البياطرة مجندون بالمذابح البلدية والمسالخ العمومية تعرف ظاهرة الذبح العشوائي لأنثى الماشية، انتشارا واسعا في مختلف ربوع الوطن وهو ما يهدد الثروة الحيوانية ورؤوس الماشية في الجزائر، الأمر الذي دفع السلطات المعنية إلى سن قانون يُجرّم ذبحها. ويرى مختصون في المجال، أن القرار سيحمي الثروة الحيوانية ويساهم في استقرار أعدادها. قالت سميرة هدى جعفري، خبيرة مستشارة بكنفدرالية الصناعيين والمنتجين الجزائريين، في طلعة جديدة من ضيف "الشعب"، إن وزارة الفلاحة قدمت مشروع قانون يجرم ذبح أنثى المواشي من النعاج والأبقار، بعد أن تم تسجيل تقارير تؤكد ذبح أنثى الغنم والبقر وهو أمر غير قانوني، مؤكدة أنه سيتم تجنيد بياطرة من أجل مراقبة المذابح الرسمية، داعية إلى التجهيز لمراقبة الأضاحي وضمان صحة المواطنين. في هذا الخصوص، ثمنت المتحدثة القرار، قائلة إن تجريم ذبح أنثى الأنعام قرار مثالي وسيساهم في الحفاظ على الثروة الحيوانية بالجزائر، مشيرة أن أنثى الأنعام هي وحدة إنتاج مهمة وجب الحفاظ عليها وتثمينها بالنظر لأهميتها، مع وضع استثناءات للنعاج التي لا تتوفر عليها الشروط، أين يتم إخراجها من القطيع وتسمينها ومن ثم توجيهها للذبح لتزويد السوق باللحوم. وفيما يتعلق بالذبح العشوائي للأنعام، أوضحت جعفري أن الذبح العشوائي يكون للحوم بجميع أنواعها "الحمراء والبيضاء"، وهو الذبح الذي يتم في الفضاءات والأماكن غير المعتمدة؛ بمعنى آخر الفضاءات والأماكن التي لا تحتوي على اعتماد صحي وغالبا ما تتم عملية الذبح في الأحياء، البيوت والأماكن التي لا تتوفر فيها شروط النظافة ولا مراقبة صحية بيطرية واللحوم تكون بدون أختام صحية للأطباء البياطرة. في هذا الصدد، دعت المتحدثة إلي خلق آلية لضبط ومراقبة عملية ذبح المواشي التي تتم في المذابح غير المعتمدة، خاصة ذبح أنثى المواشي، لاسيما ونحن مقبلون على عيد الأضحى المبارك والأعراس والمناسبات التي تكثر فيها عمليات الذبح العشوائي الذي لا يخضع لمراقبة بيطرية. وأفادت جعفري، بأن الظاهرة تشكل خطرا على صحتنا العمومية، وتتسبب في انتشار عدة أمراض (بكتيرية، فيروسية، فطرية وطفيلية) تنتقل من الحيوان إلى الإنسان كالحمى المالطية، السل، الكيس المائي، وهي جلها أمراض معدية. كما دعت لمراقبة نقاط بيع الأضاحي، مراقبة عملية الذبح التي تتم خارج المذابح غير المعتمدة، مفيدة أن بيع وذبح الأنثى لابد أن يكون برخصة صحية بيطرية. وبالنسبة لمشروع إنشاء الوكالة الوطنية للصحة الواحدة والمحافظة على الثروة الحيوانية، أوضحت بأنها وكالة وطنية تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية، مكونة من ممثلين عن كل الوزارات والجهات المعنية والخبراء ذوي الكفاءات لتجسيد الأمن الصحي والمحافظة على الثروة الحيوانية لتحقيق اكتفائنا الذاتي وبالتالي ضمان أمننا الغذائي الذي سيعزز سيادتنا الوطنية الغذائية. ولفتت إلى إنشاء أن هذه الوكالة أصبحت ضرورة حتمية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الجزائر وكذلك لدراسة الشعب الإستراتيجية (الألبان، اللحوم الحمراء، البيضاء والثروة السمكية) والأعلاف، بالإضافة إلى الصناعة التحويلية مع إيجاد الحلول برؤية استشرافية ومحددة برزنامة دقيقة مع اعتماد الرقمنة الصحيحة، تنظيم المهنة بإنشاء مجالس مهنية، تعاونيات فلاحية وجمعيات، بالإضافة إلى إنشاء المزارع النموذجية التي تعمل بطرق وتقنيات ووسائل حديثة مع مرافقة البحث العلمي والتكوين المستمر للمربين والإطارات. من جهته، أكد رئيس الجمعية الوطنية للأطباء البيطريين الجزائريين محمد الأمين نشار، بأن الجمعية رحبت بمشروع قرار تجريم ذبح أنثى الأنعام، وأشار إلى انه يهدف لاستعادة الثروة الحيوانية وتنميتها، مفيدا بأن تشديد الرقابة على أسواق الماشية سيقطع الطريق على المتلاعبين في هذا المجال. وأوضح رئيس الجمعية الوطنية للأطباء البيطريين الجزائريين، خلال نزوله ضيفا على "الشعب"، أن قرار استحداث قانون يجرم ذبح أنثى الماشية والذبح العشوائي لابد أن يرافق باستثناءات لحماية الطبيب البيطري، خاصة وأن هذا الأخير هو الشخص الممارس على مستوى المذابح. ودعا المتحدث الوزارة المعنية لإشراك الطبيب البيطري في مجمل القرارات التي تتخذها، بما فيها قرار تجريم ذبح أنثى الأنعام والذبح العشوائي للماشية وتنظيم مهنة البيطرة في الجزائر، واقترح نشار آليتين لمنع ذبح أنثى الماشية خلال عيد الأضحى، أولاهما منع دخول أنثى الأنعام أسواق بيع الماشية، أما الثانية فتتمثل في منع وسائل نقل أنثى الماشية في الطريق خلال فترة ما قبل عيد الأضحى للحد نوعا ما من الظاهرة. وبخصوص الذبح العشوائي للماشية، دعا ضيف "الشعب" إلى ردع المخالفين، لاسيما منهم أصحاب المذابح العشوائية لما لهذا الفعل من أضرار على سلسلة التكاثر، مشيرا إلى أن الأطباء البياطرة مجندون على مستوى المذابح البلدية والمسالخ العمومية من أجل منع أي خروقات في هذا المجال، مشددا على ضرورة تضافر جهود مختلف المصالح للحد منها وهو ما سيكون في القريب العاجل محل مخرجات ردعية. وأشار إلى أن الطبيب البيطري الممارس على مستوى القطاع العمومي، لا يمكنه التدخل في أي منطقة، سواء في الأسواق أو في المذابح غير المرخصة، باعتباره لا يملك سلطة الضبطية القضائية للطبيب التي تتيح له التدخل وتمنحه الحماية اللازمة. واقترح محمد الأمين نشار، أن يتم المساهمة مع الموالين في عدم بيع الأنثى من خلال دعمهم بالأعلاف من جهة ومن جهة أخرى تفعيل حملات تحسيسية وطنية للحد من الظاهرة. وأبرز في هذا الخصوص، أنه من بين الأسباب، ارتفاع أسعار الخرفان والعجول (ذكور)، وارتفاع أسعار الأعلاف، مع تخلي أبناء الموالين عن نشاط تربية الأغنام لعدم مردوديتها المادية، بالإضافة إلى الجفاف.