي من المحروقات بنسبة 2 بالمائة سنوياً، قصد بلوغ مستوى 204.80 مليون طن مكافئ نفطي بحلول سنة 2025، ولأجل ذلك، تمّ التوقيع على أربع اتفاقيات بين المؤسسة الجزائرية للنفط «ALNAPT»، وشركات بترولية، لتكثيف جهود البحث والاستغلال، اعتماداً على التكنولوجيات الحديثة لدعم النمو وزيادة الإنتاج الأولي للمحروقات، وتوّجت هذه الاتفاقيات بمنح رخصتين للاستكشاف في عرض البحر، إحداهما في المنطقة الغربية والثانية في المنطقة الشرقية، كما تمكّنت أنشطة الحفر والتنقيب من إنجاز 22 بئرا عبر أحواض ناضجة، وستة آبار على مستوى أحواض ناشئة وحدودية. وتماشياً مع مسعى استقطاب المستثمرين في المنبع البترولي، قامت ذات المؤسّسة، بإبرام عقد لتقييم القدرة الجيولوجية البترولية في كل من منطقة «ملغيغ»، شمال «بركين» وشمال «واد ميا»، كما تمّ التوقيع على عقد لإنجاز دراسة لاستكشاف قدرات المحروقات لحوض «الحضنة» وحقل «شمال التل الشمالي»، علاوة على استكمال عمليات تطوير الحقول الغازية في «قاسي طويل» باتجاه «رورد النوس» وبداية إرسال النفط الخام من محيط «حاسي بير ركايز» ، فيما يجري العمل حالياً على إتمام تطوير حقل الغاز «تينهرت» باتجاه «أوهانت»، علاوة على إنجاز الخط الرابع لغاز البترول المسال «حاسي مسعود». وسبق للرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، توفيق حكار، أن أوضح في حديث خصّ به النشرية المختصة في المسائل الطاقوية (ميدل ايست ايكونوميك سورفاي)، أنّ الشّركة ستستثمر ما قيمته 40 مليار دولار خلال المخطّط الخماسي للاستثمار الخاص بسوناطراك (2023-2027)، حيث سيتم تخصيص أكثر من 30 مليار دولار للاستكشاف والإنتاج، بهدف الرفع من الإنتاج على المدى القصير والمتوسط، وإعداد حافظة مشاريع مستقبلية، لاسيما فيما يخص الغاز الطبيعي، وينتظر أن تدخل العديد من المشاريع التي هي قيد الإنجاز، الخدمة في السنتين القادمتين، ويتعلق الأمر باستغلال حقول حاسي موينة وحاسي باحمو في الجنوب الغربي، وبحقول ايسارين وتين فويي تبنكوت في الجنوب الشرقي للوطن، كما يرتقب تجسيد مشاريع أخرى في 2023 و2024 ، لاسيما في حاسي الرمل وحمراء وأوهانات وتوات. وبفضل استثمارات المجمّع، أصبحت الجزائر من موردي الغاز الأساسيين في السوق الأوروبية بحصة تفوق 11 بالمائة من واردات أوروبا من الغاز لعدة عقود، حرصت من خلالها سوناطراك على احترام التزاماتها التعاقدية، ما مكّنها من كسب ثقة الشركاء الأوروبيين. وعليه، وبالموازاة مع ارتفاع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، عرفت صادرات الغاز سنة 2021 ارتفاعا معتبرا قدر ب 40 بالمائة (54 بالمائة بالنسبة للغاز الطبيعي و13 بالمائة بالنسبة للغاز الطبيعي المسال) ليصل الإجمالي إلى قرابة 56 مليار متر مكعب، إضافة إلى هذا، تعمل الشركة على اقتحام أسواق أخرى للرفع من صادراتها من الغاز الطبيعي المسال، بالنظر إلى إمكاناتها، وباعتباره تحديا كبيرا نظرا لصعوبة المنافسة في هذه الأسواق التي تنشط فيها كبريات الشركات العالمية التي تمتلك قدرات تصديرية كبيرة، ورغم ذلك، استطاعت سوناطراك في السداسي الأول من 2022 أن تصدر كميات من الغاز الطبيعي المسال في السوق الفورية، مستفيدة من ارتفاع الأسعار التي كانت مستوياتها أعلى بثلاث أو حتى خمس مرات من الأسعار التعاقدية. وتلبيةً للطلب الوطني على المنتجات النفطية، أقرّت سوناطراك إستراتيجية تكتسي طابع الأولوية بهدف الاستغلال الأمثل لأداة التكرير الموجودة لرفع إنتاج الوقود إلى أقصى حد، وعليه سمح برنامج الاستغلال بتحقيق زيادة محسوسة في إنتاج الوقود، ومنه وقف الاستيراد منذ سنة 2021، وضمان التموين بالمواد الطاقوية ورفع مستوى الاستقلالية الوطنية، خاصة ما تعلق بتخزين وقود غاز البترول المميع، قامت الشركة باستكمال أشغال إنجاز مستودعي تخزين الوقود في «سيدي ارسين» بولاية الجزائر العاصمة، وغاز البترول المميع في «أرزيو» بولاية وهران، علاوة على مشروعي إنجاز أنبوبين هامين، الأول لنقل المحروقات، يربط مدينة العلمة بمصفاة سيدي أرسين، والثاني مخصّص لنقل غاز البترول المميع، ويربط المنطقة الصناعية لأرزيو، بالجزائر العاصمة. وفي المقابل، عرفت الصناعة البتروكيماوية نقلة نوعية في «سوناطراك» من خلال إطلاق أشغال إنجاز مركب لإنتاج «ميثيل ثلاثي بيوتيل الأثير»، المستخدم كمادة مضافة لتصنيع البنزين الخالي من الرصاص على مستوى المصافي، ويتربّع المشروع على مساحة 11.4 هكتار بالمنطقة الصناعية لأرزيو، وبقدرة إنتاجية تبلغ مائتي ألف طن سنويا، وسيمكّن المشروع من تلبية احتياجات المصافي من هذه المادة، والاستغناء عن استيرادها، وكذا تحقيق الاكتفاء الذاتي والتوجه نحو التصدير. من جهة أخرى، أعلن بيان السياسة العامة للحكومة عن استكمال التصميم الهندسي للواجهة الأمامية النهائية لمشروع «لاب LAB» (Linéaire Alkyl Benzène)»، وهو المادة الخام الرئيسية لإنتاج المنظفات، في حين تدرس العروض المالية من قبل الشركات المتعاقدة في مجال المشتريات الهندسية والبناء لإنجاز مركب لنزع الهيدروجين من البروبان، وإنتاج متعدّد البروبيلان في آرزيو. وفي قطاع البتروكيماويات دائماً، أطلقت الشركة عدة مشاريع استثمارية، من خلال إنشاء مصنعين للبولي ايثيلان والهيليوم، بالإضافة إلى مركبين للأمونياك واليوريا، تمّ تطويرهما بالشراكة مع كل من مصر وعمان، للمساهمة في جهود التصنيع وتنويع الاقتصاد الوطني، وقد سمحت هذه الإنجازات من رفع قيمة صادرات الجزائر خارج المحروقات إلى حوالي 2 مليار دولار أمريكي في سنة 2021، أي ما يقارب 40 بالمائة من قيمة إجمالي الصادرات خارج المحروقات التي بلغت الخمس مليارات دولار أمريكي في نفس السنة. وقد رصدت سوناطراك أكثر من 7 مليار دولار لمشاريع التكرير والبتروكيمياء وتمييع الغاز، وهي المشاريع التي ستمكن من خلق القيمة المضافة في الجزائر وتعزيز قدراتها في مجال التصدير، كما ستخصّص الشركة مليار دولار لتمويل مشاريع في سياق مساهمتها في الانتقال الطاقوي، ويتعلق الأمر أساسا بمشاريع استرجاع الغاز المحروق على مستوى مواقع الإنتاج ومجمعات الغاز الطبيعي المميع، ومشاريع الطاقة الشمسية بالصفائح الضوئية؛ لتزويد مواقع الإنتاج، وكذا المشاريع النموذجية لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر. يذكر أنّ شركة سوناطراك سبق وأن توّجت باكتشافاتها الثلاثة الجديدة خلال الثلاثي الأول من عام 2022، كأول شركة في العالم العربي، وقد استطاعت بفعل نشاطها المكثف من رفع حجم الإنتاج الأولي التجاري من المحروقات ب 14 بالمائة مع نهاية عام 2021 مقارنة بسنة 2020، وبأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة مع مستوى سنة 1971، كما أنجزت الشركة العديد من المشاريع الاستثمارية الكبرى، مثل مصفاة المكثفات في سكيكدة بطاقة إنتاجية تقدّر ب 5.5 مليون طن السنة، والتي تضاف إلى الخمس مصاف الموجودة حاليا، ليصل إجمالي طاقة التكرير الجزائرية إلى 30 مليون طن في السنة، وهو ما سمح بتلبية الطلب الداخلي المتزايد على المواد البترولية من جهة، ومنه تقليص نسبة الواردات وتصدير الفائض من جهة أخرى.